نقطة حبر

علم الأزمات.. نصف القوة الناعمة

لأننا في عصر كورونا، الأزمة العالمية العابرة للقارات، لابد أن نشير بدايةً إلى أن العالم اليوم يُحاول جاهداً أن يُدير أزمة قائمة وقاتمة، تفرض نفسها بقوة، وتحقق كل يوم مزيداً من الخسائر.. أزمة لا أفق لها، ولا بصيص نور في آخر النفق يُرى، هذا المشهد ربما يعكس الصورة المثالية لما يُسمى بـ«إدارة الأزمات والكوارث»، التي لا يُشترط لها أن تأتي بثمار إيجابية دائماً، وإن كان أملنا بالله أقوى!

«إدارة الأزمات» تعني الاستعداد لما قد يحدث، ولما لا يحدث، والتعامل مع ما حدث، أما علم الأزمات فهو المظلة التي تتسع لـ«إدارة الأزمات» وما قبلها أو بعدها، ما هو أقل منها أو أكثر، علم الأزمات هو المقصود بـ«الوقاية خير من العلاج».

بفرضيات أخرى، يُمكن تبسيط مفهوم علم الأزمات على النحو الآتي: إذا كنت تمتلك مفاتيح الأبواب فأغلقها كما تشاء! إذا كانت لديك رؤية عامة للطريق فانطلق مسرعاً! إذا كنت تجيد فنون اللعبة فابدأ الآن! علم الأزمات هو أن تمتلك ما لا يُمكن لغيرك أن يحصل عليه؛ مادياً أو معنوياً.. بالعامية الفصيحة «العين بصيرة واليد طويلة»؛ هكذا ببساطة أرى التعريف الأقرب إلى علم الأزمات من واقع تجارب محيطة.

دعونا ننفِ النظريات ونتيقّن بالممارسات، في عالمنا المعاصر هناك نماذج واقعية كثيرة تعكس المعنى المقصود زمن علم الأزمات، فيها تتجلى كل السمات الحديثة لهذا المصطلح الطارئ على عالمنا اليوم.. إذا طبقنا علم الأزمات عليها، نجد أنه لابد أن نتلمّس طريق النهاية مُسبقاً بنور هذا العلم، وأن نمسك بأيدينا كل المفاتيح الكفيلة بغلق الأبواب بهدوء وفتحها متى نشاء، وأن نضع لكل محطة مظلة أمان، ذلك ما يسمى «علم الأزمات» الذي يجب أن نتعلمه جيداً للسنوات المقبلة.

في هذا المقال، نحاول أن نضع بعض النقاط على حروف الواقع لنستقي منها ما ينفع استراتيجيتنا لمستقبل أفضل.. مستقبل القوة الناعمة التي تمنحنا الثقة بالريادة المستدامة، كما هو واقع دولة الإمارات دائماً. ما يهمنا اليوم هو البناء لغدٍ نتمكّن فيه من الأخذ بزمام المبادرة، بإدراكنا أهمية «علم الأزمات والكوارث»، لرسم الخطوط المسبقة التي تبقينا على بصيرة بما سيحدث، لعلنا بها نتجاوز كل السيناريوهات المحتملة بسيناريو واحد مؤكد، ندعمه بلا حدود، ونتابع أدق تفاصيله، والأهم نُسرّع من خط سير الفكرة حتى تبلغ منتهاها قبل تاريخ الإنجاز المحدد.

«الأزمة» كيفما جاءت أو كانت، يلزمها دراسة مسبقة، وتخطيط مستدام حتى لا تدوم أزمة تستنزف الجهود والمقدرات.. في علم الأزمات يمكن أن نحقق أكثر بكثير مما قد نجنيه من إداراتها. علينا أن نضع كل السيناريوهات المتوقعة والاستراتيجيات المواتية، وخطط المواجهة بمستويات عالية الشدة، جنباً إلى جنب مع توقع الآثار والنتائج، ووضع الحلول والخطط العلاجية لتداعيات الأزمة.

خلاصة القول: لكي نتمكن من إدارة الأزمات بنجاح، علينا أولاً أن نتحصّن بعلم الأزمات، لأن العلم بالشيء أفضل وأكثر إيجابية من التعامل مع واقع طارئ!

خبيرة تربوية

تويتر