وثـّق معلوماته ومغامراته البحرية في كتاب «أسفار في عالم البحار»

علي ميرزا.. 30 عاماً بين أهوال البحر

علي ميرزا أمام قاربه «الممتاز» الذي انتشله من أمام سواحل الشارقة ويعرضه حالياً على كورنيش خورفكان. تصوير: تشاندرا بالان

نجا النوخذة المواطن علي عبدالله ميرزا (80 عاماً)، من الموت أكثر من مرة.

رحلاته البحرية التجارية بين موانئ الخليج وإفريقيا على مدى 30 عاماً، وضعته أمام امتحانات عدة، وسلّحته بخبرة واسعة في الطرق البحرية الآمنة، وكيفية التغلب على كثير من الأهوال التي تتعرض لها السفن في البحار والمحيطات. ميرزا الذي خاض غمار البحار منذ أن كان في الـ12 من عمره، وثّق معرفته الواسعة ومغامراته الكثيرة في كتاب حمل عنوان «أسفار في عالم البحار». في هذا الكتاب الذي أراده وثيقة للأجيال الجديدة، وضع كثيراً من الحكايا والقصص والمصطلحات البحرية، ومعلومات عملية عن الطرق البحرية.

وقال ميرزا لـ«الإمارات اليوم» إن «قيادة السفن التجارية كانت مهمة صعبة وشاقة، فلم تكن السفن مجهّزة بالتقنيات الملاحية المعروفة اليوم، ووسائل الاتصال كانت نادرة عند التعرض لأهوال البحر». وأضاف: «كثيرة هي المخاطر التي عايشتها ونجوت منها، كانت السفن شراعية وعلى النوخذة أن يكون على دراية كبيرة بحركة الرياح والسيطرة على البحارة، وإلا كانت النتائج وخيمة».

لم يكتفِ ميرزا الذي يجيد الإنجليزية والفارسية واللغة السواحلية، بإصدار كتاب لنقل خبراته، بل قام بانتشال إحدى سفنه الغارقة في بحر الشارقة، وقام بترميمها وعرضها على كورنيش خورفكان، وقد كلفه الأمر أكثر من مليون درهم.

وقال ميرزا الذي تلقى علومه الأولى في إحدى مدارس البحرين، وحفظ القرآن الكريم: «رغبتي في نشر تراثنا وتراث أجدادنا للأجيال الجديدة، دفعني إلى حفظ وتوثيق مسيرتي المهنية، لتكون دليلاً لأي مسافر أو قبطان، لقد وضعت في كتابي وصفاً تفصيلياً للطرق المائية في الخليج، ومضيق هرمز، وصولاً إلى مكران وباكستان والهند وعُمان واليمن ومسقط ورأس الحد، وجزيرة المصيرة، كما أشرح مواقع الجزر والمسافات بين البلدان والاتجاهات».

تمثل ذاكرة ميرزا كنزاً حكائياً لعالم البحر وصعوباته، ولديه العشرات من الحكايا المثيرة والمواقف المخيفة التي مر بها، منها إحدى رحلاته بين ميناء زنجبار، والمصيرة في سلطنة عُمان، إذ توقفت الرياح وظلت السفينة هائمة في البحر 72 يوماً، على الرغم من أن الرحلة لا تستغرق عادة 10 أيام، وكاد طاقم السفينة يموت عطشاً لولا أن الرياح المفاجئة دفعت بالسفينة إلى منطقة تسمى «العقر»، في سلطنة عُمان.

ويتذكر ميرزا غرق المركب الذي كان عائداً به من الصومال إلى الشارقة، وكان يحمل 3000 رأس من الغنم، إذ تعرّض المركب لعاصفة شديدة في خليج عدن وغرقت الحمولة بالكامل.

امتلك ميرزا خلال مسيرته المهنية 17 مركباً، منها: «فتح الرحمن»، الذي يعد أول (بوم) يدخل خورفكان في عام ،1950 ومركب «المنصورة» وهو أيضاً أول (بوم) يدخل خور الشارقة في عام .1960

وأشار إلى أن معظم مراكبه تعرّض لحواث، إذ غرق بعضها وغاب أثرها، ومنها ما احترق، لكنه استطاع قبل ثلاث سنوات إنقاذ أحدها ليعرضه بعد ترميمه على كورنيش خورفكان ويبلغ عمره أكثر من 55 عاماً.

جهود ميرزا في توثيق الموروث البحري الشعبي في الإمارات لقيت تشجيعاً وتقديراً، فقد تم اختياره الشخصية الرئيسة عام ،2005 في فعالية «يوم الراوي»، الذي تنطمه دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.

تويتر