متاجرة بالسب

يسأل كثيرون عن الحالات التي يطبّق فيها قانون العقوبات، وتلك التي يطبّق فيها قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية بشأن السب، خصوصاً في ظل التفاوت الكبير في العقوبات التي ينص عليها التشريعان.

وبحسب المادة 374 من قانون العقوبات الاتحادي، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تتجاوز 5000 درهم، إذا وقع القذف أو السب عن طريق الهاتف، أو في مواجهة المجني عليه وبحضور غيره، وتكون العقوبة غرامة لا تتجاوز 5000 درهم إذا وقع القذف أو السب في مواجهة المجني عليه في غير حضور أحد، أو برسالة بُعث بها إليه بأي وسيلة كانت، فيما تنص المادة 43 من المرسوم بقانون رقم 34 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، على أنه يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من سبّ الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء، من قِبل الآخرين باستخدام شبكة معلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات.

ومن هنا تبرز أهمية السؤال، فمتى يُحكم على شخص بغرامة لا تزيد على 5000 درهم، ومتى يعاقب بغرامة تصل إلى 500 ألف على سلوك إجرامي يبدو واحداً؟

بالنظر إلى أغلبية الدعاوى التي نظرتها محاكم الدولة، نجد أن هيئاتها الموقّرة، آثرت تطبيق قانون العقوبات، وقضت بأحكام مخفّفة، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل أن أحكاماً مشددة صدرت عن المحكمة العليا حيال مدانين، وطالبت النيابة العامة في طعونها بتطبيق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بحقهم.

وهذا يقودنا إلى حقيقة مهمة، وهي أن مرونة النص القانوني، أتاحت - من ناحية - استعمال الرأفة في الحالات التي تستحق ذلك، من خلال تطبيق قانون العقوبات، وأغلقت الباب أمام محاولات استدراج البعض، خصوصاً على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال تعمّد استفزازهم حتى يتورطوا في السب وابتزازهم مقابل عدم إقامة دعاوى قضائية بحقهم، في ما يمكن وصفه بالتجارة بالسب.

ومن ناحية أخرى، أتاحت تطبيق العقوبة المشددة التي ينص عليها قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، لردع الممارسات الخطأ ومنع التجاوز بحق الآخرين، وإثارة الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي تحديداً.

وبشكل عام، يجب أن نضبط سلوكياتنا، ونفكر جيداً قبل الرد على أي استفزاز، سواء عبر تطبيقات الدردشة، أو أي من الشبكات الأخرى، لأنه بغضّ النظر عن العقوبة (مخفّفة أو مشددة)، فإنه ليس من الحكمة أن نتعرّض للمساءلة والمحاكمة بسبب كلمة.

محكم ومستشار قانوني

تويتر