نقطة حبر

ثقافة الشكر

«شكراً».. كلمة من أربعة أحرف تختزل قيماً كثيرة نبيلة ورائعة. وحينما تنبع صادقة من القلب، تجد صداها يتردد بين جدران القلوب الأخرى، التي تلهج ألسنة أصحابها بالشكر والثناء، فأنت تعزز معنوياتهم حينما تقول لهم: «شكراً».

للشكر معانٍ متعددة، ومظاهر متنوعة، تتفاوت حسب المواقف والمناسبات، ولكن يبقى معنى الشكر الحقيقي في إدراكنا للنعم التي حبانا بها الله سبحانه وتعالى، وتوظيفها في جوانب الخير والفضائل، طالما كان العبد شاكراً دائم الصلة برب العزة والجلال، فيزيده من فضله ونعمه: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، سورة إبراهيم (7)، «وسيجزي الله الشاكرين»، آل عمران (144).

إن كلمة «شكراً» لديها من الأثر القوي ما يمكن أن يسهم في معالجة بعض الأزمات النفسية، ولنا أن نتخيل عاملاً بسيطاً، يعاني ضغوط العمل، ويأتي رئيس المؤسسة ليشكره على جهوده، فينعكس ذلك إيجاباً على مزاجه النفسي، وبالتالي على أدائه في عمله.

لقد كانت لديّ تجربة ناجحة جداً في هذا الإطار، حينما كنت مديرة لمدرسة المنار النموذجية، من خلال طرح برنامج اسمه «شكراً»، كنت أعمل من خلاله على تحفيز الهيئة الإدارية والتدريسية والفنية والعاملين والطالبات بالمدرسة، وكثيراً ما لمحت دموع الفرح من عامل بسيط قدمنا إليه باقة من الورد، ولم نفرق بينه وبين الآخرين في التكريم من خلال طابور المدرسة الصباحي.

دعونا نبادر لنشر ثقافة الشكر والتقدير لمن حولنا وفي محيطنا في هذا الشهر الفضيل، فهي مناسبة رائعة للتذكير بنعم الله الكثيرة علينا، و«شكراً» هي كلمة بسيطة، لكنها عميقة في مدلولاتها، ولن تنقص من قدرنا، بل تزيدنا رفعةً واحتراماً.

من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل، فلماذا لا نغرس قيمة الشكر لدى أطفالنا في المنزل، وطلابنا في المدارس، ونعلمهم كيف يقولون «شكراً»، وكيف يطبقونها فعلياً، فهنالك شكر يستوجب الفعل. فعلى سبيل المثال، ينبغي علينا أن نشكر الله عز وجل على نعمه بالمحافظة على تلك النعم وتقديرها، ونتذكر أن هنالك من يتوق إلى القليل منها ولا يجده، كما يجب علينا أن نعبّر عن شكرنا لقيادتنا ودولتنا، لما تقدمه لنا من خدمات، خصوصاً في المجال التربوي، بتوفير البيئة المدرسية النموذجية، والخبرات التعليمية المؤهلة، ما يحتم علينا أن نشكر الدولة من خلال المحافظة على هذه المؤسسات التعليمية المتميزة، والسعي للتفوق والاجتهاد والتميز لنحقق الأهداف المرجوة.

«شكراً» لأولئك الذين مهدوا لنا الدرب.. «شكراً» لمن صاغوا مفردات هذا الوطن الجميل.. «شكراً» لكل من أسهم في بناء لبنة من لبنات الإمارات.. «شكراً» لقادتنا الرائعين الذين علمونا كيف نبادل الحب والعطاء بالوفاء.. «شكراً» لكل الأوفياء والأنقياء من جيل الرواد.. و«شكراً» لأبناء المستقبل الذين بسواعدهم وعقولهم يزدهي الوطن ويرتقي.. «شكراً» لكم أيها القراء.

مستشار تربوي

تويتر