شركات توظّف مندوبي مبيعات بـ «العمولة» لتسويق منتجاتها

إعلانات «تخسيس» تبيع الـــــوهم على مواقع التواصل الاجتمــــــاعي

صورة

تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حسابات تروج لـ«مستحضرات طبية» مجهولة الهوية، تستهدف على نحو خاص الراغبين في تخسيس أوزانهم، والمصابين بأمراض مزمنة أو مستعصية، في وقت تواصل وزارة الصحة ووقاية المجتمع تحذير المستهلكين من تلك المنتجات لخطورتها، لافتة إلى عدم حصولها على تسجيل داخل الدولة.

وتواصلت «الإمارات اليوم» مع أصحاب حسابات تروج لمستحضرات ومنتجات معينة يزعم مروجوها أنها ذات فاعلية في مجال تخسيس الوزن، ليتبين أن معظمهم يعملون لدى الشركة نفسها، على الرغم من تأكيدهم أنهم لا يعرفون مكان وجودها أو عنوانها، وأنهم يكتفون بالحصول على النسبة المخصصة لهم (العمولة) عند بيعهم المنتج.

كما أكدوا أنهم لا يعرفون شيئاً عن طبيعة ما يحتويه المنتج الذي يروجونه من مكونات ومواد طبية، ولا ما إذا كان آمناً أو يشكّل خطورة على حياة مستخدمه.

وكشف عدد من أصحاب تلك الحسابات أنه بدأ عمله مع الشركة بعد قراءة إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً «إنستغرام»، تعلن فيها الشركة أنها ترغب في توظيف مندوبي مبيعات مقابل عمولة تراوح بين 10 و15% من قيمة المنتج، شارحين أن العمل يعتمد بشكل أساسي على فتح حسابات ونشر صور المنتج عليها، والاستمرار في نشر التعليقات لضمان وصوله إلى أكبر شريحة ممكنة من العملاء.

«طمني»

حذرت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الجمهور من الالتفات للإعلانات المضللة التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تروج لعلاجات طبيعية لمختلف أنواع الأمراض.

وقال وكيل الوزارة نائب رئيس اللجنة العليا للتسجيل والتسعيرة الدوائية، الدكتور أمين الأميري، إن الوزارة تؤكد أن لهذه الإعلانات المغرضة المضللة أبعاداً صحية خطيرة.

وشدد على ضرورة عدم تصديق الإعلانات المضللة وعدم إرسالها للآخرين عند تسلمها، مؤكداً أن استخدام أي منتج غير معتمد عالمياً له أضرار خطيرة على صحة الإنسان، وقد تؤدي مضاعفاته إلى الوفاة أحياناً.

ولفت إلى أن الوزارة تبلغ السلطات المختصة في الدولة، كإدارة الشرطة والنيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يبيع أو يروج أو يجلب مثل هذه المنتجات، وتخاطب هيئة تنظيم الاتصالات بصورة مباشرة لحجب المواقع الإلكترونية التي تروج لها بصفة غير قانونية.

وأكد أسبقية دولة الإمارات في إصدار نظام الإعلانات الصحية على مستوى المنطقة، بقرار مجلس الوزراء بشأن نظام الإعلانات الصحية، حيث تشير المادة الثالثة من القرار إلى أنه لا يجوز لأي شخص طبيعي أو اعتباري الإعلان أو الترويج لبيع المنتجات ذات العلاقة بأي منتج طبيعي من دون ترخيص من الوزارة. وذكر أن الإعلانات الصحية على مواقع التواصل الاجتماعي تخضع لقرار صادر من مجلس الوزراء يؤكد ضرورة الحصول على ترخيص من وزارة الصحة ووقاية المجتمع، مشيراً إلى أن مبادرة اليقظة الصحية، من خلال بوابة «طمني» على الموقع الرسمي للوزارة، تشمل تعليمات عن السلامة الدوائية، وتحذيرات من الأدوية المزيفة، ويمكن البحث عن المنتجات الطبية، سواء بالاسم العلمي أو الاسم التجاري، لتظهر المعلومة المطلوبة مع وجود نماذج للإبلاغ عن الآثار الجانبية لأي من المنتجات الطبية الموجودة بالدولة.


• «الصحة»: أغلب منتجات التخسيس عبر الإنترنت غير مسجل واستخدامه يهدد الحياة.

