الدولة تعالج 600 مليون متر مكعب سنوياً لري المسطحات الخضراء والغابات

خبراء يطالبون باستخدام المـــياه المعالجة في الزراعة

المزارعون لا يستخدمون المياه العادمة المعالجة في ري المزارع. الإمارات اليوم

دعا خبراء ومسؤولون في قطاع البيئة، الجهات الرسمية في الدولة، إلى تبني فكرة إقناع المزارعين بجدوى الاتجاه إلى ري مزارعهم بمياه عادمة معالجة، للحد من استنزاف المياه الجوفية في ري المزارع والحدائق، بهدف تحقيق توازن بين الأمن الغذائي والأمن المائي في الدولة، لافتين إلى أن كمية المياه المعالجة في الإمارات تبلغ نحو 600 مليون متر مكعب سنوياً، تستخدم في ري الزراعات التجميلية والمسطحات الخضراء والغابات.

وقال الخبراء المشاركون في أعمال مؤتمر استخدام المياه العادمة المعالجة في الوطن العربي «الواقع الحالي والآفاق المستقبلية»، الذي عقد أمس في دبي، برعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية رئيس بلدية دبي، إن الدولة «تحتاج في الوضع الراهن إلى ضمان السياسات الصحيحة وأمان المزارعين حال استخدام هذا النوع من المياه، إضافة إلى إيجاد بدائل ذات جدوى اقتصادية، فضلاً عن ضرورة إيجاد المزيد من البحوث العلمية على المحاصيل التي من الممكن أن تنتج بأنظمة الري ذات العلاقة».

وافتتح وزير البيئة والمياه، الدكتور راشد أحمد بن فهد، فعاليات المؤتمر، قائلاً إن «المياه المعالجة تعتبر أحد مصادر المياه المتجددة المرتبطة بزيادة أعداد السكان وتبلغ كميتها نحو 600 مليون متر مكعب سنوياً، تستخدم في ري الزراعات التجميلية والمسطحات الخضراء والغابات وبعض الاستخدامات الصناعية، بما يسهم في ترشيد استهلاك موارد المياه العذبة والمحافظة عليها لأجيال المستقبل».

وقال إن الدولة تشهد نمواً سكانياً متزايداً ونهضة عمرانية شاملة، أديا إلى تعرض الموارد المائية الجوفية إلى الاستنزاف، التي تعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة، وذلك بسبب الطلب اللافت عليها وانخفاض معدل تجددها السنوي الذي يبلغ نسبة 3% من حجم الإنتاج الكلي للمياه، مؤكداً أن الدولة لا تدخر جهداً في تحقيق التوازن بين العرض والطلب والاستفادة من المياه المعالجة.

وأشار بن فهد، إلى أن استراتيجية المحافظة على موارد المياه في الدولة التي طورتها الوزارة في عام 2010 تؤكد وضع سياسة زراعية وطنية تهدف إلى المحافظة على المياه وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد، وتحسين إدارة مياه الصرف الصحي وتنويع استخدامات المياه المعالجة في مختلف القطاعات وتنسيق التدابير الرامية إلى زيادة استخدامها.

إقناع

5 مليارات دولار

قال المسؤول في البنك الدولي، ستيفن شونبرغر، إن «البنك يستثمر خمسة مليارات دولار في توفير مياه الري ومعالجة المياه عالمياً، بما يمثل نسبة 5% من استثمارات البنك الدولي، بما يعادل 200 مليون دولار، في حين أن 90% من هذه الاستثمارات في المنطقة العربية».

وأشار الى أن «الطاقة المستهلكة والتكنولوجيا تقلل الكلفة، لكن تقبل المزارعين مازال غير مرضٍ حتى الآن، وعلى الحكومة أن تقنع المزارعين بجدوى التحول نحو المياه العادمة المعالجة، كما يجب أن تجتمع الدول وتتفق على إيجاد تفاهم بين المنتجين والمزارعين والدول المستوردة التي تحتوي على أسواق مستهلكة».

