عدوى الأمراض الشتوية «مقـرّر سنوي» على طلبة المدارس

صورة

قال ذوو طلبة في مدارس حكومية وخاصة، إن أبناءهم يتعرضون للإصابة بأمراض معدية، مرات عدة خلال العام الدراسي، بسبب إرسال آخرين أبناءهم المرضى إلى المدارس، واصفين ذلك بـ«منهاج خفي» يقرر سنوياً عليهم.

وأضافوا لـ«الإمارات اليوم»، أن أبناءهم يدفعون ثمن إهمال بعض ذوي طلبة، ويتمثل هذا الثمن في إصابة أبنائهم بأمراض يترتب عليها كلفة مالية للعلاج، إضافة إلى تغيّبهم عن المدرسة وعدم مواكبتهم المنهاج الدراسي، مطالبين بأخذ تعهدات رسمية من ذوي الطلبة الذين يرسلون أبناءهم المرضى إلى المدارس بعدم تكرار الأمر مجدّداً، مع فرض إجراءات عقابية عليهم.

فيما اقترحت عضو المجلس الوطني الاتحادي، عائشة سالم بن سمنوه، «تخصيص غرفة في كل مدرسة يداوم فيها الطلبة المرضى، خصوصاً في فصل الشتاء، حتى لا تنتقل منهم العدوى إلى زملائهم الأصحاء، إضافة إلى ضرورة تعقيم مقاعد هؤلاء الطلبة المرضى، كما هو الحال في المدارس بالدول المتقدمة».

ودعت وزارة التربية والتعليم ذوي الطلبة إلى التعاون مع الإدارات المدرسية، من خلال إبلاغها بحالات أبنائهم المرضية لمنحهم إجازة، منعاً لانتقال العدوى إلى زملائهم.

وشددت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، على أن «عقد ولي أمر الطالب الذي تطبقه الهيئة في المدارس الخاصة، تضمّن إجراءات تنفيذية لتوفير حياة صحية وآمنة داخل المدرسة، منها إلزام ذوي الطلبة بإخطار المدرسة بتفاصيل حالاتهم الصحية الاعتيادية والطارئة».


• «فصول للمرضى» و«تعهّد رسمي» و«إجراءات رادعة»

3 مطالب لـ «عزل العدوى» في المدارس

قال محمد السيد (والد طالبين في مدرسة خاصة)، إنه يعاني بشكل مستمر إصابة ابنيه بعدوى تنتقل إليهما في الصف الدراسي، الأمر الذي يضطره إلى منعهما من الذهاب إلى المدرسة، خشية إصابة آخرين، مؤكداً ضرورة أخذ تعهد رسمي من ذوي الطلبة، الذين يثبت أنهم يرسلون أبناءهم المصابين بأمراض معدية إلى المدارس، بعدم تكرار الأمر، وفرض إجراءات عقابية عليهم للحد من هذه الممارسات.

«المعرفة» تشترط توفير عيادات لترخيص المدارس.

من جهتها، ذكرت (أم مريم)، وهي أم طلاب في مدرسة خاصة بالشارقة، أن أبناءها يصابون بأمراض معدية، خصوصاً في مطلع العام الدراسي، وخلال شهور الشتاء، ما يكلفها الكثير من الأموال في العلاج، ويدفعها إلى تغييبهم عن المدرسة، حرصاً على سلامة زملائهم، مضيفة «هذا الخوف على أبناء الغير لا أجده لدى أولياء أمور آخرين يصرّون على إحضار أبنائهم إلى المدرسة، رغم إصابتهم بأمراض معدية».

فيما عزا محمود جابر (والد طلاب في مدارس خاصة) إصرار ذوي طلبة على إرسال أبنائهم المرضى إلى المدارس لأسباب عدة، منها انشغالهم بوظائفهم، في ظل أن جهات عملهم لا تسمح لهم بإجازات لرعاية أبنائهم المرضى، فضلاً عن حرصهم على مواكبة أبنائهم للدروس اليومية، حتى لا يتأثر مستواهم الدراسي.

إلى ذلك، قالت استشاري طب الأسرة رئيس قسم الصحة المدرسية في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، الدكتورة نجلاء حسين سجواني، إن «ذوي الطلبة الذين يرسلون أبناءهم المرضى إلى المدارس يعرّضون طلبة آخرين لخطر العدوى بشكل كبير»، مشددة على «ضرورة تحمّل الأسر المسؤولية تجاه أبنائهم وأبناء الآخرين، لحمايتهم والمحافظة على صحتهم».

