آباء اعتبروها هدراً للمال والطاقات.. ومعلمون: ترسخ قيم المجتمع في الأذهان

احتفالات المدارس الخاصة تكلـف ذوي الطلاب 3000 درهم سنوياً

صورة

طفل في زيّ دب.. وآخر في زيّ تمساح.. وطالبة تعتمر تاجاً من الورق المقوى، أو تجرّ ذيلاً طويلاً شبيهاً بذيول الطواويس.. ومعلمون ومعلمات يساعدونهم على الانتقال من مكان إلى آخر ضاحكين، فيما تتناثر الطباشير والألوان والبالونات الحمراء والزرقاء حولهم، وعلى مقربة منهم سلة مملوءة بعلب العصائر الفارغة، والحلويات، وبقايا الساندويتشات.

المناسبة؟ قد تكون.. يوم الشجرة، يوم الأرض، يوم العطاء، يوم التوعية بالسرطان، يوم الكتاب، يوم الطفل، يوم الألوان، يوم البيجاما، يوم السينما، يوم الأم، يوم الأب، يوم الثقافات.. إلخ.

احتفالات عدة تحرص المدارس الخاصة على إقامتها، وإشراك الطلبة في نشاطاتها، لكنهم لا يشتركون في النشاطات فقط، بل في الإنفاق عليها أيضاً.

وفيما يصفها ذوو طلبة بأنها «مضيعة للمال والوقت»، لافتين إلى أنها تقام على حساب الدراسة، وتتطلب مبالغ كبيرة منهم، قد يتجاوز متوسطها 3000 درهم، إذا حسب عدد الأيام التي تنظم فيها احتفالات على مدار السنة الدراسية، يؤكد معلمون ومسؤولون في مدارس خاصة أنها تطلق أجواء من المرح، وتحث الطلبة على العادات والقيم الاجتماعية، وترسخ ثقافة المشاركة والترابط الأسري لديهم، كما أنها تسهم في الحفاظ على البيئة.

من جانبها، حثت دائرة التعليم والمعرفة الآباء على الرجوع إلى المدارس، لمعرفة الأنشطة اللاصفية التي تقدمها، لافتة إلى حظر تحصيل أي رسوم، تتجاوز تلك التي وافقت عليها.

وكانت وزارة التربية والتعليم أكدت أنه ليس من حق المدرسة طلب مبالغ تحت أي مسمى، كرحلة أو نشاط أو تبرعات، أو أي ذريعة أخرى.

وتفصيلاً، قالت أمهات طلبة في رياض الأطفال والحلقة الأولى: إيمان أحمد، وأميرة عبدالله، ومي محمد، وماجدة صلاح، ومنى سمير، ومهيتاب صادق، وغادة البحيري، وفاطمة حسن، إن مدارس أبنائهن تطالبهن كل فترة بتجهيز زيّ معين ومستلزمات للاحتفال بأحد الأيام، مشيرات إلى أن يوم الشجرة، على سبيل المثال، يتطلب ارتداء ملابس بألوان الشجر مثل الأخضر والبني، أو ارتداء زي تنكري على شكل شجرة، أو أي نوع من الفاكهة أو الورود، فيما يتطلب يوم الكتاب ارتداء إحدى الشخصيات الكرتونية، أو شخصيات الحيوانات في القصة التي يفضلها الطفل، ويوم سرطان الثدي يتطلب ارتداء فستان للبنات، وقميص للأولاد باللون الوردي.

وأشرن إلى أن «كلفة الزي الواحد لكل مناسبة تراوح بين 200 و300 درهم، أي أن وجود ثلاثة أشقاء في مدرسة واحدة يكلف ذويهم قرابة 900 درهم. وإذا أضيفت المناسبات الأخرى، التي تحتفل بها المدارس على مدار العام، فقد يتجاوز المبلغ 3000 درهم، ما يحملهم مصروفات إضافية، خصوصاً أن الطلبة ينظرون إلى بعضهم بعضاً، ولا يمكن لأسرة أن تسمح لطفلها في هذا اليوم بالذهاب بالزيّ المدرسي، حتى لا يشعر بفرق بينه وبين أقرانه».

وأفدن بأن أبناءهن يقضون أياماً قبل كل احتفال للتحضير له، والتدريب على الاستعراض أو المسرحية التي سيؤدونها خلال هذا اليوم، «ما يؤثر في خطة المنهاج، ويجعل المعلمين يضغطون المنهاج المقرر لإنهائه خلال الفصل الدراسي».

وقلن إن «المدارس تترك لأولياء الأمور جزءاً كبيراً من مهمة شرح المنهاج وتدريب الطلبة، وتتفرغ هي للمناسبات والاحتفالات غير الضرورية، حتى أصبحت المدرسة مكاناً للمرح، والمنزل مكان المذاكرة»، مشيرات إلى أن «كثرة الاحتفالات، التي تنظمها المدارس، تأتي على حساب الدراسة».

وذكر والد إحدى الطالبات في رياض الأطفال، أحمد صلاح، أنه فوجئ برسالة من المدرسة، تطالبه بأن تحضر ابنته في يوم محدد بزيّ المنزل، ودون حقيبة المدرسة، وأن يرسل معها «بوب كورن» ومكسرات، لأن المدرسة تنظم في هذا اليوم احتفال «يوم البيجاما».

