«الصحة» تتجه لمساعدة المدخنين على الإقلاع هاتفياً عبر «خط ساخن»

‬60 ٪ من سكان الإمارات يرغبون في تجــربة التدخين

صورة

أفاد مسح أجرته وزارة الصحة، أخيرا، بأن ‬60٪ من الأشخاص يريدون تجربة التدخين، بينما كانت نسبتهم ‬30٪ عام ‬2005، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه الوزارة إلى تقليل استهلاك الطلاب منتجات التبغ المختلفة، من نسبة ‬28 إلى ‬18٪، خلال ثلاث سنوات، وزيادة نسبة عدد الطلاب المقلعين عن التدخين، بنسبة تراوح بين ‬5 إلى ‬15٪، خلال ثلاث سنوات.

وأكدت مديرة الرعاية الصحية، في وزارة الصحة، وداد الميدور، أن الوزارة تخطط لعمل «خط ساخن»، للإقلاع عن التدخين، ومن خلاله سيتم توجيه المدخنين إلى كيفية الإقلاع عن التدخين والعلاج منه، عن طريق الهاتف.

تجربة التدخين

قال أحد المدخنين محمد خالد إنه يدخن منذ سن الرابعة عشرة، لافتاً إلى أنه أشعل أول سيجارة على سبيل التجربة، ثم اعتادها بسبب أصدقاء السوء الذين كانوا يشجعونه على التدخين، موضحا أنه كان يدخن في أوقات فراغه، وفي حرم المدرسة مع أصدقائه الذين كانوا يعطونه السجائر، وكلما اتخذ قرارا بالإقلاع عن التدخين، يعود مرة ثانية يدخن بشراهة.

وروى صديقه، مصباح محمد، قصته مع التدخين، قائلا إنه بدأ رحلة التدخين منذ الثانية عشرة على سبيل محاكاة الأصدقاء، ثم أصبحت عادة يومية، لافتا إلى أنه لا يستطيع الإقلاع عن التدخين، متابعاً أنه حاول الإقلاع مرات عدة دون جدوى، مشيراً إلى أن معظم المدخنين يعلمون أضرار التدخين على صحتهم، لكنهم يفضلون التدخين لشعورهم بالراحة والتعبير عن ضجرهم.

وقال الطالب محمد سالم، في المرحلة الثانوية، إن والده يستهلك ثلاث علب سجائر يومياً، ما دفعه إلى تجربة التدخين، وهو في عمر الرابعة عشرة، لكي يقلد والده ويحاكيه في التصرفات، لأنه يعتبره قدوة حسنة، ثم اعتاد التدخين بشكل يومي وأدمنها، محملا والده المسؤولية، لأنه كان يدخن أمامه غير مبالٍ بآثار السجائر السلبية عليه.


الإقلاع عن التدخين

قال (أبوعوف) أحد المتعافين من إدمان التدخين، إنه أشعل أول سيجارة في سن الـ‬11 عاماً، موضحاً أن أخاه الأكبر وأصدقاءه من المدخنين.

وأشار إلى أنه تعرض للضرب على يد والده وأخيه الأكبر أكثر من مرة، بسبب التدخين، وحدثت مشكلات عائلية كبيرة، أدت إلى انقطاعه عن أخيه.

وأضاف أن معدله الدراسي تراجع حيث كان يحصل على المراكز الأولى في المرحلة التأسيسية، إلا أنه وصل إلى المركز الـ‬16 في الصف السادس، ولاحظ أهله الفرق في درجاته.

وتابع (أبوعوف)، أن الضرب والتهديد لم يفيدا في ترك التدخين، ووصل به الأمر إلى تدخين ثلاث علب سجائر في اليوم، واستمر في التدخين الشره طول أيام الدراسة الجامعية، إلى أن اشتد عليه الإرهاق، ولم يكن يستطيع التركيز، وذات يوم فقد الوعي، ولم يفق إلا في المستشفى بين الأجهزة الطبية.

وأضاف أن الطبيب سأله عن كمية السجائر التي يدخنها يومياً، ونصحه بالإقلاع عن التدخين، لتجنب الاصابة بمرض خبيث، وفكر في كلام الطبيب، واجتمع مع أصدقائه، ليبلغهم أنه ترك التدخين، وكان عمره وقتها ‬21 عاماً، وبالفعل امتنع تماما، من دون الاستعانة بمراكز الإقلاع عن التدخين، لافتاً إلى أنه واجه صعوبات كثيرة، منها العصـــبية المفرطة، في الأيام الأولى، وبعد أسبوع واحد فقط أحس بأن ترك السيجارة أمر طبيعي، ولم يعد يؤثر فيه، ومنذ ذلك الوقت لم يدخن سيجارة واحدة.