وأضافت أن «الوزارة مسؤولة بشكل كامل عن العيادات في المدارس الحكومية، في حين هناك إشراف عام لها على عيادات المدارس الخاصة، وتتابع عملها وجاهزيتها بشكل مستمر، وفي حال اكتشاف إصابة طالب بالصف المدرسي بأي مرض معدٍ، تتولى الممرضات إجراء كشف على طلبة الفصل كاملاً للوقوف على حالاتهم الصحية، واتخاذ الإجراء اللازم».

وتابعت سجواني أن «معظم ذوي الطلبة يتعاملون مع إصابة أبنائهم بأمراض معدية ببساطة، في حين تنتقل هذه الأمراض لزملائهم، ومن ثم يزداد عدد المصابين بالفصل الواحد، وعلى ولي الأمر الالتزام بنصائح الطبيب وتنفيذ طلبه في حال كانت حالة الطفل المريض تستدعي العزل أو التغيب عن المدرسة».

وشددت على «ضرورة عدم إرسال الأطفال إلى المدرسة في حال كانت حالتهم خطرة، أو غير مستقرة، حفاظاً عليهم وعلى زملائهم في الوقت ذاته، خصوصاً أن هناك أمراضاً تتطلب عزل الطالب عن زملائه 10 أيام، مثل الجديري المائي».

وأضافت «غير مصرح للممرضات في المدارس إعطاء الأطفال أكثر من خافضات للحرارة، فيما إذا تطلب الأمر أكثر من ذلك وظهرت على الطالب علامات تهدد حياته أو عضواً من أعضائه يتم نقله إلى المستشفى أو المركز الصحي ــ حسب الحالة ــ بعد إخبار ولي الأمر، أما في حال الأمراض التي لا تشكل خطراً على حياة الطالب فيتم التواصل مع ولي الأمر لأخذ الطالب إلى المركز الصحي».

وأكدت سجواني «ضرورة مخاطبة الإدارات المدرسية ذوي الطلبة الذين اعتادوا إرسال أبنائهم المرضى إلى المدرسة، والتنبيه عليهم بعدم تكرار الأمر، حفاظاً على صحة وسلامة الطلبة».

بدوره، أكد مدير إدارة الشؤون الطبية والفنية في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، الدكتور عمر السقاف، أن «الفترة الفاصلة بين فصلي الصيف والشتاء، تعد موسماً لانتشار الأمراض والعدوى بين طلبة المدارس، ما يوجب إخضاع المعلمين والعاملين في الميدان التربوي إلى دورات تأهيلية تمكّنهم من اكتشاف الطلاب المرضى، والتعامل معهم بشكل آمن وسليم، وذلك لحماية الطلبة الآخرين، إضافة إلى قيام الأطباء والممرضون العاملون في العيادات المدرسية بالمتابعة اليومية للطلاب في الصفوف، والتأكد من سلامتهم وعدم وجود أي حالات قد تؤثر سلباً في البيئة الصحية للمدرسة».

وقال إن «غياب الوعي والمسؤولية المجتمعية لدى بعض الأهالي يدفعهم إلى إرسال أبنائهم المرضى للمدارس، ومن ثم الإضرار بأبناء الآخرين، وإيجاد بؤر متنقلة لنشر العدوى». ورأى أن «عمل الوالدين وعدم وجود بدائل للجلوس مع أبنائهم في المنزل سبب رئيس في مثل هذه الممارسات الخاطئة»، مطالباً بتفعيل دور العيادات المدرسية في التعامل مع هذه الحالات، وتجهيزها بشكل جيد، لضمان التعامل الأمثل مع الطلاب وذويهم، والحؤول دون انتشار الشائعات التي قد تحدث حالة من الهلع بين أفراد المجتمع.

من جهته، أفاد أخصائي طب الأطفال في مستشفى دبليو ويلسون، الدكتور طارق السلامة، بأن «الفترات الفاصلة بين المواسم الأربعة عادة تشهد انتشاراً للأمراض المعدية بين الطلبة، والفترة الحالية تشهد إصابة الطلبة في الصفوف الدراسية المبكرة بالتهابات فيروسية وبكتيرية والتهاب بالجهاز التنفسي العلوي، فيما يتسبب إرسال أهالٍ أبناءهم إلى المدرسة، وهم مصابون بها، في انتقال العدوى لزملائهم بشكل مباشر».

ولفت إلى أن «الأنفلونزا والحصبة والجديري، والالتهابات المختلفة، أكثر الأمراض انتشاراً بين طلبة المدارس في الحلقات الأولى، وتنتج عن الاختلاط المباشر بين الطلبة، وقلة اتباع إرشادات المحافظة على الصحة».

من جانبها، شددت وزارة التربية والتعليم، على ضرورة توفير البيئة الصحية السليمة للطلبة بالميدان التربوي، لافتةً إلى أن الإدارات المدرسية حريصة على إجراء فحوص طبية دورية للطلبة من خلال الممرضات في العيادات المدرسية.

