مَطالب بدعمهم نفسياً.. ودراسة تقارن شعورهم بالسنوات الماضية

طلبة يعانون القلق والانطوائية والتنمّر بعد العودة إلى المدارس

صورة

أكد ذوو طلبة تعرض أبنائهم للتنمّر عقب عودتهم إلى الصفوف الدراسية، بسبب زيادة الوزن، أو الإفصاح عن إصابتهم بـ«عدوى» فيروس «كورونا» في وقت سابق.

ولفت آخرون إلى شعور أبنائهم بالقلق من العودة للصفوف الدراسية بعد ابتعادهم عنها فترة طويلة، وميلهم إلى الانطواء على الذات.

وحذر تربويون من زيادة حالات القلق والاضطراب والتنمّر بين الطلبة، عقب عودتهم إلى الصفوف الدراسية، بعد انقطاع دام أكثر من 11 شهراً، نتيجة تطبيق نظام التعليم عن بعد (منذ مارس العام الماضي)، ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من «كورونا»، فيما أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع إجراء دراسة ترصد شعور الطلبة بعد فترة الانقطاع عن الدوام المدرسي، وتقارنه بما كانت عليه الحال خلال السنوات الماضية.

وشددت دائرة التعليم والمعرفة على ضرورة وضع المدارس خطة لدعم الطلبة في التأقلم والتعامل مع أعراض القلق والصدمة، لضمان صحتهم وسلامتهم، بناءً على نماذج تقييم المخاطر الفردية بالتعاون مع المرشدين في المدرسة.

وكانت الدائرة حددت يوم 14 فبراير الماضي موعداً لعودة الطلبة (القطاع الخاص ومدارس الشراكات التعليمية) إلى مقاعد الدراسة، وفق الاشتراطات والإجراءات والتدابير الاحترازية.

وأبلغت ذوي الطلبة بذلك عبر رسائل نصية، وأرفقت بها دليل أولياء الأمور لإعادة فتح المدارس.

وتفصيلاً، أكد معلمون واختصاصيون اجتماعيون ونفسيون: سعد حماد، أحمد محسن، ومروة خيري، ونورا أدهم، وفاطمة إبراهيم، وخولة فهمي، أن تفشّي فيروس «كورونا»، وما ترتب عليه من تغييرات في شكل النظام التعليمي وبقاء الطلبة في منازلهم مدة زمنية تقارب العام، نتج عنهما شعور معظمهم بالتوق والحماس للعودة إلى المدارس، لكنّ هناك أطفالاً آخرين شعروا بالقلق أو الخوف حيال ذلك، ما أنتج عدداً من المشكلات النفسية، لافتين إلى أنهم رصدوا زيادة في حالات الانطوائية والعنف والتنمّر، وغيرها من المشكلات النفسية، داخل الصفوف.

وأكدوا ضرورة العمل على تحسين الصحة النفسية للطلبة، لأن انقطاعهم الطويل عن مقاعد الدراسة داخل الصفوف ترك تأثيرات نفسية متفاوتة، مطالبين بتطوير ووضع استراتيجيات للصحة النفسية والعقلية، في عملية مشتركة بين الأهالي والمدارس ووزارة التربية والتعليم، للتأكد من أنهم يتمتعون بحالة ذهنية ونفسية جيدة، إضافة إلى تفعيل برامج توعوية واجتماعية لتهيئتهم للعودة إلى المدارس.

وأكد ذوو طلبة تعرض أبنائهم للتنمّر من زملاء لهم بعد عودتهم إلى مقاعد الدراسة، لأسباب مختلفة، مثل الزيادة الملحوظة في الوزن، أو إفصاح الطالب عن إصابته بالعدوى في وقت سابق، أو نتيجة شعوره بالقلق من العودة إلى الصفوف بعد ابتعاده عنها فترة طويلة.

وأشارت والدة طالبة في الصف العاشر، منال حمدي، إلى أن ابنتها طلبت إعادة تسجيلها في نظام التعليم عن بُعد، بعدما تنمّرت عليها زميلات لها بسبب زيادة وزنها.

وقالت: «موقف ابنتي السلبي من المدرسة أشعرني بخيبة أمل، لأنني كنت آمل أن تساعدها عودتها إلى الصفوف النظامية في استعادة تفاعلها الاجتماعي، الذي أفقدتها إياه الدراسة الافتراضية».

وأفاد والد طالب في الصف الـ11 بأن زملاء لابنه أطلقوا عليه اسم «كوفيد»، بعد تعرضه للإصابة بالفيروس وتعافيه منه، ما أثار ضحك الطلبة الآخرين عليه، ودفع نجله إلى التشاجر معهم.

