«الداخلية» ألزمت شركات الأمن بتوطيـــن بـعض المناصب بدءاً من يناير الجاري

«النظرة السلبيــة» تعـوق توطين مهنة «الحراســة»

مهنة الحراسة تحتاج إلى خبرة. تصوير: باتريك كاستيلو

كشف خبراء ومسؤولون في شركات أمن خاصة، داخل الدولة، أن قطاع شركات الأمن نجح أخيراً في استقطاب العديد من الكفاءات الوطنية للعمل في هذه المهن، بعد تعديل الأجور والحوافز التي يحصلون عليها لتكون أكثر ملاءمة مع المستوى المعيشي في الدولة، خصوصاً بعد صدور القانون المنظم لعمل هذه الشركات، مؤكدين أن القطاع لايزال يعاني صعوبات تعوق زيادة التوطين في هذا القطاع، مثل النظرة الاجتماعية السلبية السائدة حول بعض المهن، ومنها وظيفة الحارس، وكذلك ضعف الحوافز الوظيفية في هذا المجال مقارنة بالعمل الحكومي، كما أن هذا النوع من الوظائف يتطلب خبرة سابقة والتزاماً ودقة في المواعيد.

وتفصيلاً، قال مدير شركة النجم للخدمات الأمنية، العقيد عبيد الزعابي، إن أهم المشكلات التي تواجه عملية التوطين في هذه الشركات أن أغلبها يعين موظفين مواطنين بناءً على عقود مبرمة مع جهات ومؤسسات حكومية محددة المدة، وغالباً ما تكون ثلاث سنوات فقط، وبعد انتهاء العقد وعدم تجديده، ولجوء المؤسسة الحكومية إلى شركة بديلة يصبح الحارس المواطن بلا عمل.

وأضاف أن بعض الجهات الحكومية تشترط أحياناً نقل الحارس المواطن من الشركة المنتهي عقدها إلى الشركة الأمنية الجديدة، نظراً للخبرة التي اكتسبها هذا المواطن في هذه الجهة، إلا أن ذلك يعتبر استثناءً، وفي حال إنهاء التعاقد بين الشركات والجهات الحكومية فإن المواطنين يعتبرون هم المتضررين في المقام الأول.

ولفت الزعابي إلى أن من بين الصعوبات التي تواجه شركات الأمن اشتراط سنوات خبرة لمن يعملون في هذا المجال، وهو ما يحد من تدفق المواطنين للعمل في هذه المهنة، ويقصرها على من لديهم خبرة عسكرية سابقة، مشيراً إلى أن بعض الشركات الخاصة طلبت من الجهات المختصة استثناء المواطنين من شرط الخبرة، مقابل زيادة مدة الدورات التدريبية التي يحصلون عليها قبل التحاقهم بالخدمة.

وأكد أن شركته يعمل فيها ‬50 مواطناً في مهنة الحراسة وتراوح رواتبهم بين ‬12 و‬15 ألف درهم، وهو ما يعني أن رواتب المواطنين في هذه المهنة ارتفع بشكل كبير بما يتلاءم مع ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن العمل في مهنة الحراسة لا يشترط مؤهلاً دراسياً محدداً للمواطنين، بينما يحدد شهادة الثانوية العامة حداً أدنى لتشغيل الوافد في هذه المهنة.

فيما قال مدير العلاقات العامة في شركة غلف فيديليتي للخدمات الأمنية، خالد الكعبي، إن إدارة الأمن الخاصة في وزارة الداخلية، ألزمت شركات الأمن المرخصة العاملة داخل الدولة بتوطين بعض المناصب فيها، ومن بينها مدير أول، ومدير العمليات، إذ تقوم جميع شركات الأمن بتوطين مهنة مدير العمليات بداية من يناير الجاري للوفاء باشتراطات الوزارة، التي بدأت حظر إصدار تراخيص العمل فيها للأجانب والوافدين، ما يعني زيادة عدد المواطنين العاملين في هذا القطاع بنسبة كبيرة.

