تحكي تاريخ الدولة وتكشف الأوضاع السياسية قبل قيام الاتحاد

مركز الوثائق يجمع 7 ملايين وثيقة أجنبية عن تاريخ الإمارات

الوثائق التاريخية يستفيد منها البــــــــــــــــــــــــــــــــــــاحثون والطلبة وتعزز الهوية الوطنية. من المصدر

قال مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث الدكتور عبدالله الريس لـ«الإمارات اليوم» على هامش ندوة «ذكريات الإمارات» من خلال السرد الشفهي، إن إجمالي حجم وثائق الأرشيفات الأجنبية التي استطاع المركز حيازتها خلال الفترة الماضية تجاوز حتى الآن سبعة ملايين وثيقة مختلفة، من بينها وثائق من الأرشيف البرتغالي يعود تاريخ بعضها إلى عام 1502 والأرشيفات البريطاني والإيطالي والأميركي والهولندي، وعدد كبير من الوثائق التاريخية من أرشيفات دول مجلس التعاون الخليجي، وتحكي جميعها تاريخ دولة الإمارات من خلال المعتمدين السياسيين السابقين أو الرحالة الأجانب الذين كانوا يجوبون المنطقة في فترات زمنية سابقة، وتكشف تفاصيل الأوضاع السياسية للبلاد منذ ما قبل فترة «الإمارات المتصالحة» حتى قيام الإمارات المتحدة.

وذكر الريّس، أن المركز عمل على استكمال هذه الشهادات والوثائق التاريخية المكتوبة من خلال الشهادات الشفوية من الأحياء أنفسهم الذين عاصروا مراحل مختلفة من تاريخ الدولة قبل قيام الاتحاد، لافتاً إلى أن هناك جزءاً من التاريخ الشفاهي لهؤلاء السياسيين لم يتم ذكره في الكتابات المختلفة، نظراً لعلاقاتهم بأبناء المنطقة والشيوخ والحكام في هذه الفترة.

وأوضح أن المركز حرص على عقد مؤتمر خاص بالسرد الشفوي لعشرات من الشخصيات المواطنة والأجنبية التي عاصرت تلك الفترة، للحصول على مجموعة من الشهادات التاريخية المروية، تمهيداً لوضعها في كتيبات أو منشورات يمكن الاستفادة بها في ما بعد، وإتاحتها للباحثين والطلبة تعزيزاً للهوية الوطنية التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، عام .2008

وأضاف الريّس أنها المرة الأولى التي يتم فيها جمع هذا العدد من المعاصرين لتاريخ دولة الإمارات الحديث، منهم المعتمدون البريطانيون السابقون في المنطقة، ومؤسس أول بنك داخل الدولة، ومؤسس أول عيادة طبية، وكشافة ساحل عمان، وغيرهم، مؤكداً أن المركز بذل مجهودا كبيرا خلال الأشهر الماضية لمراسلة عدد كبير ممن عملوا داخل الدولة في حقبتي الخمسينات والستينات، لسرد ذكرياتهم ونشاطاتهم في دولة الإمارات حتى يمكن توثيق الجزء المهمل من تاريخ الدولة.

وأشار إلى أن خبراء وباحثي مركز الوثائق أنجزوا حتى الآن نحو 150 مقابلة شفوية مع مواطنين من كبار السن الذين يعيشون في جميع أنحاء الإمارات، لتسجيل التاريخ الشفاهي للدولة، ويتم حالياً تفريغ المعلومات التي أدلوا بها من أجل تحليلها وإعادة جمعها في كتيبات وتوزيعها على الطلبة والباحثين والمهتمين.

وأوضح أن المنهجية التي تتبعها فرق الباحثين في المركز في هذه العملية التي تم اعتمادها مع جامعة بركلي جنوب كاليفورنيا، تعتمد على معايير علمية محددة في انتقاء الأشخاص وكيفية إدارة المقابلات معهم وتحليل المعلومات التي يدلون بها وتسجيلها، وفق أفضل الممارسات العلمية في تدوين التاريخ الشفاهي عالمياً، مؤكداً أن التحليل العلمي لهذه الشهادات عن طريق الاستبيانات هو الذي يحكم على مدى صحة ما ذكره أي شخص.