ويروي (ع.أ) قصته مع التدخين، قائلاً إنه بدأ التدخين في فترة المراهقة، (‬15 عاما)، عندما كان مع أصدقائه في «الفريج»، ودخنوا أعقاب السجائر، وفرحوا بتجربتهم الجديدة، وهذه كانت المرة الأولى، والأخيرة التي يدخن فيها ذلك العام.

وتابع أنه لم يفكر في السيجارة إلى أن دخل الجامعة وتعرض لضغوط كبيرة، لعدم حصوله على المعدل الذي رغب فيه، وأراد أن يعمل ويدرس في الوقت ذاته، وفكر في التدخين حتى ينسى الضغوط واشترى علبة سجائر، ومن هنا بدأ التدخين. وأشار إلى أن عائلته تضايقت من رائحة السجائر التي تنبعث منه، كلما دخل إلى المنزل، فانتقل إلى «المدواخ»، لأنه دون رائحة ويمكن تدخينه في جميع الأوقات. وتابع أنه أراد التوقف عن التدخين ولجأ إلى والده، فنصحه بمراجعة عيادة التدخين في المستشفى.

وتفصيلاً، قالت الميدور، لـ«الإمارات اليوم»، إن استهلاك التبغ من أهم عوامل الوفيات في العالم، إذ أصبح وباءً عالمياً، وتجب محاربته بجميع الوسائل المتاحة.

وأشارت إلى أن وزارة الصحة أجرت مسحاً للمدخنين في الدولة، أخيراً، وتبين أن نسبة الأشخاص الذين يريدون تجربة التدخين بلغت ‬60٪، مقارنة بـ‬30٪، عام ‬2005، ما يدل على تفاقم الوضع، مشددة على ضرورة تضافر جهود المؤسسات الحكومية والخاصة لمكافحة التدخين، لافتةً إلى أن برامج الإقلاع والعلاج، التي تقدمها الوزارة للشخص الواحد كلفتها ‬3000 درهم.

وأشارت إلى وجود ثمانية مراكز للإقلاع عن التدخين، تابعة لوزارة الصحة، منتشرة في مختلف إمارات الدولة، يراجعها ‬4000 شخص، موضحة أن الوزارة تهدف إلى تقليل استهلاك الطلاب منتجات التبغ المختلفة، في المرحلة العمرية من ‬10 إلى ‬18 عاماً، من نسبة ‬28 إلى ‬18٪، خلال ثلاث سنوات، وزيادة نسبة عدد الطلاب المقلعين عن التدخين في المرحلة العمرية من ‬10 إلى ‬18 سنة من نسبة ‬5 إلى ‬15٪، خلال ثلاث سنوات، وذلك برفع مستوى الوعي الصحي بأضرار التدخين، وتغيير السلوكيات الخاصة بهذه العادة، وتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة، لحماية أنفسهم من التدخين، وخلق بيئة مدرسية داعمة لمكافحة التدخين.

وتابعت أن دراسة عالمية أشارت إلى أن استهلاك التبغ مسؤول عن وفاة خمسة ملايين شخص سنوياً حول العالم، بمعدل ‬13 ألف وفاة يومياً، ومن المتوقع أن تصل إلى ‬10 ملايين وفاة بحلول ‬2020.

وذكرت الميدور، أن دراسة أجريت أخيراً، حول استهلاك الأطفال والمراهقين في الإمارات التبغ، كشفت أن نحو ‬14.3٪ من الطلاب، و‬2.9٪ من الطالبات يدخنون، ونحو ثلث المدخنين بدأوا التدخين قبل سن العاشرة، وسبعة من كل ‬10 مدخنين، لديهم الرغبة في الإقلاع عن التدخين، ونحو ثلثي المدخنين لا يعتقدون أن التدخين ضار بالصحة، وأكثر من ثلث الطلاب يعتقدون أن المدخنين يتمتعون بجاذبية أكبر، ولديهم عدد أكثر من الأصدقاء.

وأضافت أنه سيتم الانتهاء من لائحة مكافحة التبغ، خلال العام الجاري، وتشمل منع بيع السجائر للقصر، الذين تقل أعمارهم عن ‬18 عاما، ومنع استيراد ألعاب الأطفال التي تحرضهم على التدخين، وتحظر التدخين في السيارة، ومنع التدخين في المناطق أو الأماكن العامة، مثل المدارس والمنشآت الصحية، ومنع بيع السجائر في البقالات القريبة من المدارس، إضافة إلى منع وجود محال شيشة في المناطق السكنية.

وتابعت الميدور أن التدخين العامل الرئيس للإصابة بسرطان الرئة والعجز الجنسي، لافتة إلى أن معظم شركات التبغ تلجأ إلى تضليل المستهلكين بتنوع السجائر بأنها خفيفة وقليلة الضرر، لكنها مجرد مكائد، مؤكدة أن جميع السجائر ضارة.

