استثمارية البحث العلمي

يُعرف البحث العلمي بشكل مبسط بأنه أي جهد منظم بمنهجية علمية لاكتساب معرفة جديدة، لكن من الجهة الاقتصادية هل يستطيع البحث العلمي أن يكون مورداً استثمارياً حيوياً لنمو الاقتصاد المعرفي للدولة وتعزيز إنتاجها الصناعي؟

تشير الإحصاءات إلى أن معظم الدول المنتجة للصناعات الثقيلة والحيوية تصرف على البحث العلمي أكثر من 3% من إجمالي الناتج المحلي (GDP).

ولذلك هنالك علاقة واضحة وصريحة بين الاهتمام بالبحث العلمي وإنتاج المعرفة لتحسين النمو الاقتصادي، لكن التحدي الحقيقي هنا يكمن في ترجمة الأبحاث العلمية إلى مشروعات وحلول صناعية ذات قيمة اقتصادية تتناسب مع رؤية الدولة الحاضنة.

وهذا يفسر لماذا تجد في المؤسسات الصناعية قسماً خاصاً بـ«البحث والتطوير»، حيث نجد هنا الربط المباشر بين البحث العلمي والتطوير، سواء كان هذا التطوير يشمل منتجاً أو خدمة معينة تقدمها المؤسسة لتطوير اقتصادها.

إذا أردنا تفعيل وتطبيق مبدأ استثمارية البحث العلمي على مقاييس أكبر، فمن الضروري إشراك كل أصحاب المصلحة (Stakeholders) في القطاع الصناعي، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص أو الأكاديمي.

لأن كيفية تطبيق استثمارية البحث العلمي تحتاج إلى مجهود تكاملي، فمثلاً يجب على الجامعات البدء في التسويق الاستثماري عن مراكزها البحثية العلمية، والطرق الاستثمارية المتاحة، مثل كراسي الأستاذية والمختبرات العلمية المؤسسية المشتركة، وما مردودها الاقتصادي للمستثمرين أصحاب رؤوس الأموال.

ومن الناحية السياحية، تستطيع الحكومات العمل على الترويج الاستثماري ومراكزها البحثية العلمية، كما تفعل مع بقية الفرص الاستثمارية، مثل العقارات، وغيرها من الأصول.

فمثلاً، في المنتدى الاستثماري السعودي الياباني أخيراً، تم الاتفاق على الاستثمار المتبادل بين الدولتين بقيمة تفوق ثلاثة تريليونات، حيث سيتم تخصيص خمس حدائق صناعية، تشمل مراكز علمية بحثية تطبيقية، في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة.

وفي القطاع الخاص، يجب علينا تشجيع الشركات الصناعية الكبرى على التعاون الاستثماري مع مراكزنا البحثية العلمية، من خلال تقديم تسهيلات لوجستية أو مالية أو غيرها.

الاستثمار في البحث العلمي فرصة جديدة وخصبة لدعم الاقتصاد المعرفي في دولة الإمارات.

باحث أكاديمي

تويتر