نقطة حبر

علماء الإمارات

هل العلماء يولدون علماء؟ هل هي مسألة حظ؟ أم أنها نتيجة واستحقاق؟ هذه الأسئلة كانت دائماً تدور في مخيلتي خلال رحلة بحثي عن ما هو السر أو الآلية التي كانت وراء نجاح معظم العلماء المؤثرين في تاريخ العالم، ومن خلال قرءاتي لسيرة عالمي المفضل ألبرت آينشتاين، الذي ذكر في مقالته الممتعة جداً: «أن الله لا يلعب بالنرد»، أن معظم الأشياء في الكون تسير حسب منهجية منظمة.

ومن هنا أستطيع القول كباحث أكاديمي وبكل الثقة إن الإمارات في الطريق الصحيح لإعداد علماء، سيكون لهم دور مؤثر في تحسين الحياة للبشرية بالمستقبل القريب.

قد يختلف الكثير من زملائي العلماء والأساتذة الجامعيين، ويعتبرون هذا الرأي متفائلاً جداً، وأن الطريق لايزال طويلاً لعلماء الإمارات أن يكون لهم ذاك الثقل في التأثير مثل بقية العلماء بالدول الغربية. لكن جوابي لهم كان ببساطة؛ مثلما كان وصول طموح زايد إلى الفضاء حلماً لم يتوقع أحد أن يتحقق من دولة ذات 48 عاماً؛ صنع علماء إماراتيين مميزين، والحصول على جوائز علمية كجائزة نوبل أمر ممكن جداً. هناك في وقتنا الحالي كثير من العلماء الإماراتيين، الذين نشرت واقتبست بحوثهم في أقوى المجلات العلمية وجامعات مرموقة، مثل الدكتور أحمد عيد المهيري، والدكتورة سهام الدين كلداري، والأخوين الدكتور علي المنصوري، والدكتور إبراهيم المنصوري.

صناعة العالم تحتاج إلى ثلاثة أمور مهمة: النواة وخامة الباحث، والحاضنة الصحيحة، والتوجيه المبكر. ومن خلال سفري لمختلف الجامعات العلمية المرموقة، التي يوجد فيها طلاب إماراتيون بالمرحلة الجامعية أو الدراسات العليا، أستطيع الجزم بأن الطالب الإماراتي لا ينقصه شيء، وبالعكس إن عيال زايد يتميزون بحب الاستكشاف والتحدي ذاته، كما فعل أجدادهم.

أما بالنسبة للحاضنة العلمية الصحيحة، فذكرت في كثير من المقابلات الأخرى أن دولة الإمارات نجحت في السنوات القليلة السابقة في إنشاء كثير من الحاضنات البحثية العلمية على مختلف المستويات والتخصصات. فمثلاً إنشاء مجلس العلماء والمدارس المهنية ومجمعات البحث العلمي، ساعد كثيراً من شباب الإمارات في التعرف والاحتكاك بعلماء وخبراء من مختلف بلدان العالم.

أما العامل الثالث، وهو في رأيي الأهم؛ استشهاداً بمقولة العالم العربي المصري الدكتور أحمد زويل: «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء؛ هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل». ومن هنا أوجه دعوة لكل العلماء والأكاديميين من المواطنين أو المقيمين في دولة الإمارات إلى تبني المواهب العلمية الصاعدة، وتوجيهها في سن مبكرة كعمل تطوعي. الآن عمل العالم ليس محصوراً في الاكتشاف ونشر البحوث العلمية، بل واجبه المجتمعي يحتم عليه تبني المواهب العلمية الشابة وصقلها في سن مبكرة.

أيضاً أستشهد بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في نهاية كلمته بمجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل سنة 2017: «كلنا مسؤولون، وإن جيل المستقبل يجب يكون أفضل من الجيل الذي سبقه».

الدكتور غانم كشواني : باحث أكاديمي في جامعة نيويورك أبوظبي

 

تويتر