تحدث إلى «الإمارات اليوم» عن تفاصيل الحياة داخل مستشفى مصابي «كوفيد-19»

صالح: ورود للمصابين بـ «كورونا» في العزل.. وعلاجهم بـ 5 أدوية

صورة

أظهر وباء كورونا المستجد أبطالاً مجهولين، يتحملون مسؤولية شاقة، ويتصدرون الخط الأمامي للدفاع عن الوطن.الدكتور جهاد صالح، مسؤول الإشراف على تشخيص وعلاج ومتابعة حالات المصابين بفيروس كورونا المستجد، استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الرحبة، أحد هؤلاء الجنود، إذ يقود جنوداً مجهولين، يغدقون العطاء في المستشفى المخصص للعزل.

وقال صالح، لـ«الإمارات اليوم»: «مهمتي واجب وطني في المقام الأول، بالإضافة إلى أن طبيعة عملي وتخصصي تلزمني بأن أكون في الصفوف الأولى لمواجهة أي مرض»، مشيراً إلى أن مهمته بدأت منذ شهر يناير الماضي، حيث تم تشكيل فريق عمل بمجهود من دائرة الصحة-أبوظبي، وشركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، وبات على أتم الاستعداد للتعامل مع الحالات كافة، مؤكداً أن كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن الأطباء، «وسام على صدورنا، وما نقوم به هو أقل واجب تجاه الوطن، وجهد صغير نقدمه وسط منظومة عمل متكاملة، تشارك فيها كل القطاعات بالدولة، لحماية المواطنين، والسهر على راحتهم».

وأضاف: «أقود فريق عمل يضم أكثر من 15 طبيباً، بالإضافة إلى أطقم تمريض على أعلى مستوى، وجميع أعضاء الفريق أعتبرهم الأبطال الحقيقيين، حيث نقوم بتغطية العمل في المستشفى الخاص بالعزل على مدار الـ24 ساعة في اليوم، والاستعداد لأي حالة جديدة وفحصها ومتابعتها طوال فترة وجودها بالمستشفى، وبعد التأكد من شفائها وخروجها، تتم أيضاً متابعتها لضمان سلامتها وعودتها للحياة بشكل طبيعي»، مؤكداً: «المحبة والعطاء والالتزام الأخلاقي.. صفات تعلمناها من القيادة».

وتابع صالح: «نبدأ باستقبال الحالة عقب ورود اتصال من دائرة الصحة-أبوظبي، بوجود حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، والحصول على نبذة صغيرة عن المريض، تتضمن الاسم والعمر وكيفية إصابته بالمرض، وهل هو عائد من الخارج أم خالط مصاباً، ويتم تحديد موعد وصول المريض في عربة الإسعاف، حيث تصل عربة مجهزة وجميع من فيها يرتدي الزي الطبي الواقي لمنع العدوى، ويتم إدخال المريض داخل غرفة العزل الطبي المخصصة لاستقبال الحالات».

وواصل صالح: «أقوم باستقبال المريض، ومعي ممرض مسؤول وتعريفه بأنفسنا وإجراء قياس للوظائف الحيوية للمريض لعمل تقييم سريع للحالة، وعقب ذلك نعرف المريض بمرض فيروس كورونا، والمدة المتوقعة للبقاء بالمستشفى، والتي تراوح بين 7 و14 يوماً، ويتم إعطاؤه فكرة عن الفحوص الطبية التي ستتم معه، ومنها أخذ مسحة من داخل البلعوم عن طريق الفم، ومسحة أخرى عن طريق الأنف، وإجراء فحوص للدم للتأكد من وظائف الكلى والكبد وقوة تدفق الدم، وبعدها يتم عمل أشعة للصدر داخل الغرفة، حتى لا يذهب المريض إلى قسم الأشعة، وبعد ذلك نبدأ بإعطاء المريض أدوية علاج فيروس كورونا، وهي عبارة عن حبوب دواء يتم تناولها مرتين في اليوم».

وكشف عن وجود خمسة أنواع من الأدوية، ويتم تحديد الجرعة ونوع الدواء المستخدم حسب حالة المريض وشدتها، وما إذا كانت لديه مشكلات مرضية أخرى، كما يتم إجراء فحوص دورية للدم كل بضعة أيام، وفي اليوم الرابع يتم فحصه وأخذ عينات، وفي حال تحسنت الحالة وكانت النتائج سلبية، نخبره بأن الأعراض تحسنت والنتيجة أصبحت سلبية، ونعيد الفحوص للتأكد، وعقب ذلك نطلب منه البقاء بالمنزل أسبوعين حتى يستعيد نشاطه، وإذا كانت نتيجة إيجابية فتتم إعادة كورس العلاج وعمل الفحوص مرة أخرى كل أربعة أيام.

