ورثت الموهبة عن والدها وقرّرت تخليدها في «يقنّد الراس»

فاطمة تحوّل الشاي إلى أسلوب حياة بمذاق خـــــاص

صورة

تعلمت فاطمة أحمد من والدها حب الشاي، وعرفت أسراره ونكهاته، واحترفت عمل خلطاته بطريقة احترافية، وكرّست حياتها في ابتكار مذاقات جديدة للشاي، فتحولت حياتها إلى دلة شاي كبيرة، وبعد ذياع صيتها بين الأهل والأصدقاء، ألح عليها الجميع لتحويل هوايتها إلى مشروع تجاري، حتى يستطيعوا الاستمتاع بما تقدمه من نكهات شاي مميزة تناسب الأوقات كافة، وبعد تفكير عميق قررت افتتاح مشروع «يقنّد الراس» لمنتجات الشاي، ليكون أول منتج شاي في الدولة يحمل علامة تجارية محلية.

وقالت إن الشاي في عائلتها أسلوب حياة، موضحة أن والدها علمها تذوق أجود أنواع الشاي التي يخلطها بنفسه منذ الصغر، وبعد وفاته ورثت عنه موهبة عمل خلطات الشاي، وبلورتها في مشروع تجاري يخلّد هذه الموهبة.

«يقنّد الراس»

قالت صاحبة مشروع «يقند الراس» لمنتجات الشاي، فاطمة أحمد، إنها اختارت الكلمة التي كان يرددها والدها دائماً بعد شرب الشاي «يقند الراس»، بمعنى أنه يحسّن المزاج، موضحة «أردت أن أستخدم كلمة والدي، وإحدى الجمل التي نستخدمها في ثقافتنا الشعبية لوصف الشاي والقهوة».


جدول شاي

تضع صاحبة مشروع «يقند الراس»، فاطمة أحمد، جدولاً لشرب الشاي في المنزل، وفي كل توقيت تختار نوعاً معيناً من الشاي لتحسين المزاج بشكل تام، دون الإخلال بنظامها الغذائي.

وأوضحت أنها تشرب الشاي الأحمر في الصباح من نوع «إيرل جري»، بعد الفطور، وفي الضحى تشرب القهوة أو الشاي الأخضر، وبعد الغداء تتجه إلى شاي العائلة، وفي الخامسة مساء تشرب الشاي مع الحليب (كرك)، وتختم يومها بعد العشاء بشاي العائلة كذلك.

وقالت: «لابد أن ينتهي يومي بالشاي، لكي أحس بأن يومي طبيعي، خصوصاً أنني لا أشرب كوباً صغيراً، بل معتادة على شرب كوب كبير من الشاي، وأستعيض بأنواع معينة من الشاي في رمضان، بدلاً من الماء معظم الوقت».

وروت فاطمة أحمد، لـ«الإمارات اليوم» قصة تأسيس مشروع «يقنّد الراس» لمنتجات الشاي، قائلة «منذ كنا صغاراً ونحن لا نشرب أنواع الشاي العادية التي تباع في المحال، بل كنا دائماً نعتمد على نوع شاي خاص يخلطه والدي بنفسه في المنزل، حيث يمزج أنواعاً من الشاي الأحمر والمعطر بنسب محددة»، موضحة أن والدها كان يختار أنواع الشاي بعناية من داخل الدولة وخارجها قبل وضعها في خلطته المشهورة.

وأضافت أنها الوحيدة من بين أشقائها التي كانت تحب هذه الهواية، وتذهب مع والدها إلى محال بيع الشاي القديمة في دبي، وعندما يسافرون خارج الدولة، كانت ترافق والدها إلى متاجر الشاي المتنوعة، وعلى الرغم من صغر سنها، كانت شغوفة بمعرفة أسرار الشاي، وكيفية اختيار أجود الأنواع من رائحته، وكان والدها يروي شغفها بمعلومات مثيرة عن أجود أنواع الشاي وفائدته.

وأكملت أحمد «كنا نعود معاً إلى المنزل ليبدأ والدي عمل التجارب لتسعة أنواع من الشاي، يشتريها من خمس دول عربية وأوروبية وآسيوية، ويبدأ عملية الخلط بيديه، ليفرق بين حبات الشاي القصيرة والطويلة حتى يصل إلى أفضل نكهة»، موضحة أن والدها كان دائماً حريصاً على تعليمها الصنعة التي في يديه، لتستكمل الطريق من بعده.

