صيادلة: تبادل الدواء بين الأهل والأصدقاء يهدّد بالوفاة

أكد صيادلة خطورة تبادل الأدوية بين الأصدقاء والأهل دون استشارة الطبيب، وأن هناك أناساً كثيرين يتبادلون بعض أنواع الأدوية في ما بينهم على سبيل التهادي والمجاملة، دون الرجوع إلى الطبيب لتشخيص حالتهم وصرف الأدوية المناسبة، مشيرين إلى أن هذه الظاهرة تنتشر، دون الأخذ بعين الاعتبار الآثار الجانبية في الشخص الآخر بسبب طبيعة جسمه أو تعارضه مع دواء آخر يستعمله، الأمر الذي قد يتسبب في تعرض حياة مستعمله لمخاطر عدة وربما الوفاة. فيما أكد سكان في أبوظبي منح أدوية متعارف عليها لعلاج بعض الأعراض التي ظهرت على أصدقائهم أو أطفالهم، التي تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة، والسعال، وحالات الإرجاع، والمغص، والتحسس من لدغات الحشرات، فضلاً عن أدوية لعلاج أمراض مزمنة مثل السكري والضغط وغيرهما.

أكدت مدير الصيدلية في مستشفى المفرق التابع لشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، ميسون عبيد الكعبي، أنه لا يجوز للمريض مشاركة الدواء مع الآخرين، ولا يجوز استعمال دواء شخص آخر من دون استشارة الطبيب أو الصيدلاني، لأن الاستخدام العشوائي يؤدي إلى نتائج عكسية، ربما تصل إلى الوفاة، والسبب في ذلك هو تهاون الكثيرين في استخدام الدواء وعدم الدراية بمخاطره ومضاعفاته، حيث إن مفعول الدواء يختلف من شخص لآخر حسب طبيعة كل جسم.

قطعة بلاستيكية سبب سعال طفلة

تعامل مستشفى المفرق في أبوظبي خلال العام الماضي مع حالة سعال مزمن لطفلة تبين أن سببه ابتلاع قطعة بلاستيكية صغيرة، رغم قناعة الأهل الأولية بأنه سعال طبيعي أو ربو يصيب الأطفال، فقاموا بإعطائها أدوية خاصة بذلك، وبعدما لم تلقَ الأدوية نتيجة، تم عرض الطفلة على طبيب مختص الذي اكتشف وجود جسم غريب في الرئة سبب حالة السعال عند الطفلة.

- أمهات يستخدمن مواقع «التواصل الاجتماعي» للتبرع بالدواء دون علمهن بالعواقب.

- الأدوية التي يصرفها الطبيب لحالة مرضية معينة ليست بالضرورة مجدية للحالة نفسها عند مريض آخر.

وأشارت إلى أن الطبيب المعالج هو الذي يميز السبب الرئيس وراء حالة المريض الصحية عن طريق الأعراض، والعلامات، والفحوص الطبية والتحاليل المخبرية، فعلى سبيل المثال يمكن أن يعاني طفل سعالاً ويعالج من خلال دواء معين، وطفل آخر لديه سعال وقد يتسبب له العلاج المشابه في آثار جانبية، بسبب ابتلاع الطفل لشيء ما سبب له سعالاً مستمراً، أو ربما فيروس مختلف لما أصاب الطفل الآخر.

وقالت المشرفة في صيدلية العيادات الخارجية بمدينة الشيخ خليفة الطبية بأبوظبي، التابعة لشركة «صحة»، ميادة الطنيجي، إن استعمال الدواء لأكثر من شخص أمر لا ينصح به، تجنباً لتناقل العدوى بين الأشخاص، في حال وجودها، حيث إن المشاركة بين الأفراد في استخدام الدواء نفسه قد تتسبب في انتقال البكتيريا والفيروسات المعدية من الشخص المصاب إلى الشخص الآخر، ما يؤدي الى تفاقم المرض بدلاً من علاجه.

وأضافت أن فتح علبة الدواء المستمر عند الاستخدام قد يفسده، خصوصاً اذا كان عبارة عن شراب أو محلول، إضافة الى أن هذا السلوك قد يتسبب في نقص كمية الدواء اللازمة للمريض ليتناولها خلال الفترة الزمنية التي حددها الطبيب المعالج، ما قد يؤدي الى عدم تجاوب المريض مع الخطة العلاجية المرجوة.

وأوضحت أن على المريض التأكد دائماً من صلاحية الأدوية عند تسلّمها من الصيدلية وقبل استعمالها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأدوية بمختلف أنواعها قد تختلف صلاحيتها بمجرد فتحها.

وأكدت الطنيجي أن المحافظة على الأدوية وتخزينها في الأماكن الجافة والبعيدة عن الحرارة والرطوبة تحافظ على خاصيتها وتقيها من التلف، فالتعرض للحرارة الشديدة (الشمس على سبيل المثال) أو الرطوبة يتسبب في تلف المواد الفعالة المكونة للدواء، وهذا التلف قد يؤدي الى انعدام فاعلية الدواء، ويجعله بلا فائدة علاجية، أو قد يؤدي تحوله إلى مواد ضارة قد تتسبب في أعراض جانبية غير مرجوة، موضحة أن درجات الحرارة الملائمة لمعظم الأدوية من حبوب وكبسولات وشراب وكريمات هي من 23-25 درجة سيليزية.