ودعا الإدارات المدرسية إلى توعية طلابها بما تُلحقه السلوكيات العدوانية من أذى نفسي لزملائهم الآخرين، لافتاً إلى زيادة حالات التنمّر داخل الصفوف.

وقال ذوو طلبة: محمد شكري، وأيمن عبدالمقصود، وليلى مبارك، وندى خلف، إن أبناءهم شعروا بالغربة بعد عودتهم للدراسة في المدرسة، لأنهم اكتشفوا أنهم وُضعوا في مجموعات لا تضمّ أياً من أصدقائهم.

وشددوا على ضرورة تنظيم برامج مكثفة للطلبة في التعليم الواقعي، و«الأونلاين» لتوعيتهم بالأمور التي لا يمكن لعقولهم الصغيرة التوصل إليها بلا مساعدة، مثل عدم وجود علاقة بين الفيروس وهيئة الشخص أو الدولة التي ينحدر منها.

ودعوا إلى تشجيع الطلبة على إبلاغ الإدارة مباشرة، في حال تعرضهم لشتائم أو محاولات تنمّر خلال وجودهم في المدرسة أو خارجها.

وأكد أستاذ الثقافة والمجتمع بالجامعة الكندية في دبي، الدكتور سيف راشد الجابري، وجود تأثير كبير في نفسيات الطلبة من العودة إلى المدارس بعد انقطاعهم الطويل عنها.

ودعا إلى تهيئة الطلبة نفسياً في عملية مشتركة بين ذويهم والمدرسين والإدارة المدرسية، كما دعا إلى توعيتهم حول التنمر، والعمل على وقايتهم وتقديم المساعدة اللازمة والدعم الكامل لهم في حال تعرضوا له.

وشدد الجابري على ضرورة العمل على إيجاد حلول تربوية فعالة وفقاً لشرائح ومراحل الطلبة، موضحاً أن «لكل فئة عمرية وضعها الخاص، فالتعامل مع طلبة المرحلة الثانوية يختلف عن التعامل مع طلبة المرحلة الابتدائية، وعليه لابد من أن تتنبه الإدارات التعليمية والتربوية المختلفة إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى الصبر والحكمة والتعاون مع الأسر، لتهيئة الأبناء للعودة إلى المدارس، ودفعهم نحو بناء الصداقات وعدم التباغض، والعودة إلى التحصيل العلمي السليم.

وقالت وزارة الصحة ووقاية المجتمع إنها تشرف، مع السلطات الصحية المحلية والمؤسسات الأكاديمية في الدولة، على إجراء دراسة لتقييم الصحة النفسية لطلبة المدارس في ظل جائحة «كوفيد-19».

وستستخدم نتائج الدراسة لإعلام المنظمين الصحيين وواضعي السياسات بما يتعين عليهم فعله، لمساعدة الطلبة على الاحتفاظ بصحة نفسية متوازنة في أوقات الأزمات.

وتركز الدراسة على رصد شعور الطالب حيال تجربته الحالية في المدرسة، وهل يعتبر نفسه أفضل في دراسته حالياً مقارنة بالسنوات الدراسية الماضية، وما إذا كان يشعر بمزيد من الأمان عند الدراسة عبر الإنترنت، وإمكان التواصل بأريحية مع الأصدقاء والمعلمين في المدرسة.

كما تحثّ الأسئلة الطلبة على تحديد شعورهم خلال فترات مختلفة، منذ بدء الجائحة، والضغوط التي تعرضوا لها أخيراً، ومدى تكرارها، ومدى شعورهم بالوحدة والتوتر، خصوصاً في وجود من هم أكبر منهم سناً، ومدى تفكيرهم في الظروف الصعبة التي مروا بها، وكيف يقيّمون حالتهم النفسية على مقياس من درجة إلى 10 درجات.

وبدورها، حذرت وزارة الداخلية من إهمال معالجة أسباب التنمّر بين الطلبة، سواء من الأسرة أو من المدرسة أو من قبل المؤسسات والجهات المعنية بشؤون الطفل، مؤكدة ضرورة نشر التوعية ضد العنف، وكيفية معالجة آثاره والتعامل معه، لما يخلّفه «التنمر» من مشكلات نفسية وجسدية على الأجيال.

وشددت على دور الأسرة في الحدّ من حالات التنمّر، من خلال تخصيص أوقات محددة خلال اليوم للجلوس مع الأبناء واللعب معهم والاستماع إليهم، وضرورة التواصل مع المختصين والجهات المعنية في حال تعرّض أحد الأبناء للعنف، لتقديم الاستشارات المناسبة لهم.