وشرحت أن معظم المدخنين البالغين بدأوا ممارسة هذه العادة الضارة في سن المراهقة، لأسباب عدة أهمها الفضول أي الرغبة في تجريب ما يستعمله الغير، وتشجيع الأصدقاء من خلال ضغوط المدخنين على غير المدخنين، وتقليد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، فقد ثبت أن أكثر المدخنين يأتون من أسر مدخنة والتأثير السيئ للإعلانات التي تروج ممارسة هذه العادة الضارة.

وطالبت الميدور الجهات المعنية والمجتمع بالتدخل للحيلولة دون توسع هذه العادة، التي بدأت تقلق معظم الأهالي والمجتمع الإماراتي، ويتعين على الإعلام بأشكاله كافة، المرئي، والمقروء، نشر التوعية بين مختلف الفئات العمرية.

وأقلع ‬2393 مدخناً من أصل ‬7306 مراجعين لعيادة الإقلاع عن التدخين في الطب الوقائي بالشارقة، أي بنسبة ‬32.7٪، وذلك منذ افتتاح العيادة عام ‬2000، وفق رئيس وحدة الإقلاع عن التدخين، الدكتور إبراهيم جابر، الذي أوضح أن ‬82 حالة تمثل نسبة ‬3.4٪، من المراجعين للعيادة انتكست حالتهم، بضغوط من أقرانهم المدخنين، سواء البالغين أو المدخنين.

وتابع أن العيادة ساعدت ‬156 مدخناً على الإقلاع عن التدخين من بين ‬486 مراجعاً في الفترة من مايو ‬2011، وحتى أبريل ‬2012، موضحاً أن التدخين إدمان سلوكي أكثر منه إدماناً بدنياً، وإذا ترك المدخن السيجارة لمدة تزيد على ستة أشهر يستطيع إنهاء إدمانه، ويتخلص من عادة التدخين، ولن يعود إليها مرة أخرى.

وأضاف أن التدخين يعد من أخطر أمراض العصر، وهو مرض مزمن، ويؤثر سلباً في جسم الإنسان منذ السيجارة الأولى، ويصيب معظم أعضاء وأجهزة الجسم، من المخ والقلب، والكلى والجهاز التنفسي، ويسبب العديد من الأورام السرطانية.

وأوضح جابر أن المدخنين يبدأون التدخين بتأثير من الأقران، ويدمنونها بمساعدتهم، وهنا يكون الإقلاع عن هذه العادة أصعب، لأن المدخن يبقى مع أقرانه وينتكس كلما كان قريباً من التبغ، مضيفاً أن بداية التدخين لدى البعض، تبدأ بتدخين أحد أفراد العائلة وغالباً ما يكون الأب.

وأكدت مديرة الصحة المدرسية في الشارقة، الدكتورة آمنة علوان، انتشار التدخين بين طلاب المدارس، لافتة إلى أن تدخين الطالب مسؤولية المدارس والبيئة التي يكون فيها، وأقرانه الذين يحرضونه على التدخين أو مادة التشيني كيني، المنتشرة حالياً بين الطلبة.

وأضافت أن الطلبة يستخدمون مادة التشيني كيني، بهدف الانشغال عن الدراسة والمدرسة، موضحة أن أكثر الطلبة لا يحبون الدراسة، وهذه المادة تساعدهم على نسيان الدروس، لكنها تؤثر بشكل كبير في مستواهم الدراسي، ويظهر ذلك في تراجع درجاتهم.

وتابعت أن أول من اكتشف التدخين عند الطلبة، واستخدام التشيني كيني، هم أطباء الأسنان، إذ إنهم لاحظوا وجود انتفاخ في تجويف الحلق، للطلبة الذين يستخدمون هذه المادة، وهذه بداية للإصابة بالسرطان.

وأكد مدير مركز الأمراض الجلدية، في هيئة الصحة بدبي، الدكتور أنور الحمادي، أن للتدخين آثاراً كبيرة في الصحة عموما، والجلد خصوصا، إذ إن التدخين يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة، وظهور التجاعيد على الوجه، واصفرار بعض المناطق والإصابة بسرطان اللثة.

وأوضح أن هناك دراسة أظهرت أن معظم المدخنين يعانون شيخوخة الجلد، والتهابات مزمنة، منها التهاب الغدة العرقية القيحي، ومرض الصدفية وغيرهما من الأضرار الصحية والنفسية والجسدية، كذلك يتسبب التدخين في ضعف الاستجابة للعلاج، كما أن له علاقة بمختلف الأمراض الجلدية، إذ إن معظم المرضى الذين يراجعون مركز الأمراض الجلدية من المدخنين.

وتابع أن العامل الرئيس، الذي يشجع الشاب على التدخين رؤية أحد الوالدين يدخن أمامه ما يدفعه إلى محاولة محاكاته، والعامل الآخر رفقاء السوء، الذين يريدون مشاركة أصدقائهم في التدخين.

تويتر