ونوهت المشرفة الصيدلانية ميادة الطنيجي، بأن طبيعة جسم الإنسان تختلف من شخص الى آخر، وفي حال تشابه المرض فإن لكل مريض خطة علاجية يحددها الطبيب وفقاً لما ينتج عن التحاليل المخبرية والفحوص الأولية للضغط والسكري، مشيرة إلى أنه يتوجب على المريض أن يتجنب اخذ الدواء من دون استشارة الطبيب، أو الأخذ بنصيحة الصيدلاني، لأن ذلك قد يؤثر سلباً في صحته ويؤخر فترة العلاج، ما يؤدي الى تفاقم المرض.

فيما قالت مسؤول صيدلية بالإنابة في مستشفى الرحبة بأبوظبي، التابع لـ «صحة»، مي حسن بوعلي، إن هناك تعارضاً قد يكون بين الأدوية المتناولة دون استشارة مع أدوية أخرى، وقد ينجم عنه حدوث تفاعلات بين الأدوية المختلفة التأثير التي يتناولها المريض في وقت واحد، وقد يتسبب هذا التفاعل في زيادة السمية أو فقدان الفاعلية أو قد يتكون مركب أشد فاعلية مما لو كان كل مركب على حدة.

وأشارت بوعلي إلى أن عقار المترونيدازول (Metronidazole) على سبيل المثال، يزيد من مستويات الوارفارين (Warfarin) في الدم، كما أنه يزيد من تأثيره المضاد للتخثر ويزيد هذا الدمج من احتمال حدوث نزيف، موضحة أن الأمر لا يقتصر فقط على الأدوية، فهناك بعض أنواع الأعشاب والطعام قد تتسبب في حدوث أعراض جانبية وتؤثر في فاعلية الدواء. وأضافت أنه لا يجب تناول الأدوية دون إشراف طبي واستشارة الصيدلي المختص، فالطبيب والصيدلي يعرفان المخاطر والآثار الجانبية المحتملة للأدوية ومتى ينصح بتناولها من عدمه، وحتى الأدوية التي ينصح بها الطبيب أو الصيدلي في حالة مرضية معينة ليست بالضرورة مجدية نفعاً للحالة المرضية نفسها عند شخص آخر، بل على العكس قد تشكل خطراً كبيراً على حياته، لأن تناول الأدوية مع أدوية أخرى أو تناولها لفترات طويلة أو بجرعات أكبر من اللازم قد تكون له مضاعفات خطيرة على الصحة. وأكدت مي بوعلي أن كمية الأدوية المصروفة للمرضى يتم تحديدها على حسب حالة المريض، وتختلف من شخص الى آخر وفقاً لجرعة العلاج التي يحتاجها والمدة الزمنية اللازمة لاستخدامها، والتي يتم تحديدها اعتماداً على سن المريض وجنسه ووزنه وطريقة إعطاء الدواء والتاريخ الطبي ونتائج التحاليل المخبرية والفحوص الطبية، وذلك ينطبق على المرضى كافة وجميع الأمراض سواء السكري أو الضغط أو السعال أو الحساسية وما شابه.

كما أن مواعيد تناول الأدوية تختلف من شخص الى آخر، حسب الحالة المرضية التي يعانيها ونوع العلاج الذي يتناوله.

من جانبها، قالت أم سيف، موظفة، إن الدواء الزائد لديها في أغلب الأحيان تقوم بمنحه للآخرين، وإذا كانت هناك كمية محدودة لديها ووجدت ابن صديقتها أو قريبتها يعاني الأعراض ذاتها لولدها تقوم بإعطائه الجرعات حسب الوصفة الطبية، من خلال مشاركته فيها، مع الأخذ بالاحتياط استخدام ملعقة أخرى، مضيفة أنها اعتادت ذلك بين معارفها، ويتم تبادل أدوية أطفالهن عند الحاجة، ولا سيما في بعض الأعراض مثل ارتفاع الحرارة والمغص والسعال وحالات الإرجاع والتحسس من لدغ الحشرات.

وأفادت أم حمود، ربة منزل، بأنها قامت في وقت سابق بعرض الأدوية الزائدة لديها، التي لم تستخدمها مطلقاً، على إحدى صفحات الـ«فيس بوك»، حيث لم تجد أحداً من معارفها يحتاج لهذه الأدوية، وبالفعل تواصلت مع سيدة وأرسلت إليها الأدوية، مشيرة إلى أن ثمن الأدوية مرتفع، ما دفعها للتصدق بها عوضاً عن إتلافها.

وأكد محمد المنصوري، أنه اعتاد بين الفترة والأخرى أن يتبرع بالأدوية الزائدة لديه إلى المعارف، حتى بات كل من يحتاج إلى دواء معين يلجأ إليه ليأخذ حاجته، مشيراً إلى أنه يعاني السكري والضغط، ويتناول أدوية مخثرات الدم، حيث يحرص دوماً على أن يتوافر لديه كمية إضافية في سيارته وفي البيت، لمنح أي شخص يطلب منه الدواء.

الأكثر مشاركة