نقطة حبر

التنمر المدرسي

أطلقت وزارة التربية والتعليم، في 22 من هذا الشهر، وبمشاركة أكثر من 20 جهة محلية واتحادية، حملة بعنوان «الأسبوع الوطني للوقاية من التنمر»، برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بهدف رفع مستوى الوعي بظاهرة التنمر في المجتمع المدرسي، وتعتبر هذه المبادرة رائدة ومهمة جداً، خصوصاً أنها جاءت مترجمة لتوجيهات قياداتنا الرشيدة، الرامية لتحقيق بيئة مدرسية آمنة ومستقرة، بيئة مملوءة بالتسامح والمودة.

ومن هذا المنطلق، وإيماناً من حكومتنا الرشيدة بأهمية توفير الحماية لأطفالنا، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، قانوناً اتحادياً هو «قانون وديمة»، بهدف حماية الأطفال من مختلف أشكال الإساءة. ويعتبر التنمر المدرسي سلوكاً عدوانياً متكرراً من جانب طالب أو أكثر، بهدف إلحاق الأذى بطالب آخر عمداً، جسدياً أو لفظياً أو نفسياً، كما يهدف إلى سيطرة شخص يمتلك القوة الجسدية والطاقة النفسية على شخص آخر غير متماثل معه في القوة الجسدية والطاقة النفسية، فالتنمر له أشكال عدة، مثل التنمر اللفظي، والجسدي، والاجتماعي، والإلكتروني، وهو أحدث وأخطر أنواع التنمر، ويعتبر التنمر سلوكاً مكتسباً لا يُولد مع الطفل. وظاهرة التنمر المدرسي هي ظاهرة منتشرة في العالم، وباتت تؤرق وتقلق الأسر، وتهدد الأمن المدرسي والمجتمعات، وإنّ من أبرز الأسباب المؤدية للتنمر التفكك الأسري، ومن وجهة نظري، المتنمرون هم أيضاً ضحايا في هذا المجتمع، فكلاهما بحاجة للاهتمام والرعاية والعلاج النفسي والسلوكي، للمتنمر والمتنمر عليه، وكلاهما عنصر مهم في بناء مستقبل هذه الأمة.

ولقد جاء هذا السلوك السلبي نتيجة غياب لغة الحوار بين الأبناء والآباء، وللافتقار إلى مهارة التعاون، ونقص رقابة الأبوين، أو نتيجة لقسوتهما، التي هي من أهم الأسباب المؤدية إلى التنمر، حيث ينشأ الطفل في جو مشحون بالمشكلات والعنف اللفظي والجسدي، فيقوم الطفل هنا بعملية إسقاط على إخوانه في البيت، وعلى أقرانه الأضعف منه في المدرسة.كذلك للألعاب الإلكترونية (الثورة التقنية)، ومشاهدة أفلام العنف، دور كبير في التنمر، وذلك بإدمان مشاهدة الألعاب الإلكترونية، التي تعتمد على العنف، والقوة الخارقة، سواء من الأجهزة الإلكترونية التي تجعلهم يعتبرون الحياة المدرسية امتداداً لهذه الألعاب، أو من خلال مشاهدة أفلام العنف التي ترسل رسائل سلبية للمتنمرين.

وحتى نقول وداعاً للتنمر في دولة الإمارات، ومواجهة هذه الظاهرة، والقضاء عليها نهائياً، لابد من تثقيف أولياء الأمور بكيفية التواصل مع أبنائهم في البيت، وتشجيعهم على استخدام لغة الحوار، ومصادقة أبنائهم، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وتعويدهم على أن يقولوا لا.

ثم يأتي دور المدرسة مكملاً لدور الأسرة، من خلال إطلاق برنامج تربوي متكامل لمكافحة التنمر والقضاء عليه، بالتعاون مع كل من الإدارة والمعلمين والطلبة وأولياء الأمور والمجتمع المحلي، بحيث يكون الهدف من البرنامج الاتفاق معاً على كيفية القضاء على هذه الظاهرة.

كل هذه الجهود المتكاملة من شأنها أن تخلق مجتمعاً مدرسياً آمناً.

مستشار تربوي

 

تويتر