وأشار إلى أن رواتب العاملين في مهنة الحراسة ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، إذ يبلغ الحد الأدنى لراتب المشرف الإداري نحو ‬8000 درهم بالإضافة إلى السيارة، بينما راتب الحارس نحو ‬10 آلاف درهم فأكثر.

وأوضح أن من أهم الصعوبات التي تواجه توطين هذه المهن الحساسة هو النظرة الاجتماعية غير اللائقة، إذ يرفض كثير من المواطنين العمل لدى بوابات الدخول الأوتوماتيكية على سبيل المثال، كما أن البعض الآخر لا يتحلى بالالتزام الواجب لأداء العمل الأمني.

وأضاف الكعبي، أن إدارة شركات الأمن تشترط عند تعيين الموظفين سنوات خبرة لا تقل عن خمس سنوات، إلا أنها أحياناً تستثني بعض المواطنين الذين يتمتعون بسنوات خبرة أقل في حال حصولهم على دورات تدريبية إضافية في مجالات مثل إطفاء الحرائق، إنقاذ الغرقى، والحاسب الآلي، وغيرها.

وأفاد خبير الاستشارات الأمنية، مسؤول في إحدى شركات الحراسة الأمنية، محمد غنيمي، بأن قطاع الأمن الخاص داخل الدولة يشهد نمواً كبيراً، خصوصاً في الفترة الأخيرة، نظراً للتوسع العمراني والاقتصادي الكبير الذي تشهده الدولة، ووجود إجراءات حكومية ملزمة بترخيص هذه الشركات لتصبح تابعة بشكل مباشر إلى وزارة الداخلية، وكذلك وضع اشتراطات معينة للتوطين.

وأكد أن إدارة الموارد البشرية في شركته انتهت من توطين جميع وظائفها بنسبة ‬100٪، وهناك فرصة لزيادة نسبة التوطين في بقية التخصصات الأخرى، مطالباً بنشر برامج توعية في المدارس والجامعات والأماكن العامة لنشر الثقافة الوظيفية، وتغيير النظرة السلبية لبعض المهن، ومنها وظيفة الحراسة الأمنية، مشيراً إلى أن أغلب المواطنين يرفضون العمل في جهات غير حكومية ويشترطون العمل في أماكن مغلقة، وهو ما يجعل شركات الأمن التي لا ترتبط بعقود مناسبة مع جهات حكومية تبتعد عن فكرة التوطين.

ورأى غنيمي، أن كثيراً من المواطنين يرفضون فكرة العمل في شركات الأمن بسبب النظرة السلبية السائدة عن هذه المهنة، بالإضافة إلى ما تفرضه طبيعة العمل من التزام ودقة في المواعيد، وعدم السماح بالغياب غير المبرر، خصوصاً أن المواطنين العاملين في شركات الأمن يحصلون على إجازة يومين أسبوعياً مثل بقية الجهات الحكومية.

من جهة أخرى، أفادت إحصاءات خاصة بوزارة الداخلية حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، بأن عدد الشركات الأمنية المرخصة من جانب الوزارة حالياً والعاملة في نشاط الحراسة الأمنية العامة يبلغ ‬40 شركة، أما الشركات المرخصة في نشاط أمن الفنادق فيبلغ عددها ‬18 شركة، ويبلغ عدد الشركات الأمنية المرخصة في مجال أمن المستشفيات ‬15 شركة، إضافة إلى ‬13 شركة مرخصة في أمن البنوك، و‬10 شركات مرخصة في أمن الفعاليات، وخمس شركات مرخصة في أمن المطارات، و‬10 شركات في مجال أمن المنشآت الحيوية، إضافة إلى شركتين فقط مرخصتين في نشاط نقل الأموال. يذكر أن هناك بعض الشركات مرخص لها بالعمل في نشاطين أو أكثر من هذه الأنشطة.

تويتر