وذكرت أن الإجراء المتّبع في حال اكتشاف أي حالة مرضية أو الاشتباه فيها يتم عرضها على مختصين للتحقق منها، واتخاذ الإجراءات اللازمة، كما يتم التواصل مع ذوي الطلبة المرضى لإبلاغهم بحالاتهم الصحية، مطالبة ذوي الطلبة بالتعاون مع الإدارات المدرسية، من خلال إبلاغها بحالات أبنائهم المرضية لمنحهم إجازة مرضية، منعاً لانتقال العدوى إلى زملائهم.

بدورها، أفادت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، بأن توافر عيادة مدرسية بكل مدرسة خاصة في الإمارة شرط أساسي لترخيصها، كما أن من الضروري توافر كادر طبي مكون من طبيب وعدد من الممرضين أو الممرضات بكل عيادة، حسب أعداد الطلبة في كل مدرسة، لافتة إلى أن «عقد ولي أمر الطالب الذي تطبقه الهيئة في المدارس الخاصة التابعة لها، تضمّن مجموعة من الإجراءات التنفيذية الملزمة لتوفير حياة صحية وآمنة للطلبة داخل المدرسة، ومنها إلزام ولي أمر الطالب بإخطار المدرسة بتفاصيل حالة ابنه الصحية الاعتيادية والطارئة».


إجازة الفصل الأول

اقترحت عضو المجلس الوطني الاتحادي، عائشة سالم بن سمنوه، أن تُحدد غرفة في كل مدرسة يداوم فيها الطلبة المصابون بأمراض يصاب بها الطلبة، خصوصاً في فصل الشتاء، حتى لا تنتقل العدوى منهم إلى زملائهم الأصحاء، إضافة إلى ضرورة تعقيم مقاعد هؤلاء الطلبة المرضى، كما هو الحال في المدارس بالدول المتقدمة.

وأضافت أن «كثيراً من ذوي الطلبة شكوا طول مدة إجازة الفصل الدراسي الأول، وكانت أعمالهم ووظائفهم تجبرهم على ترك أبنائهم بمفردهم في البيوت من دون رعاية، ما أتاح للأطفال فرصة اللعب في الأجواء الباردة، فتسبب ذلك الإهمال في إصابتهم بالأمراض»، لافتةً إلى أن ولي أمر الطالب يأمن على ابنه في المدرسة أكثر من تركه وحيداً في البيت.

وطالبت بن سمنوه وزارة التربية والتعليم بأن تقلص إجازة الفصل الدراسي الأول لتصبح 15 يوماً بدلاً من شهر، ما يوفر الرعاية الصحية والتعليمية والأخلاقية للطلبة، إضافة إلى ضرورة عدم تشغيل التكييفات في المدارس خلال فصل الشتاء، توفيراً للطاقة، ومحافظةً على سلامة وصحة الطلبة داخل الصفوف الدراسية.

كما دعت وزارة الصحة ووقاية المجتمع إلى تنظيم عدد من الورش والمحاضرات التوعوية للطلبة وأولياء أمورهم ضد الأمراض، خصوصاً التي تنتشر في فصل الشتاء، وسبل الوقاية منها.

 

عائشة سالم بن سمنوه: ولي أمر الطالب يأمن على ابنه في المدرسة أكثر من تركه وحيداً في البيت


مسؤولية مشتركة

أكّد مديرو مدارس حكومية في دبي، أن الحفاظ على سلامة البيئة المدرسية مسؤولية مشتركة بين ذوي الطلبة والمدرسة، وفي حال إخلال طرف بدوره ينعكس ذلك على الطلاب بالدرجة الأولى، والبيئة المدرسية بشكل عام، لافتين إلى أنه في حال اكتشاف حالة مرضية لدى الطلاب يمكن أن تنشر عدوى بينهم، يتم إبلاغ ولي الأمر في الحال، وإعطاء إجازة مرضية للطالب حتى يتعافى، ومن ثم تعمل إدارة المدرسة على تعويضه عما فاته من دروس خلال فترة مرضه.

وأضافوا أن اللوائح المدرسية تلزم ذوي الطلبة بعدم إحضار أبنائهم، حال إصابتهم ببعض الأمراض، إلى المدرسة، إلا أن بعضهم لا يلتزم بهذه اللوائح، ما يضع إدارة المدرسة تحت ضغط متابعة هذا الطالب، لئلا تنتقل العدوى منه إلى زملائه.

«التربية» تطالب أولياء الأمور بالتعاون مع الإدارة المدرسية.

تويتر