توصية بتعديلات قانونية لتقليل حالات انتكاس المتعافين من الإدمان

«الداخلية» تعد استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة المخدرات

قال مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية، العقيد سعيد بن توير السويدي، إن الوزارة تعمل حالياً على إعداد استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة المخدرات، تُعنى بها الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، لتعزيز دورها في الوقاية من المخدرات.

 وأضاف السويدي، في حوار مع «الإمارات اليوم»، أن الوزارة انتهت من مراجعة قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وذلك بالتنسيق مع وزارة العدل وجهات أخرى، وخرجت بمقترحات لتعديل القانون الحالي، بينها معالجة بعض العقبات التي تواجه المتعافين من الإدمان، لتشجيعهم على الاندماج في المجتمع، وتعزيز آليات المتابعة اللاحقة، لتقليل حالات الانتكاس والعودة.

 وأشار إلى أن هناك تنسيقاً مستمراً مع وزارة الصحة، والمركز الوطني للتأهيل، والجهات الصحية التي توفر خدمات العلاج والتأهيل لحالات الإدمان على المخدرات، والتي يتم تحويلها من وزارة الداخلية، أو الجهات القضائية في الدولة.

وأكد السويدي أن «أهم محاور استراتيجية مكافحة المخدرات في الوزارة، الاهتمام والاستثمار في مجال الوقاية من المخدرات لخفض الطلب عليها، إلى جانب تقليل فرص عرض المخدرات، إذ إن تركيز الاهتمام فقط على محور مكافحة العرض وضبط حالات الاتجار والترويج لن يكون مجدياً، ما لم تكن هناك مبادرات تهدف إلى تعزيز قدرة ومهارات النشء على تحصين أنفسهم من الانخراط في دائرة الإدمان».

ولفت إلى أن برنامج خليفة لتمكين الطلاب (أقدر)، يعد أحد البرامج الوقائية الرائدة في حماية الطلبة من الظواهر السلبية، بما فيها المخدرات، كما أطلقت وزارة الداخلية، خلال الأشهر القليلة الماضية، خدمة «مكافح» الهاتفية على الرقم المجاني (80044)، وهي تركز على تعزيز الوقاية من المخدرات، وتقدم رسائل إلكترونية لتعريف المخدرات وشرح دلالات ومؤشرات اكتشاف حالات الإدمان في محيط الأسرة، وتتضمن الخدمة أيضاً اختباراً إلكترونياً، يساعد الآباء على تقييم أي حالة اشتباه في تعاطي المخدرات بين أفراد عائلته.

وأكد أن «الوزارة تعمل على تذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه المتعافين من الإدمان، وتتخذ تدابير متوازنة، للتأكد من أن لديهم رغبة صادقة وإرادة قوية لعدم الانتكاس، والعودة مجدداً للمخدرات»، لافتاً إلى أن «إدمان المخدرات يعد مشكلة عالمية معقدة، وتواجه مكافحتها تحديات أمنية وصحية واجتماعية، خصوصاً في ظل ارتفاع نسب الانتكاس والعودة إلى تعاطي المخدرات على الصعيد العالمي».

 العقوبات البديلة

 وفي ما يتعلق بإلغاء عقوبات تعاطي المخدرات، ذكر السويدي: «هذا أمر غير وارد، فالمشرّع شرّع العقوبة من أجل تقويم مرتكب جريمة التعاطي وإصلاحه ودفعه نحو تغيير نفسه، وهنا يجب أن نعي تماماً أنه دون رغبة المدمن نفسه في العلاج، وإرادته وعزيمته على الإقلاع عن تعاطي المخدرات، لن تجدي نفعاً أي تدابير يتم اتخاذها في إطار علاجه من الإدمان».

 وأضاف أن «إيجاد بدائل للحبس والإعفاء والتخفيف من العقوبات، لا تعتبر توجهات جديدة في الإمارات، إنما هي نهج قائم ومعمول به، وذلك لا يمنع من مراجعة تلك التدابير، واقتراح بدائل أخرى تواكب المستجدات الراهنة، وفق أفضل الممارسات العالمية المعمول بها، والمبنية على أدلة ونتائج إيجابية».

 وشرح أن «إدارات وأقسام مكافحة المخدرات تؤمن تماماً بأهمية احتواء المدمن وإصلاحه، وتسعى إلى تحقيق هذا الهدف قبل مباشرة فتح البلاغات، واتخاذ الإجراءات القضائية بحقه، وفي سبيل ذلك تتبع سياسة مرنة في تقييم حالات تعاطي المخدرات، آخذة بعين الاعتبار سن المدمن وأسبقياته الجنائية، وترابطه مع أسرته وتعاونه، ومدى استعداده لتلقي العلاج والإصلاح».

ولفت السويدي إلى إن «الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية تدرك تماماً ضرورة إعادة النظر، ودراسة بدائل الحبس في جرائم تعاطي المخدرات، بل هناك توجه عالمي لإيجاد عقوبات بديلة عن عقوبة الحبس بالنسبة للمضبوطين في تعاطي المخدرات، وإحالتهم إلى المراكز العلاجية كمتطلب رئيس في تلك البدائل»، مشيراً إلى أن «الإيداع في إحدى وحدات علاج الإدمان، بدلاً من الحبس أو السجن، أمر جوازي للقاضي، وفقاً لنص المادة 42 من قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، كما أن المادة 55 من القانون ذاته تعفي الجاني من العقوبات، في حال تعاونه مع الأجهزة القضائية، أو الإدارية في الإبلاغ عن الجرائم، وتخفف عنه العقوبة إذا سهل للسلطات القبض على أحد الجناة».

 تحديات اجتماعية

 ونبه السويدي إلى أن «هناك ظروفاً اجتماعية محيطة، تدفع المتعافي من الإدمان إلى الانتكاس مرة أخرى، منها عدم تقبله من قبل أفراد أسرته ومجتمعه، وصعوبة حصوله على فرصة عمل، الأمر الذي يؤثر فيه نفسياً ويشعره بالإحباط، ما قد يؤدي إلى انتكاسه، وهو ما يتطلب وجود إرادة صادقة وعزيمة قوية لدى المتعافي، لمواجهة هذه الصعوبات، ليثبت للجميع أنه تعافى بشكل تام».

 وأوضح أن تعاطي المخدرات لأول مرة، هو في الأصل انحراف سلوكي يعاقب عليه القانون، لكن سرعان ما يتحول إلى إدمان، ومرض يستدعي علاجاً وتدخلاً طبياً، ورعاية اجتماعية وأسرية لاحقة، لذا يجب على الأسر احتواء أبنائها من المدمنين، ومساعدتهم على الاندماج مرة أخرى في المجتمع.

تويتر