• مندوبو مبيعات عبر حسابات «التواصل الاجتماعي»: لا نعرف موقع الشركة ولا محتويات المستحضر الذي نروجه.

وأكد المحامي والمستشار القانوني، عبدالله آل ناصر، أن من يديرون تلك الحسابات معرضون للمساءلة القانونية، سواء كانوا داخل الدولة أو خارجها، لافتاً إلى وجود اتفاقات تربط الدولة بكثير من الدول، تسمح لها بمقاضاتهم.

وتفصيلاً، شكا متسوقون إلكترونيون لـ«الإمارات اليوم» من تعرضهم للغبن نتيجة شراء منتجات زعم مروجوها أن لها قدرة على تخسيس أوزانهم خلال فترة قصيرة، لافتين إلى تعرضهم لمشكلات صحية بعد مرور أيام قصيرة من بدء تطبيق الخطوات المطلوبة للحصول على وزن مثالي.

وقال أمين حاج إنه قرأ إعلاناً عن منتج لتخسيس الوزن، على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي، تضمن عنواناً لصفحة أخرى يقول الإعلان إنها تخص فتاة جربت المنتج وحصلت على الوزن الذي كانت تحلم به، ويطلب من المشككين التواصل معها للتأكد منها، والتحدث معها عن تجربتها، مضيفاً أنه أرسل إلى صاحبة الصفحة أسئلة عن المنتج، فأكدت له صدق كل ما ورد في الإعلان.

وأفادت سناء صالح بأنها كانت تشكو من بروز البطن وسمنة الردفين، مضيفة أن كل محاولاتها تخسيس وزنها فشلت، الأمر الذي دفعها إلى تجربة منتج قرأت عنه في موقع للتواصل الاجتماعي.

وأضافت أن ما شجعها على شراء المنتج أن الإعلان تضمن عبارة تؤكد أنه حاصل على الاعتماد من معظم وزارات الصحة العربية والعالمية.

وأكد (زهير.ش) أنه لم يكن ليشتري المنتج لولا أنه قرأ عنه في صفحة أحد الرياضيين الذين يتابعهم منذ سنوات، لافتاً إلى أنه اعتقد أن وجود الإعلان على صفحة الشخصية الرياضية يمثل دليلاً على جديته، إلا أنه تعرض لمضاعفات صحية بعد مرور يوم واحد على استخدام المنتج، تمثلت في احمرار الجلد، وانتشار الحبوب على ذراعيه ووجهه، الأمر الذي دفعه إلى إيقافه فوراً، وتوجيه رسالة إلى الشخصية الرياضية يحذره فيها من استمرار نشر الإعلان على صفحته.

في المقابل، حذرت وزارة الصحة ووقاية المجتمع من شراء مكملات غذائية من «الصيدليات الوهمية» التي تعرض منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، «لما تسببه من أضرار صحية تهدد حياة مستخدميها، خصوصاً أن أغلبها غير مسجل في الدولة، وغير مسجل عالمياً».

وطالب الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، رئيس اللجنة العليا لليقظة الدوائية في الدولة، الدكتور أمين حسين الأميري، أفراد المجتمع بعدم استعمال المستحضرات العشبية المغشوشة، التي تدّعي القدرة على تخسيس الوزن، أو منح الطاقة الجنسية للرجال، أو معالجة الأمراض المزمنة أو المستعصية.

كما حذر من تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشدداً على ضرورة التعامل معها بحذر نظراً إلى لما تسببه من أضرار صحية بليغة لمستخدميها.

وقال إن بعض شبكات الترويج تغري أصحاب حسابات تزخر بآلاف المتابعين لتسويق سلعها المغشوشة بأسعار رخيصة نظير مقابل مالي، محذراً من شراء منتجات طبية أو عشبية من الصيدليات الوهمية عبر الإنترنت، لمجرد وجود إعلان عنها على صفحة شخص أو جهة ما يعتبرهما كثير من المتابعين محل ثقة.

وأكد الأميري ضرورة توجه المتضررين من شراء هذه المنتجات المغشوشة إلى الوزارة، لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيال الجهات أو الأشخاص المتورطين في الترويج لها وبيعها داخل الدولة.

