أسهموا في احتواء بؤرة «نايف» وبعضهم أصيب بالفيروس

دور «بطولي» للمتطوعين في مواجهة «كورونا» بدبي

صورة

أكد مسؤولون في خط الدفاع الأول لمكافحة انتشار فيروس كورونا في دبي، أن المتطوعين قدموا ملحمة حقيقية في احتواء الوباء في بؤر كانت تضم أكبر عدد من المصابين بالإمارة، وتحديداً في منطقتي الراس ونايف.

وقالوا خلال حلقة نقاشية نظمتها شرطة دبي، مساء أول من أمس، إن المتطوعين كانوا حلقة وصل بين الشرطة وسكان هاتين المنطقتين اللتين تتسمان باحتواء جنسيات متعددة وثقافات مختلفة، واستطاعوا تخفيف حدة التوتر في البداية، خصوصاً مع انتشار شائعات، منها أنه سيتم حقنهم بإبر مؤلمة، لافتين إلى أن كثيراً من هؤلاء المتطوعين كانوا عرضة للإصابة بالفيروس، وأصيب عدد منهم بالفعل، لكنهم أصروا على المشاركة في جميع الإجراءات المهمة والحاسمة حتى تم احتواء الخطر تماماً بالمنطقتين، في تجربة ستدرس لاحقاً.

وتفصيلاً، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي، مدير عام مؤسسة وطني الإمارات، ضرار بلهول الفلاسي، خلال الحلقة النقاشية التي أدارها مدير مكتب التطوير المؤسسي لقطاع العمليات، المقدم عبدالله جاسم الزرعوني، تحت عنوان «إدارة الأزمات فرص وتحديات» إن المتطوعين قدموا دوراً وطنياً فريداً خلال مكافحة فيروس كورونا منذ بدء انتشاره، لافتاً إلى أن عدد المتطوعين المسجلين في تطبيق «يوم لدبي» منذ إعلان مبادرة «مدينتك تناديك - تطوع لدبي» وصل إلى نحو 13 ألف متطوع، عملوا جنباً إلى جنب مع فرق العمل المنتشرة في مختلف المناطق للتصدي لفيروس «كوفيد-19».

وأضاف أن هذه الفرق ضمت متطوعين من أكثر من 40 جنسية، عملوا بتفانٍ وإخلاص لا يمكن وصفه، يعكس مدى ارتباطهم بهذا الوطن لدرجة أن أحدهم مهندس أوروبي يبلغ من العمر 60 عاماً يعمل في مطار الشارقة، كان يصر يومياً على القدوم إلى مناطق العمل مع زوجته بعد انتهاء دوامه الرسمي، على الرغم من محاولة إثنائه عن ذلك، لكنه كان مصراً على المشاركة.

وأشار إلى أن الجميع كانت لديه رغبة في المشاركة، لكن كانت هناك حاجة ملحة في البداية لأشخاص يتحدثون لغات مختلفة، للمساعدة في التواصل مع أفراد المجتمع، خصوصاً من سكان منطقتي نايف والراس، لافتاً إلى أن ثمة توتراً كان في البداية من بعض المقيمين في هاتين المنطقتين، ونجح المتطوعون في اقناع الناس أن الشرطة ليست عدوهم، وتحول الوضع إلى النقيض، وصار هناك تعاون تام.

وتابع الفلاسي أن مؤسسة وطني أسست قاعدة تطوعية متخصصة في جميع المجالات، مؤكداً أن هذه القاعدة جاهزة للمشاركة في تنظيم معرض «إكسبو» لو انطلقت فعالياته غداً، إذا يخضعون لدورات تدريبية، عبر منهجية احترافية للتعامل مع الأزمات والأحداث الكبرى.

وأوضح أن تجربة التطوع التي تبنتها دبي منذ تفشي الجائحة نموذج يحتذى به، إذ تحولت إلى عمل منهجي ظهر في أفضل صورة خلال الفترة الماضية، وشارك المتطوعون في تنفيذ مهام كبرى بعد إخضاعهم للاختبارات الصحية والتأكد من سلامتهم، مثل تجهيز المستشفى الميداني، وتوزيع الوجبات والمواد الغذائية والمساعدات على العمال وغيرهم من الفئات التي احتاجت إلى دعم.

من جهته، قال مدير الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ، اللواء عبدالله الغيثي، إن شرطة دبي عملت داخلياً وخارجياً وفق خطة استباقية شاملة، فكان هناك حرص منذ البداية من قبل القائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، على ضرورة العمل السريع مع جميع الدوائر المحلية لضمان تطبيق إجراءات المكافحة والوقاية بكفاءة.

