مزارعون مواطنون يعانون منافسة المنتجات المستوردة.. ومطالب بتأسيس «تعاونية» لهم
15 ألف بيت للزراعة المحميـــــة تحقق الاكتفاء الذاتي من الخضــراوات
أكد مسؤولون حكوميون وخبراء زراعيون أن «الدولة تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل الزراعية الغذائية، خصوصاً من الخضراوات (بطاطا، طماطم، خيار، كوسة، باذنجان، بامية، خس، وغيرها)، لفترة تصل إلى ستة أشهر سنوياً، من خلال إدارة مزارعين مواطنين نحو 15 ألف بيت زراعة محمية».
وقال مزارعون لـ«الإمارات اليوم»، إن «الجهات الحكومية المعنية، على رأسها وزارة البيئة والمياه، يمكنها تعزيز تلك المهنة من خلال اتخاذ حزمة من التدابير لدعم المنتج الوطني في مواجهة الإغراق الخارجي من منتجات مماثلة تباع بأسعار أقل من نظيرتها المحلية».
|
خسائر موسمية قال المواطن محمد الكتبي، الذي يمتلك مزرعة في منطقة الحوية في إمارة الشارقة، إنه يسدد في موسم الزراعة نحو 32 ألف درهم عبارة عن أجور للعمالة، إضافة إلى نحو 24 ألف درهم فواتير استهلاك الكهرباء، التي تغيرت شريحة المحاسبة فيها أخيراً من زراعية مدعومة إلى تجارية، وفي النهاية تأتي منتجات منافسة من دول مجاورة تغرق أسعار المحاصيل المحلية، وتكبدهم خسائر قاسية. واعتبر الكتبي أن تأسيس جمعية تعاونية زراعية على المستوى الاتحادي، يساعد المزارعين على تسويق منتجاتهم بلا رسوم أو تكاليف إضافية من شأنه أن يقلص تحديات المزارعين، ويخفف عنهم الأعباء المالية الإضافية التي يتكبدونها، وتحول دون تحمّلهم الخسائر الموسمية. إرشاد زراعي توفر وزارة البيئة والمياه دعماً مالياً وإرشادياً للمزارعين المواطنين، يتمثل في بذور وأسمدة وبرامج توعية وإرشاد، فضلاً عن توزيع مئات البيوت المحمية المبردة على المزارعين، مزودة بتقنيات حديثة للزراعة المائية منذ ما يزيد على خمسة أعوام مضت، بهدف تعزيز الأمن الغذائي المحلي والمحافظة على الخريطة المائية للدولة، حسب بيانات الوزارة. ووفق الوزارة، فإن الزراعة المائية تحتوي على فوائد عدة تؤدي إلى كفاءة ترشيد استهلاك المياه، من خلال تلك البيوت المحمية، إذ تعد الزراعة المائية من أكفأ الطرق المستخدمة لحل مشكلات جودة التربة.
|
فيما أكد وكيل وزارة البيئة والمياه المساعد لقطاع الشؤون الزراعية والحيوانية، عبدالرحيم الحمادي، أن الوزارة لا تدخر جهداً في سبيل تنمية مجتمع المزارعين، مثل تأمين مدخلات الإنتاج بأسعار تفضيلية للمشاركين منهم في مبادرات الوزارة، مثل (مبادرة إنتاجنا)، إضافة إلى الارشاد الزراعي والتوعية على مستوى المزرعة، وصولاً إلى مساعدة المزارعين على تسويق منتجاتهم الزراعية.
وقال الحمادي لـ«الإمارات اليوم»، إن الوزارة تشجع المزارعين على تأسيس جمعيات تعاونية بهدف تعزيز واستدامة الإنتاج المحلي والمحافظة على الموارد الزراعية واستغلالها بطريقة مثلى، وفي هذا المجال تم إشهار تأسيس جمعية رأس الخيمة الزراعية عام 2010، التي تهدف إلى تنمية روح التعاون بين المزارعين وتحسين ظروف الإنتاج والتسويق، كما تشجع المزارعين المواطنين على تأسيس جمعيات زراعية تسهم في تحسين ظروفهم الاقتصادية والبيئية.
وأضاف أن الوزارة تجري كذلك تنسيقاً مشتركاً بين الجمعية والجهات التسويقية الأخرى، مثل الجمعيات التعاونية لتسويق منتجات المزارعين في إطار استراتيجية الوزارة لتعزيز سلامة الغذاء واستدامة الانتاج المحلي، وحرصاً على دعم وتنمية مجتمع المزارعين والترويج لمنتجاتهم، إذ وقّعت الوزارة أخيراً مذكرة تفاهم مع جمعية الاتحاد التعاونية ومجموعة اللولو بهدف تعزيز وتسويق المنتجات الزراعية المحلية، والذي يهدف إلى ايجاد أسواق نوعية للمزارعين وتوفير منتجات متنوعة وبجودة عالية للمستهلك.
واعتبر أن توقيع مثل هذه المذكرات يعكس مدى حرص الوزارة على تعزيز التعاون المشترك مع الشركاء الاستراتيجيين، وتنسيقاً للجهود الرامية إلى دعم المزارعين المواطنين العاملين في القطاع الزراعي للنهوض بهذا القطاع ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم الزراعية ذات الجودة المميزة بما يحقق مردوداً اقتصادياً مناسباً للمزارع، وينعكس على صحة الأفراد وصولاً الى ضمان بيئة مستدامة لحياة الأجيال الحالية والمستقبلية.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية رأس الخيمة الزراعية، (الجمعية التعاونية الوحيدة في الدولة المعنية بأمور المزارعين)، عبدالله خلفان المحرزي، وجود تحديات كثيرة يواجهها المزارعون الإماراتيون على مستوى المناطق الجغرافية في الدولة، تتعلق بدعم مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة، مروراً بآليات محاربة الآفات الزراعية، وصولاً إلى ضعف خطط تسويق المنتجات الزراعية الوطنية، وحمايتها من الإغراق لمنتجات مماثلة تأتي من خارج الدولة بأسعار أقل.