وأشار إلى وجود معالج نفسي ضمن الفريق الطبي المعالج، حتى لا تدخل الحالات في حالة اكتئاب أو قلق، نتيجة شعورها بالوجود في مكان غير مسموح لها بالخروج منه، بالإضافة إلى التصور العام عن مرض كورونا بأنه لا شفاء منه، رغم أن 80% من الحالات التي تصاب بهذا المرض يتم شفاؤها بشكل كامل دون مضاعفات، ونسبة الوفاة بين المصابين عالمياً أقل من 4% فقط، لافتاً إلى أن فريق التمريض يقوم بتوزيع الورود، لرفع معنوياتهم ويتفانون في خدمتهم وتلبية طلباتهم قدر المستطاع.

ولفت إلى أنه يتم التواصل مع المريض داخل الغرفة عبر دوائر تلفزيونية مغلقة، لتسهيل عملية التواصل، وتقليل عدد مرات الدخول إلى غرفته، وقصرها على المتابعات الطبية، وأوقات الدواء وإدخال الطعام.

وقال: «أكبر التحديات التي تواجهنا هو وجود طفل مصاب وأم سليمة أو العكس، حيث لا يمكن فصلهما عن بعضهما بعضاً، وفي هذه الحالة يتم وضعهما في غرفة عزل واحدة، واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع انتقال الفيروس للشخص السليم، من خلال ارتداء الكمامات الطبية»، مشيراً إلى وجود بعض التحديات الأخرى، وفي مقدمتها إصرار البعض على الخروج للتدخين، ونقوم بإقناعهم بخطورة ذلك وعدم إمكانية تنفيذه، كما يطلب البعض الذهاب للعمل أو اللحاق بالطائرة.

وشدد على أن جميع أعضاء الفريق الطبي يحصلون على تدريب بشكل دوري، ويتم إطلاعهم على أحدث طرق الوقاية من المرض وتجنب العدوى خلال العناية بالمرضى، ونقوم بفحص دوري لهم، للتأكد من عدم إصابتهم، كما نقوم بعزل أي شخص تظهر عليه أي أعراض وفحصه، وحتى الآن لم نسجل أي إصابة وسط الفريق المعالج.

سرعة الشفاء

عزا استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الرحبة، جهاد صالح، الأسباب الطبية لشفاء حالات مصابة بفيروس كورونا المستجد، بشكل أسرع من حالات أخرى، إلى الحالة الصحية للمريض، ووجود مناعة قوية بجانب العمر، خصوصاً أن الحالات المتقدمة في العمر (فوق 65 عاماً) شفاؤها أبطء، ومضاعفاتها أكثر، بالإضافة إلى وجود أمراض أخرى، مثل: أمراض القلب والشرايين، والسكري، تسهم في نقصان مناعة الشخص، بالإضافة إلى التدخين وما يترتب عليه من أمراض في الرئة، ما يزيد فرص تعرض المريض للمضاعفات.

وقال: «كل شخص لديه عمر حقيقي وعمر بيولوجي، فالعمر البيولوجي لشخص يمارس رياضة ولا يدخن يكون صغيراً حتى لو كان الشخص في الستينات أو السبعينات، على العكس من شخص صغير إلا أنه مدخن ولا يمارس رياضة فيكون عمره البيولوجي أكبر من عمره الحقيقي، ويكون الشخص الأول أقل عرضة للمضاعفات خلال العلاج، كما أن العامل النفسي يؤثر بشكل جزئي في المناعة، فمن يعانون القلق الشديد والاكتئاب تكون مناعتهم أقل، وتلعب دوراً في تأخر الشفاء.

الوقاية خير من العلاج

أكد استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الرحبة، جهاد صالح عبدالله، أن البقاء بالبيوت، والابتعاد عن أي تجمعات، وغسل اليدين باستمرار هي الإجراءات الأهم حالياً، وفي حالة الخروج للضرورة يجب غسل اليدين عند لمس أي سطح خارجي، والحرص على عدم ملامسة العينين. وشدد على أن إجراءات العزل السريعة والفعالة للشخص المصاب، وفحص المخالطين لعدم انتشار المرض، هي أفضل الطرق، وتستخدم دولة الإمارات أفضل المعايير المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، للتشخيص والعزل وعلاج المصابين، والكشف المبكر عن إصابة المخالطين للمريض، وعزلهم إذا استدعى الأمر ذلك.


- أعضاء الفريق الطبي يحصلون على تدريب دوري لإطلاعهم على أحدث طرق الوقاية.

- فحص دوري للفريق المعالج للتأكد من عدم إصابتهم.. وحتى الآن لم نسجل إصابة بينهم.

تويتر