رأي «الإمارات اليوم»

ما نتوقعه من قطر

رسمياً وشعبياً: ليس هناك أزمة حقيقية بين الإمارات وقطر، ثمة تباينات في المواقف السياسية من تداعيات «الربيع العربي»، مع صعود جماعة «الإخوان المسلمين» فوق أحلام الشباب الثائر على الاستبداد والفقر، وسعيها إلى أخونة الدول والمجتمعات، ومدّ أذرعها التنظيمية إلى دولة عربية مسلمة، مثل الإمارات، لم يتحقق على أرضها شرط واحد من الشروط التي دفعت شرارة «الربيع العربي» إلى الاشتعال والانتشار.

التباينات في وجهات النظر السياسية تحتملها العلاقات بين الدول، من زاوية الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما فسّر استمرار دفء العلاقة الإماراتية ــ القطرية، وتبادل الزيارات بين قيادتي البلدين، في أجواء حميمة، نابعة من قيم الجوار، والتقاليد العربية بين الأشقاء.

وما حدث في الأيام الماضية، يتصل بإساءة متعمدة ومتكررة من الدكتور يوسف القرضاوي، الذي استغل المنابر القطرية الرسمية في التحريض على الإمارات ومكانتها، وبعد استنفاد السُّبل والقنوات الممكنة لجأت وزارة الخارجية إلى الاحتجاج رسمياً، وكل ذلك في إطار من الدبلوماسية المهذبة التي حرص خطابها على العتاب المدفوع بالمودة.

ثم جاءت تصريحات الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد يوم واحد من الاحتجاج الإماراتي، لتشير إلى أن الإجراء كان دفاعاً مشروعاً، ورفضاً للتطاول وخطاب الكراهية والتضليل، مركزّا على أن الأمر لا يعدو أن يكون «اختلافاً بين الأشقاء في البيت الواحد»، قبل أن يفصل بين ثقة الإمارات بدولة قطر وأميرها وشعبها، ورفضها لمواقف «الحاقدين والمغرضين».

في خلفية هذه الأزمة العابرة، ثمة قراءة في السبب والدافع، وهنا نفتش عن التطرف، الذي تجابهه الإمارات من دون حرج. فالدولة تعرّضت لعمل تنظيمي من «الإخوان المسلمين» استهدف أمنها وسيادتها، وتعاملت معه وفق منظور جنائي، أخذ مساره القانوني البحت، وجرى إغلاق الملف في بُعده القضائي، والدولة غير معنية بردة فعل التطرف على ذلك، وهي تدرك أن القرضاوي وجّه إساءاته ليس بعيداً عن هذا السياق، فاستغلال منابر الدعاة بالتضليل وإثارة الفتن جريمة، تنتج جريمة، وكارثة تؤدي إلى أخرى، فبعض العوام ينطلي عليهم الكلام المغلف بالدين، والحرص الزائف على مصلحته.

قطر، الدولة والشعب والقيادة، نعيش معها في بيت خليجي واحد، وفي وطن عربي واحد، ولم يسبق أن خرج كاره أو حاقد من على أرض الإمارات لينال من جارنا العزيز، الذي نتوقع منه أن يبادلنا الموقف ذاته، والمشاعر ذاتها، فما بين بلادنا وقطر أقوى وأبقى، والموقف الرسمي الإماراتي، في الحرص على العلاقة مع قطر، ينبع من وحدة المصير وروابط الأخوة والمصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين.

نتوقع من قطر ما نُلزم به أنفسنا، من ألا تكون أرضها القريبة إلى حدودنا وقلوبنا منطلقاً للحقد والسواد والانتقام، فمن حق قطر أن يكون لها توجهها السياسي تجاه أحداث الإقليم واصطفافاته، غير أنه من حقنا عليها ألا تسمح لثأريين ومأزومين أن يستغلوا منابرها الرسمية في تصدير الكذب، وتزوير الحقائق.

ونتذكر في هذا المقام كلمات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أثناء زيارة سموّ الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، إلى الإمارات، في نوفمبر الماضي، حين قال: «أهل قطر إخواننا.. خير بلادنا لهم.. وخير بلادهم لنا».

تويتر