وأضاف أن الوزارة حذرت، من خلال تعاميم عدة، من ظاهرة التسوق الإلكتروني للمنتجات التي تحمل صفة دوائية، مؤكداً أن أغلب الأدوية المروَّج لها عبر الإنترنت مقلد ومغشوش ويهدد الحياة، وفقاً لتحذيرات منظمة الصحة العالمية.

ولفت إلى أن الوزارة أصدرت 11 تعميماً للتحذير من استخدام منتجات صيدلانية يتم الترويج لها كمكملات غذائية ومقويات جنسية للرجال، تحتوي على مواد دوائية غير معلن عنها، تسبب خطراً كبيراً على المرضى المصابين بأمراض القلب أو السكري أو ارتفاع نسبة الدهون، خصوصاً الذين يتناولون أدوية تحتوي على النيترات.

وتضمنت التعميمات أحدث تقارير السلامة للوسائل الطبية الموجهة إلى مديري المناطق الطبية ومديري المستشفيات الحكومية والخاصة، لسحب تشغيلات وسائل طبية قد تتسبب في تجلط الدم وتهديد حياة مرضى رد الفعل التحسسي.

وذكر الأميري أن أكثر الأدوية المغشوشة والمقلدة التي تباع عبر الإنترنت وتهرّب إلى الدول، هي الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المزمنة، مثل السكري والضغط والسمنة، لزيادة الطلب عليها، والأدوية التي تباع العبوات الأصلية منها بأسعار مرتفعة.

ولفت إلى أن رواج الغش الدوائي يعود إلى سهولة تصنيع الأدوية المزيفة، وارتفاع عائدها، إلى جانب نقص الوعي بين الناس، وسهولة الحصول على هذه الأدوية من المواقع الإلكترونية.

وأوضح الأميري أن الدواء المغشوش يكون مخلوطاً بمواد خطرة تسبب مضاعفات صحية شديدة قد تصل للوفاة، وقد تتسبب هذه المنتجات في فقدان الثقة بالأدوية، وفي مقدمي خدمات الرعاية الصحية وفي النظم الصحية.

وأشار إلى أن ظاهرة التسويق الإلكتروني للمنتجات الطبية من أخطر الوسائل الترويجية على صحة المجتمع، وهذه الظاهرة تتنامى في دول العالم بشكل كبير، خصوصاً الترويج عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ووسائل الاتصال الحديثة.

وقال الأميري إن هناك خطوات عملية تنفذها الوزارة، مثل تنظيم مؤتمر الإمارات الدولي الثاني لمكافحة التزييف الدوائي بمشاركة واسعة من الوزارات والمنظمات الدولية، والمؤسسات المعنية بمكافحة الأدوية المزيفة والمغشوشة.

بدوره، حذر مدير إدارة الخدمات الصيدلانية بهيئة الصحة في دبي، الدكتور علي السيد، من المنتجات التي تحمل صفات دوائية وتباع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنها «تضر بشكل كبير بالصحة، وقد تسبب الوفاة».

وأضاف أن «ادعاءات بائعي هذه المنتجات ومزاعمهم حول إمكاناتها السحرية، باطلة ولا أساس لها من الصحة»، لافتاً إلى أن «كثيراً منها يحتوي على مواد محظورة على مستوى العالم، فضلاً عن أنه لا يمكن التثبت من جودة المنتج وصلاحيته إلا بالتحليل والفحوص الطبية المخبرية».

وذكر السيد أن إدارة الرقابة الدوائية في الهيئة تعمل بالتعاون مع الوزارة على مكافحة انتشار هذه المنتجات في الأسواق، من خلال البرامج التوعوية والتثقيفية، مطالباً أفراد المجتمع بعدم تصديق الإعلانات التي تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الانسياق وراء ادعاءات مروجيها.

من جانبه، أكد المحامي والمستشار القانوني، عبدالله آل ناصر، أن من يديرون هذه النوعية من الحسابات معرضون للمساءلة القانونية، سواء كانوا داخل الدولة، بحيث تطبق عليهم مواد قانون العقوبات الاتحادي ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، أو خارجها بحيث ينظم ذلك الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي تربط الدولة بالدولة التي يُقيمون فيها.

وتابع أن المتضررين من المنتجات التي تروجها تلك الحسابات قادرون على ملاحقتهم قضائياً، مشيراً إلى أن الدوائر المعنية بالأمن الإلكتروني في الدولة قادرة على تحديد مكان وجودهم والوصول إليهم.

تويتر