وأكدت ضرورة توعية المجتمع بمفهوم التنمر، وأشكاله، وأسبابه المختلفة، وأماكن حدوثه، وخصائص الشخص المتنمر، وكيفية ملاحظة وقوع التنمر على الأبناء، وعلاجه والوقاية منه، وتقديم النصائح والإرشادات عن كيفية التصرف مع المتنمر والتصدي له، وكيفية التصرف عند مشاهدة شخص يتعرض للتنمر.


دعم نفسي

أكدت دائرة التعليم والمعرفة أنه ينبغي على المدارس وضع خطة لضمان صحة الموظفين والطلبة وسلامتهم، بناءً على نماذج تقييم المخاطر الفردية بالتعاون مع المرشدين في المدرسة، مشيرة إلى أن الموظفين والطلبة قد يعانون، بعد عودتهم إلى المدرسة، بعض الأعراض بسبب الحجر أو العزلة الاجتماعية أو فقدان بعض المقربين.

وأضافت: «قد ترغب المدارس في الاستعانة بمرشدين إضافيين لدعم أفراد المجتمع المدرسي (الطلبة، والمعلمون، والموظفون)، خلال مرحلة ما بعد الحجر والعزلة، إضافة إلى تحديد الموارد اللازمة التي تناسب الأعمار المختلفة للتعامل مع مشكلات الصحة النفسية».

وشددت الدائرة على ضرورة أن يكون لدى المرشدين وموظفي دعم الصحة والسلامة، المعرفة اللازمة بكيفية التعامل مع الطلبة من أصحاب الهمم، وفهم ظروفهم غير الاعتيادية، «فقد يكون هؤلاء الطلبة أكثر ضعفاً من غيرهم من الناحية العاطفية، ما يؤثر سلباً في صحتهم النفسية».

وأشارت إلى أنه «في حال عدم امتلاك المرشدين التدريب والمعرفة والخبرة الكافية للتعامل مع الطلبة أصحاب الهمم والتواصل معهم، يجب عليهم الاستعانة بخبرات أعضاء هيئة التدريس المطلعين على احتياجات هؤلاء الطلبة، من دون التأثير في خصوصياتهم، وإذا لم يُتَح لهم الحصول على هذا الدعم من داخل المدرسة بسبب خصوصيات الطلبة، فيجب طلب المشورة من المتخصصين الآخرين مع الحفاظ على سرية الطالب».

وكانت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي حددت يوم 14 فبراير الماضي موعداً لعودة طلبة المدارس (القطاع الخاص ومدارس الشراكات التعليمية) إلى مقاعد الدراسة، وفق الاشتراطات والإجراءات والتدابير الاحترازية.

وأبلغت الدائرة أولياء الأمور بذلك عبر رسائل نصية، وأرفقت بها دليل أولياء الأمور لإعادة فتح المدارس.

وأوضحت في الدليل أنه «يمكن للطلبة العودة إلى نظام التعليم الصفي، علماً بأنه قد لا تتمكن بعض المدارس من استقبال الطلبة بالكامل في وقت واحد، بسبب محدودية عدد المقاعد المسموح به في كل فصل»، مشيرة إلى إمكان مواصلة التعليم عن بُعد، إذا كان هذا هو النموذج التعليمي المفضل.

وسمحت الدائرة للطلبة والمعلمين والعاملين في المدرسة من أصحاب الحالات المرضية المزمنة بالعودة إلى المدرسة، شريطة تقديم شهادة من الطبيب تفيد بأن الطالب لائق طبياً للعودة إلى المدرسة، واستمارة تعهد بإدراك المخاطر المحتملة على الطالب، موقّعة من ولي أمره.

كما شددت على إلزامية فحص «كوفيد-19» لطلبة التعليم الصفي من عُمر 12 سنة فما فوق، باستثناء أصحاب الهمم.

أما الطلبة في مرحلة رياض الأطفال الذين تم توزيعهم على مجموعات، فيجب ألا يتجاوز عدد الأطفال في كل مجموعة 10 أطفال، حدّاً أقصى.

وبالنسبة للطلبة في مرحلة رياض الأطفال، الذين يتلقون تعليمهم في الفصول الاعتيادية وليس ضمن مجموعات، فإن الحدّ الأقصى للعدد المسموح به في كل فصل هو 25 طالباً /‏‏‏ طالبة، مع مراعاة ترك مسافة 1.5 متر بين كل طالب وآخر.


«التعليم والمعرفة»:

• «على المدارس وضع خطة لضمان صحة وسلامة الموظفين والطلبة نفسياً».

والدة طالبة:

• «موقف ابنتي السلبي من المدرسة أشعرني بخيبة أمل، لأنني كنت آمل أن تساعدها عودتها إلى الصفوف النظامية في استعادة تفاعلها الاجتماعي».


• وزارة الداخلية أكدت ضرورة توعية المجتمع بمفهوم التنمّر وأشكاله وأسبابه وأماكن حدوثه.

تويتر