وأوضحت أنها بالفعل كانت تؤدي دور والدها عندما ينشغل في عمله، وتشتري الأنواع التي يختارها، وتخلط الشاي بنفسها، مضيفة «أحب الشاي منذ كنت في المرحلة الابتدائية، وأشربه دائماً في أوقات معينة من اليوم، ولابد أن يكون الشاي ختاماً لكل وجبة، وأهم مشروب في الزيارات العائلية».

وتابعت أن والدها كان يعد خلطات الشاي المميزة، ويهاديها للأقارب والأصدقاء الذين كانوا يتلقونها بلهفة، مضيفة: «عماتي وخالاتي والأصدقاء باتوا يتصلون دوماً للحصول على حصتهم الشهرية من خلطات الشاي المميزة، خصوصاً أنها غير متوافرة في أي مكان آخر».

وذكرت أن والدها توفي منذ عامين، ولم ترد لإرثه أن يدفن معه، لذا أخذت على عاتقها مهمة استكمال ما بدأه، وراحت تعد الشاي بنفسها في المنزل، متابعة: «لم أكتفِ بالحفاظ على أرث أبي، وفكرت في إنشاء اسم تجاري خاص بي، وبالشاي الذي أعده بنفسي»، مضيفة أنها قضت العام الماضي كله تنتقي أنواع الشاي، وتعد خلطات جديدة خاصة بها، قبل الإعلان عن بدء مشروعها في مايو الماضي.

وأشارت أحمد إلى أنها في تلك الفترة كانت تجرب خلطاتها على أقاربها عندما يزورونها لتعرف آراءهم، ثم بدأت تتعرف إلى آراء صديقاتها في جامعة زايد، حيث تدرس علوم البيئة والطاقة المستدامة، وماذا يمكن أن تضيف إلى الخلطات للوصول إلى أفضل نكهة، وذاع صيتها في الجامعة ما دفع إحدى معلماتها في الجامعة، (ألمانية الجنسية)، إلى أن تطلب منها كمية كبيرة من الشاي الذي تعده، لأنها لم تجد مثله في السوق، موضحة أنها توصلت إلى ثلاث خلطات خاصة بها، وبدأت مشروعها الخاص «يقنّد الراس» بالخلطة التي كان يعدها والدها.

وأضافت «أحد دوافعي للبدء في مشروع الشاي، أنني أردت أن أطوّر منتج شاي خاص بالإمارات، كما تفعل بقية الدول، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الإماراتيين يحبون شرب الشاي في مواعيد معينة وفي المناسبات»، موضحة أن هذه المنتجات ستحمل اسم الإمارات للعالم.

وأكملت أنها تريد افتتاح محل للشاي في القرية العالمية العام الجاري، خصوصاً أنها واجهت وقتاً صعباً في آخر مرة زارتها، عندما أرادت تناول كوب من الشاي بعد وجبة العشاء، ولم تجد سوى نوع واحد فقط، ولا يحسّن المزاج.

وأوضحت فاطمة «واجهت صعوبة في بداية مشروعي العام الماضي في الحصول على موردين متميزين للشاي، خصوصاً أنه لابد أن تكون لأوراق الشاي رائحة نفاذة وطعم قوي، لتنسجم الأنواع التسعة التي أخلطها مع بعضها، في العلبة التي يبلغ وزنها 15 غراماً»، مضيفة أنها لم ترد أن يتوقف موردوها عن تزويدها بالشاي بعد أن تبدأ، لذا كان لابد أن تتأكد من كل شيء.

وأشارت إلى أن الشاي ينبغي تحضيره بطريقة معينة، وإلا فقد رائحته وطعمه المتميز، أي أنه لابد من غلي الماء، ومن ثم سكبه في إبريق الشاي (الدلة) مع كمية معينة من الشاي ويترك فترة من 10 إلى 15 دقيقة حتى يصبح لونه داكناً، وبطعم مركز قبل تناوله، مضيفة: «والدتي تحبه خفيفاً، لذا أسكبه لها بعد مرور 10 دقائق، وأشقائي بعد مرور 15 دقيقة، في حين أنني أحب تناوله بعد 20 دقيقة».

وأضافت أنها تخطط مستقبلاً لافتتاح محلها الخاص في القرية العالمية، ومحلاً آخر في جامعة زايد، لتتمكن من إضافة نكهتها الخاصة لزميلاتها في الجامعة، وليتمكنَّ من تجربتها، كما أنها ستضيف ثلاث نكهات جديدة قريباً على مجموعة الشاي التي تعدها.

تويتر