وأكد والد طالب في الصف الثالث، إسلام أحمد، أن المدرسة نظمت للطلبة يوماً للألوان، ودعتهم للحضور بقمصان بيضاء وألوان مائية، حتى يتمكن زملاؤهم من الرسم على ملابسهم، مضيفاً أن كلفة الأزياء بلغت 200 درهم تقريباً، ولم يستفد منها الطفل سوى في هذا اليوم.

وأفادت والدة ثلاث طالبات: نادية محمد، بأن المدارس تنظم يوماً تحت مسمى «يوم الثقافات»، تقوم كل أم فيه بعمل نوع من الطعام، من الموروث الثقافي لديها، أو أكلة شعبية تعبر عن بلدها، وتحمل الأكلات إلى المدرسة، التي تنظم دعوة غداء مفتوحة للطلبة والمعلمين والعاملين في المدرسة، لافتة إلى أن «هذا اليوم ينظم 14 مرة في العام الواحد، يخصص كل يوم منها لأحد الصفوف الدراسية، وبالنسبة إلى أسرة لديها ثلاثة طلاب، فإن الكلفة الإجمالية لإعداد الوجبات تتجاوز 300 درهم».

في المقابل، أكد معلمون ومسؤولون في مدارس خاصة: محمد مجدي، ويارا سليمان، ولينا سعد، وناديا سراج، ومريم خميس، أن المدارس تنظم خلال العام الدراسي فعاليات للعديد من المناسبات، وتخصص لها أياماً محددة للاحتفال ببعض الأفكار التوعوية، التي ترسخ في نفوس وأذهان الطلبة ثقافة الحفاظ على البيئة والتربة، إضافة إلى التوعية الصحية، وتكريم الآباء والأمهات، والحث على العادات الحسنة.

وتابعوا أن هذه الأيام مناسبات عالمية، يتم الاحتفال بها في كل دول العالم وليس في المدارس فقط، وتدخل ضمن الأنشطة اللاصفية، وتعتبر جزءاً من المنهاج الأكاديمي، إذ تُعد تدريباً للطلبة على الوعي البيئي والحث على تقليل التلوث، للحفاظ على الحياة على كوكب الأرض، والتوعية والتثقيف الصحي اللذين يعتبران حجر الزاوية في الوقاية من كثير من الأمراض، عن طريق تغيير السلوك غير الصحي إلى سلوك صحي سليم، إضافة إلى أنها تبني شخصية الطلبة على مبادئ المواطن الصالح الذي يخدم أسرته ومجتمعه، ويسعى من خلال تصرفاته إلى الحفاظ عليهما.

وكانت وزارة التربية والتعليم أكدت أنه ليس من حق المدارس الخاصة طلب مبالغ تحت أي مسمى كرحلة أو نشاط أو تبرعات، أو أي ذريعة أخرى، أو زيادة الرسوم دون موافقة من التربية، لافتة إلى منع المدارس الخاصة من طلب أي رسوم إضافية تحت أي مسميات. وقالت إنها تعتبر ذلك مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين، مطالبة ذوي الطلبة بعدم الانصياع لطلبات المدارس، والتقدم بشكوى رسمية إلى القسم المختص، ليتسنى لها اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأكدت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي تطوير نظام إلكتروني للمدارس الخاصة، من أجل التقدم والحصول على الموافقات المطلوبة للأنشطة المدرسية، مضيفة أنه على أولياء الأمور الرجوع إلى المدارس، لمعرفة التفاصيل بشأن مجموعة الأنشطة اللاصفية التي تقدمها، والدليل الخاص الذي توزعه إدارة التراخيص والاعتماد على المدارس الخاصة، لافتة إلى حظر تحصيل أي رسوم من أولياء الأمور تتجاوز الرسوم التي وافقت عليها.

تعليم مرح

أكد مسؤولون، في مدارس خاصة، أن الاحتفالات الاجتماعية تترك آثاراً نفسية إيجابية، تستحق الوقوف عليها ومنحها الأهمية، لذلك تحرص معظم المدارس على إشراك الطلبة فيها، خصوصاً أولئك الذين يعانون مشكلات نفسية وتعليمية، لكونها تخلق حالة من التفاؤل لديهم.

وأشاروا إلى أهمية تركيز المدارس على هذا الجانب الترفيهي في العملية التعليمية، الذي يطلق عليه «التعليم بالمرح»، ووضع خطط لتحقيق الغاية من هذه النشاطات، بحيث تكون مرتبطة بمناسبات عامة، وتجسد المعنى الحقيقي لها، مؤكدين أنها «مكملة لما يُعطى داخل الغرفة الصفية من التعليم والقيم».

تربويون:

«أيام الاحتفالات تدخل ضمن الأنشطة اللاصفية، وتعتبر جزءاً من المنهاج الأكاديمي، وتترك في الطلبة آثاراً نفسية مرحة».

300

درهم، متوسط كلفة الزيّ في المناسبة الواحدة.

تويتر