هجر العزبة وتخلّى عن الشِّعر وتخصص فــــــــــي العطور

«اليافعي» مغــــــامر يبحث عن أسرار «دهن العود» في أحراش الهند

صورة

وقع خالد اليافعي في حب دهن العود في سن الـ20، اندفاع الشباب قاده للبحث عنه في كل مكان، وأخيراً وجد ضالته في إقليم آسام بالهند، موطن دهن العود، حيث التقى كبار السن الذين يملكون أسرار العود، ما جعله يزداد شغفاً بالتعرف على أهم مميزات العود، معتمداً على ذاته متسلحاً بتعاليم والده، وبدأ المغامرة في أحراش الهند بحثاً عن العود، ونجح في الوصول إليه وعرف أسراره، وافتتح مصنعاً في آسام لإنتاج دهن العود باسم «رويال لافندر للعطور».

وروى اليافعي لـ«الإمارات اليوم» قصة تأسيس «رويال لافندر للعطور» قائلاً إنه «في عام 2000، عندما كان يبلغ من العمر 20 عاماً، قرر دخول معترك التجارة في مسقط رأسه مدينة العين، ولما لا وعائلته متخصصة في مجالين اثنين الشِّعر والتجارة، يجيدون تحويل الكلمات إلى قوافٍ وأبيات، كما يجيدون لغة المال والبيع والشراء».

وقال إنه منذ طفولته كان يعلم أن عليه الاختيار بين الشعر والتجارة، وعلى الرغم من إجادته اللعب بالكلمات إلا أنه اختار المجال الثاني، خصوصاً أن التجارة تستهويه ومن خلالها يستطيع تحقيق كل ما يصبو إليه من أحلام.

خط السفر

قال صاحب شركة «رويال لافندر للعطور»، خالد اليافعي، إنه يسافر نحو ست مرّات سنوياً إلى إقليم آسام في الهند، ليطّلع على سير العمل في المصنع، وفي كل مرة يسلك خط سير طويل للوصول إلى القرية، وتبدأ رحلته من دبي إلى نيودلهي، في رحلة تستمر نحو أربع ساعات، ويبقى في المطار نحو ثماني ساعات، إلى أن تبدأ رحلته في الطيران الداخلي إلى مدينة جواهاتي في ولاية آسام، لمدة أربع ساعات، ورحلة أخرى بالسيارة تستغرق من ست إلى 14 ساعة حسب حالة الطرق، إلى أن يصل إلى القرية الصغيرة التي يقع فيها مصنعه.

وأضاف أنه قرر افتتاح شركة متخصصة في تجارة مستحضرات التجميل والعطور، وتوجه إلى والده ليحصل على الموافقة والدعم اللازم لبدء مشروعه، متابعاً أنه أراد من والده أن يدله على الطريق الصحيح لبدء تجارته، إلا أن الرد الذي جاء منه كان يتعلق بكونه الابن الأكبر، وعليه مسؤولية رعاية المزرعة (العزبة)، التي لا تتناسب مع تجارة مستحضرات التجميل.

وتابع اليافعي «أصابني رد والدي بصدمة، خصوصاً أنني كنت جهزت مكتباً خاصاً للمشروع، واجتمعت مع عدد من الشركات المتخصصة في المستحضرات التجميلية، ومن بينها شركة عربية، وخشيت من ضياع الفرصة، لذا استكملت الاجتماعات للحصول على وكالة، وكانت المشكلة التي تواجهني قلة خبرتي في مجال العطور الذي يحتاج إلى خبرة طويلة».

وأوضح أنه بدأ البحث والاطلاع على كل ما يخص العطور والزيوت، وبدأ أولى خطواته العملية بمزج خليط من الزيوت العطرية في مكتبه الخاص، في خطوة نحو تحقيق حلمه، مضيفاً «لم يكن أمامي سوى الاعتماد على نفسي بشكل كامل وتسويق منتجاتي التي أعدّها بنفسي».