وأشار إلى أن المركز تولى تأهيل 12 متخصصاً في جامعة بركلي، للقيام بعملية تفريغ المقابلات الشفهية، موضحاً أن هذه العملية تحتاج إلى مجهود كبير ووقت طويل جداً باعتبارها عملية علمية معقدة، مشيراً إلى أن مدة كل مقابلة تختلف من شخص لآخر وقد تمتد ساعات طويلة بحسب كمية المعلومات والذكريات التي يختزنها ومدى قربه من الحكام والشيوخ وأصحاب القرار آنذاك، ويتم التركيز على كل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.

إلى ذلك كشف الريس عن انتهاء باحثي وخبراء المركز الوطني للوثائق والبحوث من تقييم أرشيفات نحو 110 مؤسسات داخل الدولة من إجمالي 190 مؤسسة تحتوي أرشيفات، وتقديم مقترحات بالحلول المناسبة للتعامل مع الأرشيفات الوثائقية التي تحتويها، لافتاً إلى أن المركز لم يحص جميع الوثائق في هذه المؤسسات، نظرا للعدد الهائل من الوثائق والمستندات والأوراق التي تحتويها كل مؤسسة على حدة، ويتجاوز عددها مئات الملايين، أو المليارات، وهو ما يعكس حجم العمل الذي يقدم المركز على إنجازه.

وأكد أن في نهاية العام المقبل سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى المتمثلة في تقييم هذه الأرشيفات لتبدأ جميع المؤسسات التي تم تقييمها في عملية الأرشفة الفعلية، طبقا لتوجيهات خبراء المركز، إذ يتم انتقاء الوثائق التي يجب أن تحفظ كأرشيف وطني للدولة ويتم ترميمها وحفظها للأجيال المقبلة وإتاحتها أمام العلماء والباحثين والطلبة، للاستفادة بها في المجالات العلمية، على أن تنتهي هذه العملية نهاية عام .2012

 شهادة تاريخية

أفاد مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث الدكتور عبدالله الريس، بأن من أبرز من تقدم بشهادة تاريخية شفوية خلال الندوة اللورد رايت ريتشموند الذي كان نائباً للمقيم السياسي في البحرين عام ،1971 ثم كان سكرتيراً خاصاً لاثنين من رؤساء الوزارة، ثم عمل سفيراً في دول أوروبية وعربية عدة، وأنهى خدمته رئيساً للخدمة الدبلوماسية، وكان أحد الشهود السياسيين على مرحلة تأسيس الدولة بتعقيداتها السياسية كافة، وكذلك جمعة الماجد الذي شغل مناصب اقتصادية مهمة داخل الدولة، إضافة إلى إسهاماته في مجال الأعمال الخيرية وجهود خدمة العلم والثقافة، وجوليان والكر «81 عاماً» الذي كان سكرتيراً ثالثاً مقيماً في المقيمية السياسية في البحرين منذ عام ،1953 ثم عين بعدها ضابطاً سياسياً مساعداً في الوكالة السياسية في الشارقة، ثم وكيلاً سياسياً في دبي، وأصبح أول قنصل عام بريطاني بعد تأسيس دولة الإمارات، ومازال مواظباً على زيارة الإمارات. وأضاف أن من ضمن من تقدم بشهادته السير هارولد بيرنرز والكر الذي عمل وكيلاً سياسياً في الإمارات المتصالحة بين عامي 1958و1960 كما عيّن سفيراً داخل الدولة ما بين عامي 1981و،1986 وأدريك رولاند ورسنوب وكان سكرتيراً ثانياً في البحرين عام ،1958 وتولى منصب الضابط السياسي في أبوظبي من 1958 إلى ،1959 ثم منصب الضابط التجاري في الإمارات المتصالحة في دبي (1959- 1961)، وأوليفر مايلز، وكان ضابطاً سياسياً بالإنابة ومسؤولاً عن التمثيل البريطاني المحلي في أبوظبي، وخميس راشد بن زعل الرميثي، تاجر لؤلؤ ومستشار تراثي يطلق عليه «الموسوعة المتحركة»، إضافة إلى عشرات من الأشخاص الآخرين.

 

تويتر