وقال المحرزي إن الدولة تستطيع أن تحقق اكتفاء ذاتياً موسمياً من المحاصيل الزراعية، خصوصاً خلال موسم الزراعة الشتوي، الذي يمتد نحو ستة أشهر، لاسيما أن المزارعين المواطنين يديرون نحو 15 ألف بيت محمي لأغراض الزراعة، وهي أعداد كافية جداً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل ذات الطلب المرتفع من المستهلكين. وشرح المحرزي الإشكالية الرئيسة التي يواجهها المزارع المواطن التي تبدأ من موسم الحصاد ولا تنتهي بانتهائه، قائلاً: «يقف المزارع في مواجهة تحديات عدة، أبرزها المنتجات المماثلة الواردة من الخارج، التي تباع بأسعار أقل من أسعار نظيرتها المحلية، ما يجعل المزارع المواطن مضطراً إلى بيع محاصيله بأسعار زهيدة لا تغطي تكاليف التشغيل».
وتابع أن المزارع المواطن يعاني عدم اكتراث مؤسسات وطنية لتسويق المنتجات، مثل الجمعيات التعاونية ومراكز التسوق، ويحاول المزارع البحث عن وسيلة تضمن له تسويق منتجاته وتعوض عليه الخسائر، لكنه يقف وحيداً في مواجهة أنواع من الرسوم تفرضها تلك الجمعيات على المنتجات، ما يزيد من تضييق الخناق عليه.
وحسب مزارعين، فإن «أسواق الإمارات تشهد في مواسم الإنتاج المحلي للمحاصيل الزراعية، توريد محاصيل مماثلة من دول مجاورة بأسعار تقل كثيراً عن نظيرتها المحلية، ما يتسبب في إغراق المنتجات الوطنية، ويضر بالمزارعين المواطنين، الذين يتكبدون تكاليف تشغيل باهظة، ويسددون فواتير كهرباء وأجور الأيدي العاملة، ما يجعل منتجاتهم غير قادرة على المنافسة، ويضطرهم إلى التخلص من منتجاتهم بدلاً من الخسارة».
وأضافوا أن «الدعم الحكومي للمواطن الذي يمتهن الزراعة شهد تراجعاً خلال الأعوام الماضية في ما يتعلق بالمبيدات والأسمدة ومعدات الحراثة وغيرها، لاسيما أن معظم المزارعين المواطنين ليسوا من أصحاب الوظائف الحكومية، ولا يدرون دخلاً لأسرهم إلا من حصيلة تلك المزارع»، لافتين إلى أنها مهنة توارثوها عن آبائهم، الذين حصلوا على دعم حكومي كبير في السابق.
وأبلغ المزارعون «الإمارات اليوم»، بأنهم يتكبدون خسائر كبيرة في موسم الزراعة الشتوي، الذي يشهد زراعة محاصيل مثل الخيار والطماطم والكوسة والباذنجان والبامية وغيرها، تصل إلى عشرات الآلاف من الدراهم، عبارة عن رواتب للأيدي العاملة في مزارعهم، وفواتير استهلاك التيار الكهربائي، وغير ذلك من مساهمات مالية يدفعونها لقاء الحصول على البذور والأسمدة وغيرها.
إلى ذلك، قال المزارع راشد مهير، إن «بعض التجارب المجاورة في دول خليجية لجمعيات تعاونية زراعية أفرزت نتائج طيبة في حماية مصالح المزارعين، كما أن تلك الجمعيات لم تكتف بتسويق منتجات المزارعين في أسواق تلك الدول فقط، وإنما استطاعت أن تعاونهم على تصدير محاصيلهم إلى الخارج».
وأضاف أن «المواطن الذي يمتهن الزراعة ليس لديه أي دخل من وظيفة في القطاع الحكومي أو الخاص، وتالياً فإن المزارعين أولى بالتشجيع والرعاية من قبل الحكومة، كما أن هناك ميزة تنافسية جيدة جداً بالنسبة للمزارعين الإماراتيين، تتمثل في الالتزام المطلق بالتعليمات والاشتراطات التي تضعها وزارة البيئة والمياه على المبيدات، فتجعل محاصيلنا الزراعية قادرة على المنافسة بقوة في أسواق تضع الجودة على رأس أولوياتها».
وطالب المواطن سعيد السويدي، الذي يملك ويدير مزرعة تجارية، بـ«حماية مصالح المزارعين وقطاع الزراعة المحلي في مرحلة ما بعد الإنتاج والحصاد، إذ يتضرر المزارع المواطن جراء الواردات الكثيفة والرخيصة للمنتجات المنافسة، كما يتأثر بمتغيرات عدة تطرأ على مرحلة ما بعد الإنتاج، على غرار الرسوم التي تفرضها جمعيات تعاونية على المزارعين لتسويق منتجاتهم».
وأضاف أن «الجمعية التعاونية للمزارعين إذا ما تم إنشاؤها ستوفر على المزارعين تكاليف مالية كبيرة، فمن الممكن أن تجنب المزارع تكاليف النقل والشحن للمحاصيل، من خلال توفير سيارات لنقل المنتج من الأرض الزراعية مباشرة إلى منافذ البيع، كما أنها لن تشترط على المزارع أن يسدد إليها أموالاً من هامش الربح المتحقق بعد البيع، وستكون وسيلة موثوقة لدى الطرفين لإعادة صياغة العلاقة بين المزارع والتاجر، وهي إشكالية نعانيها جميعاً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