وذكر اليافعي أنه أراد في 2001 المشاركة في أحد المعارض بالعين، وفي ذلك الوقت كانت المعارض محصورة في عدد معين من الشركات الكبرى، وتحاور مع منظمي المعرض، وطلب المشاركة بمنتجاته الخاصة، ورد عليه مسؤول المعرض «ماذا لديك؟»، وعلى الرغم من قسوة الرد إلا أنه تمسك بحلمه، وحاول إقناعه بالموافقة وشرح له طريقة تحضير العطور، وأبلغه بأنه متعاقد مع شركة فرنسية للعطور، ونجح في انتزاع الموافقة منه.

وأكد اليافعي «والدي عوّدنا منذ الصغر على العمل وتحمّل المسؤولية، لذا بدأت العمل بنفسي ولم أنتظر التعاطف من أحد، وبدأت التفكير في أسلوب جديد لعرض المنتجات في المعرض، واستقررت على تزيين الجناح بطريقة لافتة للأنظار، ما دفع المسؤول عن المعرض أن يطلب مني المشاركة في المعرض من دون رسوم سنوياً».

وأشار إلى أنه في تلك الفترة بدأ استيراد العود، واكتسب ثقة عدد من المشترين، فعقد العزم على إعادة العصر الذهبي للعود، من خلال جلب أفخم أنواع العود، وسافر إلى الهند متوجهاً إلى ولاية آسام المشهورة بغابات العود المميز.

وأكمل «تعرفت إلى السكان الأصليين في الولاية، وحاولت التقرب من عاداتهم وتقاليدهم، ومعرفة أسرار العود، كنت أبحث عن أفضل الطرق للحصول على دهن العود الأصلي المعتق»، مضيفاً أنه كان يزور كل منزل في القرية الصغيرة الواقعة في غابات العود، يسألهم عن دهن العود، وكانوا دائماً يقابلونه بالترحاب، ويعرضون عليه زجاجات متوارثة لديهم من دهن العود الخالص، ويرفضون بيعها.

وأضاف أنه تحدث مع أكثر من عائلة في تلك القرية، وزار عدداً كبيراً من أهلها، حتى التقى أحد السكان، الذي عرض عليه دهن العود الخاص بأجداده، مضيفاً «عرضت عليه شراءه، لكن رده كان غريباً إذ قال (في قريتنا، نتوارث دهن العود الخالص من جيل إلى آخر، وقد يكون عمره أكثر من 20 عاماً، ولأننا أسر فقيرة، نحتفظ بدهن العود للأجيال المقبلة، لتستفيد منه لذا لا نبيعه أبداً)، وأعطاني كمية قليلة من دون مقابل».

وأشار إلى أنه بعد فترة من الزمن عاد إلى آسام مرة أخرى، ليعرف أكثر عن العود بكل أنواعه، وطلب من الرجل نفسه أن يعلمه الصنعة ليتمكن من العمل معهم، مضيفاً «أخبرني عن مصنع قديم موجود في القرية، كانت تعمل فيه إحدى الشركات الكبيرة المصنّعة للعود، وتوقف أخيراً، فقررت شراءه وقطعة الأرض التي حوله، لأبدأ تجارتي في 2014».

وأوضح أنه عمل على تحديث المصنع، واستخدام الطرق الحديثة في نحت وتنظيف العود واستخراج دهنه، موضحاً «تعلمت كيف أنحت الشجرة بنفسي، وجلست مع المتخصصين ساعات عدة حتى أتمكن من معرفة مميزات العود، وأتمكن من التمييز بين أنواعه، خصوصاً أن رائحة العود تختلف بحسب الإقليم الذي يأتي منه».

وأضاف اليافعي أنه سيفتتح قريباً محلاً خاصاً بدهن العود الذي ينتجه، إضافة إلى عدد من العطور التي يطوّرها بنفسه، وسيحمل اسم «رويال لافندر للعطور» وهو اسم شركته الحالية المتخصصة في تجارة الأنواع النادرة من العود.

تويتر