الحوسني: المرأة أكثر اهتماماً بالمظاهر من الرجل

إجراءات «كورونا» الاحترازية «تلقح» حفلات الزفاف ضد البذخ

صورة

يردد كثير من الشبان، الذين حالت جائحة «كورونا» وما فرضته من إجراءات استثنائية، دون إقامتهم أعراساً باذخة: «رب ضارة نافعة»، فقد وفرت عليهم دفع مئات الآلاف من الدراهم، التي كانوا سيضطرون إلى اقتراضها من البنوك بغرض التباهي، ومجاراة الآخرين.

ووفقاً لتقديرات عامة، فإن كلفة أعراس المواطنين، قبل الجائحة الصحية، كانت تبدأ من 400 ألف درهم. وكانت معظم الأسر الكبيرة تلجأ إلى منظم حفلات لوضع سيناريو الحفل مقابل 15% من التكاليف. أما حالياً، فلا تتجاوز الكلفة بضع عشرات من الآلاف.

وتتضمن اشتراطات إقامة حفلات الأعراس والمناسبات الاجتماعية، ألا يزيد عدد الموجودين داخل القاعة على 200 شخص، وألا يزيد في الخيام والمنازل على 30 شخصاً، كحد أقصى، وفق الطاقة الاستيعابية للمكان، شرط أن يكون محيط الفرد الواحد للفصل عن الآخرين أربعة أمتار مربعة من المساحة الكلية للمكان.

وقد أثارت الثقافة الجديدة اهتمام كثيرين، منهم رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي، القاضي خالد الحوسني، الذي قال لـ«الإمارات اليوم» إن «حفلات الأعراس، في الفترة الأخيرة، لم تعد مجرد عبء مالي فقط، بل نفسي أيضاً»، موضحاً أن «الشاب يريد الاقتصاد في المصاريف، لأن ظروفه المالية لا تسمح له بالتبذير. إلا أن الطرف الآخر يتحسس منه ويضغط عليه، حتى يضطر للاقتراض في النهاية، ويقضي فترة طويلة من حياته أسير الدين».

ويضيف أنه يرى، من واقع خبرته الطويلة في العمل القضائي المرتبط بالأحوال الشخصية، أن «النساء أكثر اهتماماً بالمظاهر، فالرجل يتسامح غالباً، ولا يبالي بمستوى العرس».

وأكد الحوسني أن «جائحة (كورونا) جنبت كثيراً من الشباب هذا العبء، بما يشبه لقاحاً اجتماعياً ضد البذخ»، معرباً عن أمله أن يتحول هذا الواقع إلى ثقافة.

وشرح الحوسني أن «من السلبيات المجتمعية المنتشرة، النظر إلى الغير ومقارنة أنفسنا بهم، والاهتمام بشكل مرضي بآراء الناس، فكثير من الأسر لا يمكنها تحمل كلفة الأعراس الباهظة، لكنها تفرض على نفسها أعباء مالية، تفادياً لانتقادات قد تتلقاها من المحيطين بها»، لافتاً إلى أن «النساء، تحديداً، يضعن أنفسهن تحت هذا الضغط، أما الرجال فهم لا يبالون كثيراً بمستوى العرس، ويفضلون الاستفادة من النقود في أولويات أخرى».

وأشار الحوسني إلى أن «التعقيدات المرتبطة بمستوى الأعراس لا تقتصر على الجانب المالي، إذ تشهد عادة جدلاً عقيماً حول عدد المعازيم، ولماذا دعونا فلانة ولم ندع الأخرى، وماذا سيكون رد فعل الناس، وعدد المدعوين من كل أسرة»، مؤكداً أن «هذه التعقيدات تترك أثرها السلبي في الزوجين لاحقاً، وربما تخلف ضغائن ومشكلات لا معنى لها».

وتابع: «الفرحة مطلوبة، والعرس مناسبة جميلة تجمع المحبين، لكن المبالغة في البذخ تتجاوز المنطق والحدود في حالات كثيرة، وتعكس قدراً من السفه».

وأكد الحوسني أن «هذه السلوكيات تتناقض، كلياً، مع القيم التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حينما نادى بتحديد المهور، وعدم المبالغة في الطلبات».

وأوضح أن جائحة «كورونا» فرضت واقعاً مختلفاً في هذا الجانب، ولعله إحدى المزايا القليلة لهذه الأزمة، إذ صدرت تعليمات في البداية بمنع التجمعات كلياً، ثم خففت القيود مع وضع اشتراطات تحول تلقائياً دون الإسراف، مؤكداً أن شباباً كثيرين أفلتوا من عبء ديون ثقيلة، بسبب هذه الظروف الاستثنائية.

وأعرب الحوسني عن أمله أن تستمر هذه الثقافة، «لأن تكاليف الأعراس قبل جائحة «كورونا» لم تكن منطقية»، مشيراً إلى أن «الظروف التي رافقت «الجائحة» عدلت سلوكيات كثير من الناس، بعدما أدركوا ألا مبرر للبذخ، وأن بإمكانهم تحقيق الفرح والسعادة في أجواء أفضل وبكلفة أقلّ.


اشتراطات لإقامة الأعراس

- ألا يزيد عدد المدعوين على 200 شخص.

- ارتداء الكمامات.

- الحد الأقصى لعدد الحضور على الطاولة الواحدة خمسة أشخاص.

- تجنّب الجلوس على مسافات متقاربة.

- ترك مسافة مترين بين الطاولة والأخرى.

- حثّ ذوي الأمراض المزمنة، وكبار السن، على عدم الحضور.

المبالغة في البذخ والمباهاة تجاوزت حدود المنطق في حالات كثيرة.

حفلات الأعراس قبل «الجائحة» لم تكن عبئاً مالياً فقط، بل نفسياً أيضاً.

تويتر