وقال المسؤول في منظمة الصحة العالمية، الدكتور باسل اليوسفي، إن «هناك علاقة جدلية بين كميات المياه المستخدمة وصحة الناس، فكلما ازدادت المياه الصالحة للشرب والاستخدام المنزلي زادت صحة الإنسان جودة».

وأضاف أن «كثيراً من المناطق العربية تتعرض للتصحر، ويوجد استخدام (للحمأة) الناتجة عن المياه المعالجة في استصلاح الأراضي مثلاً، كما ان هناك أكثر من 10% من سكان الأرض يتناولون الأطعمة الناتجة عن المياه العادمة، في حين يجب أن يقتصر استخدام المياه عالية الجودة في أغراض الشرب فقط».

وقالت مديرة عام المركز الدولي للزراعة الملحية، الدكتورة أسمهان الوافي، إن المزارعين لا يستخدمون المياه العادمة المعالجة، موضحة أن «الأمر يحتاج إلى مزيد من الإقناع، وحتى تكون المياه آمنة، علينا أن نضمن السياسات الصحيحة، ونضمن كذلك أمان المزارعين عند استخدامها».

وأضافت أن «الدولة ليس لديها قاعدة بيانات حول المياه العادمة، مثل بقية البلاد العربية، ما يمثل أكبر التحديات التي نواجهها في كيفية استخدام المياه ومجالات استخدامها، فضلاً عن الجانبين الاجتماعي والنفسي الإقليميين، من حيث صلاحية المياه للاستخدام، بينما لدينا تجارب عالمية ناجحة تدلنا على كيفية استخدام هذه المياه».

ندرة المياه

من جهته، اعتبر وكيل وزارة البيئة والمياه المساعد للشؤون الزراعية والثروة الحيوانية، المهندس سيف الشرع، أن «هناك ضرورة للاستفادة من مصادر المياه المتاحة، لاسيما في ظروف ندرة المياه محلياً، إذ تعاني الدولة ضغوط التغيرات المناخية وندرة الأمطار وعدم تجددها، ما أدى إلى تملح المياه وندرتها أيضاً، وهي التي يحتاج إليها القطاع الزراعي».

وأضاف أن الدولة تنتج 600 مليون متر مكعب سنوياً، من خلال 60 محطة معالجة، وهي صالحة للاستخدام وتمثل نسبة 12% من حجم الموازنة المائية للدولة البالغ 4.5 مليارات متر مكعب، فيما أجريت تجارب على بعض المحاصيل الزراعية وأثبتت أنها آمنة، مثل الطماطم والخس، حيث ثبت عدم وجود ملوثات، إضافة إلى أنه تجري دراسات حالياً على ري أشجار النخيل بهذه المياه.

تجربة أبوظبي

قال مدير عام جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، الدكتور راشد خلفان الشريقي، إن إمارة أبوظبي طبقت لأول مرة عالمياً تجربة استخدام مياه الصرف المعالجة رباعياً، من خلال ري 120 مزرعة في الإمارة في منطقة الوثبة بمساحة هكتار واحد لكل مزرعة.

وأضاف أن «هذه المزارع يزرع فيها أعلاف وأشجار نخيل، ونجري حالياً دراسة لتقييم الأثر البيئي لتلك المزارع، إذ يجب استخدام كل قطرة مياه متاحة لضمان نجاح التجربة الزراعية في الدولة، كما ينبغي وضع ضوابط ومعايير واضحة في هذا الشأن».

واعتبر مقرر اللجنة العليا للمياه والزراعة، استشاري موارد المياه في هيئة البيئة في أبوظبي، الدكتور محمد داود، أن كلفة المياه المعالجة بالأسلوب الرباعي الذي تستخدمه إمارة أبوظبي تزيد ضعفين ونصف الضعف على الأسلوب الثلاثي التقليدي، حيث يصل سعر المتر المكعب منها إلى 10.2 دراهم، بينما التقليدية تتكلف ما بين ثلاثة وخمسة دراهم للمتر المكعب.

وأضاف أن إمارة أبوظبي تنتج 284 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي المعالجة سنوياً، وتعالج 98% من حجم إنتاجها من الصرف الصحي.

تويتر