وأضاف «إننا في خطوط الدفاع الأمامية واجهنا تحديات كبيرة من البداية في ظل حداثة الأزمة، خصوصاً في منطقتي نايف والراس، حيث انتشر الفيروس في هاتين المنطقتين أكثر من غيرهما، نظراً لطبيعتهما من حيث الكثافة السكانية المرتفعة من جنسيات مختلفة، واكتظاظهما بزوار على مدار اليوم»، لافتاً إلى أن ثمة مشكلة طرأت بداية في التواصل مع المقيمين في هاتين المنطقتين، فالوقت ضيق وهناك حاجة للتوسع في عمليات التعقيم، والناس كانوا يشعرون بخوف وتوتر.

وأشار إلى أن المتطوعين نجحوا في احتواء التوتر، إذ تمكنوا تدريجياً من توعية السكان بأهمية التعقيم والتعاون السريع مع الطواقم الطبية والأمنية، ما ساعد في إغلاق المنطقة خلال زمن قياسي والتحرك ميدانياً بسلاسة، وخلال شهر واحد تم فحص عدد كبير من السكان، وعزل المصابين ونقل المخالطين إلى الحجر الصحي، في سيمفونية رائعة ستدرس مستقبلاً.

وأوضح أن اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث تولت تقييم التجربة ودراسة نتائجها، مؤكداً أن «هذه الأزمة درس استفدنا منه، لكن ما يمكن الجزم به أننا تعاملنا معه بمرونة، وتغيرت مفاهيمنا بفضل الخطة المحكمة التي تبنتها الدولة عموماً، ودبي خصوصاً، وجهود هؤلاء المتطوعين الذين غيروا استراتيجية ضبط المصابين وإجبارهم على الفحص، إلى التعاون المشترك، بعد إقناعهم بأن الشرطة موجودة لمساعدتهم».

وكشف الغيثي أنه رغم اتخاذ كل التدابير لحمايتهم إلا أن عدداً منهم أصيب بالفيروس، وعلى الرغم من ذلك لم يتوقفوا عن تقديم العون بعد تماثلهم للشفاء، مشيراً إلى أنهم يشاركون حالياً في تحديد الأشخاص المتضررين من الأزمة لمساعدتهم وتزويدهم باحتياجاتهم الأساسية.

من جهته، قال الإعلامي في مؤسسة دبي للإعلام، راشد عمر الخرجي، إن المتطوعين من جميع الجنسيات أثبتوا حباً كبيراً لهذا الوطن، لذا حرصت وسائل الإعلام على تسليط الدور عليهم.

وأضاف أن جائحة كورونا أثبتت أهمية الإعلام التقليدي الرصين من محطات تلفزيونية وصحف، لأنها كانت مصدراً للمعلومات الموثقة والصحيحة على عكس شبكات التواصل الاجتماعي التي كانت منصات لترويج شائعات وأكاذيب لدرجة أن منصة «تويتر» بادرت إلى التدقيق على المحتوى المتعلق بفيروس كورونا بسبب سيل من المعلومات المضللة، وسارت على منوالها منصات أخرى، مثل «فيس بوك».

جائحة «كورونا» أثبتت قدرة الإمارات على مواجهة التحديات.

قالت مساعد الأمين العام لقطاع الإدارة الاستراتيجية والحوكمة في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بإمارة دبي، عائشة ميران، إن العالم كله يعاني بسبب فيروس كورونا، مشيرة إلى أن هناك دروساً كثيرة مستفادة من هذه الازمة التي لا تمس القطاع الصحي فقط، لكن هزت العالم اقتصادياً واجتماعياً.

وأضافت أن «الإمارات أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات، فخلال شهر واحد طبق العمل عن بُعد، ولاشك أن الوضع يحتم علينا إعادة ترتيب حساباتنا أثناء وبعد (كورونا)».

وأشارت إلى أن «منجزات الماضي وحرص الحكومة على حصول الجهات الحكومية على شهادة الآيزو في استمرارية الأعمال ساعد في مواجهة هذه الأزمة، فحين فرضت الظروف العمل عن بعد تكيفنا دون سيناريوهات أو تجارب سابقة».

وأوضحت أن هناك إجراءات اتخذت لعودة الأنشطة الاقتصادية تدريجياً، وأطلقت مبادرات عدة لدعم الاقتصاد، وهناك حزم أخرى محل دراسة، منوهة بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، خصوصاً في الجانب الصحي.

مراقبة بالذكاء الاصطناعي

قال مدير الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ في شرطة دبي، اللواء عبدالله الغيثي، إن شرطة دبي اعتمدت على بنيتها الرقمية المتطورة في أعمال المكافحة، فاستخدمت الذكاء الاصطناعي في مراقبة منطقة نايف واستخدام طائرات بدون طيار (درونز) في الحديث إلى السكان وطمأنتهم، فضلاً عن الاعتماد على منظومة عيون المتطورة في الرصد والمتابعة والتحليل، بالإضافة إلى أجهزة الرادار التي تدار بأنظمة ذكية لضبط مخالفي تقييد الحركة خلال عمليات التعقيم.

تويتر