نقطة حبر

الاقتصاد الرقمي والتعليم

التحول إلى الاقتصاد الرقمي أصبح أمراً واقعاً، وواحداً من أهم متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، حيث أصبحت معظم الصناعات الثقيلة التي تمثل الشريان الأساسي للاقتصاد تعتمد على التكنولوجيا والبيئة الرقمية لمواكبة سوق العمل، والحفاظ على مراكز الريادة في ظل المنافسة العالمية.

تبقى المشكلة الأساسية في التحول إلى الاقتصاد الرقمي هي عدم وجود الوفرة الكافية من المهارات العلمية والتقنية العالية في سوق العمل، ما يعيق الانسيابية لمجاراة التغيرات السريعة في البيئة الرقمية، ومن هنا جاء الاحتياج لقطاع التعليم لحل معضلة نقص المهارات في البيئة الرقمية وتوفير احتياجات سوق العمل، وزيادة كمية المعرفة بتكنولوجيا المعلومات والمهارات في المنظومة التعليمية.

يرى البعض أن دور قطاع التعليم في التحول الرقمي محصور في استخدام أحدث التطورات التكنولوجية من خلال عملية التدريس، لكن قد يكون هذا غير كافٍ من باب إيجاد حلول ذات شمولية في الطرح والتطبيق، حيث خلق الثقافة الرقمية بين جميع أفراد المجتمع وقطاعاته هو الأولوية الأولى، إذا أردنا التغير المرن إلى الاقتصاد الرقمي وتوفير البيئة المستدامة له.

برأيي الشخصي الخطوة الأولى لإنشاء الثقافة الرقمية هي توفير منصات التعليم الرقمية للعامة التي توفر كميات هائلة من المحتوى التعليمي لجميع أفراد المجتمع تماماً كدور المكتبات العامة، حيث تتوافر فيها المواد التعليمية لكل الفئات والمستخدمين، وبذلك يزداد مستوى الوعي المجتمعي الرقمي، ما ينعكس لاحقاً بفهم ونمو إيجابي نحو متطلبات الاقتصاد الرقمي.

ثانياً يجب على القطاع التعليمي تشجيع مختلف القطاعات وسوق العمل على استخدام تقنية السحابة الإلكترونية التي تعتبر الحاضنة الأساسية للبيانات الكبرى، وتعزيز الأمن السيبراني لها لمواجهة أي اختراقات أو هجمات رقمية لها، وهذا قد يكون عن طريق زيادة إنتاج البحث العلمي في هذا السياق وتدعيم المختبرات المشتركة بين المؤسسات التعليمية والصناعية.

ومن الحلول التعليمية الأخرى التي تتبعها الجامعات المتقدمة علمياً توفير دعم تقني ولوجستي للشركات الرقمية الناشئة التي يكون أغلب روادها من الفئة الشابة التي تتسم بالطاقة والحيوية وروح التحدي نحو تحديات الاقتصاد الرقمي.

في النهاية أستطيع القول إن المنظومة التعليمية هي النقطة المركزية لأي هيكلية اقتصادية سواء كانت عجلة الإنتاج فيها مادية أو افتراضية، ولذلك كان دائماً اقتصاد الدولة ونوعية تعليمها وجهين لعملة واحدة.

وقد أعلنت دولة الإمارات أخيراً عن استحداث منصب وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد، وتعيين معالي عمر العلماء مسؤولاً عن هذا الملف. شخصياً أجد نفسي متفائلاً في صناعة اقتصاد رقمي ذي موثوقية عالية من خلال آلية تعليمية توفر الأرضية الخصبة من موارد بشرية لدعم هذا الاقتصاد من حيث المهارات والتقنيات العالية.

جامعة نيويورك أبوظبي

تويتر