المستشار الأسري

يشكو زوج من قسوة زوجته في التعامل مع أبنائهما، ومن خشونة أسلوبها التربوي، فماذا يفعل؟

يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

إن فهم هذه المعادلة النفسية، وتحليل أبعادها، ومعرفة دوافعها، تحتاج إلى أن نوضح أبعاد هذه الشخصية، واختلافها عن أنماط الشخصيات الأخرى في تعاملها مع الأبناء، فهناك شخصية منطقية، وأخرى عاطفية، وشخصية مفرطة في المنطق أو العاطفة، وشخصية متزنة بين المنطق والعاطفة.

فأما عن الشخصية المنطقية، الراجحة في العقلانية على العاطفية، فتمتاز بالحجة، وتتعامل بالعدل، وهي قاسية في التعامل، شديدة في التوجيه، تعاقب الأبناء على حسب حجم الخطأ، وتُظهر القوة من خلال ألفاظها وردة فعلها بحسب طبيعة شخصيتها، إيجابية في الترويض والتربية وتقويم السلوك. وأما المفرطة منها، فهي شخصية قاسية، تبالغ في الحرمان، وتكثر من العقوبة، وتطغى في التعامل، وتقدم الشدة وتلتزم بالغلظة، وقد ينشأ لدى أبنائها الخوف أو النفور أو الكراهية منها.

وأما الشخصية العاطفية، فهي سمحة في الحب، كريمة التسامح، تتجاوز عن أخطاء أبنائها، وتتغافل عن زلاتهم، وتترك لهم الحرية في بناء ذواتهم وصناعة قراراتهم، ولا تستطيع المكوث طويلاً من دون مسامحتهم، وإن كبر الجرم، فسريعاً ما تغض الطرف عنهم، خصوصاً عندما يتعامل الابن معها بالعاطفة.

إذا أحبت، أحبت بالعاطفة، ولكن تظهر السلبية منها من خلال عاطفتها المفرطة التي تسبب الظلم للأبناء بين من يستحق التسامح أو العقوبة.

وإذا كرهت أحدهم، فالكراهية تمكث في قلبها وتؤثر في نفسيتها وقراراتها. وإن فقدت هيبتها في بيتها، أو سيطرتها على التربية، يظهر صوتها المرتفع، وتبدو غير متزنة في السلوك أو المنطق أو المشاعر، لا تفرق بين الأخطاء الكبيرة والصغيرة، والأخطاء التي يمكن أن تتغافل عنها وتلك التي يجب أن تؤخذ بجدية وحزم، تتساوى عندها الأخطاء المتعمدة والعفوية.

أما الشخصية المتزنة بين المنطق والعاطفة، فهي إيجابية في تعاملها مع أخطاء أبنائها، تستطيع أن تستخدم المنطق والعاطفة بحسب المواقف، تتعامل مع أبنائها بالحزم والحكمة، تحبس عاطفتها أمام المنطق، وتظهر العاطفة أمام قوة المنطق، طيبة المعدن، كريمة الخصال، راقية التعامل، ذكية الخُلق، عاقلة التصرف، سمحة المشاعر، سخية الحب، حازمة بلطف، دقيقة التعامل، صقلتها الأيام وروضتها التجارب، فهي أم ناجحة، مربية وصانعة أبطال، يتخرج في مدرستها التربوية العباقرة والعلماء والقادة.

المستشار الأسري

تويتر