أريد هداياي

وقف متأثراً أمام المحكمة يطالب بإلزام امرأة أحبها برد نحو 700 ألف درهم دفعها إليها في صورة هدايا ومبالغ مالية، على أمل بتنفيذ وعدها له بخطبتها رسمياً، والزواج منه، لكنها تنصلت من وعودها! وفي حالات أخرى يكون النزاع بشأن الهدايا بعد فسخ الخطبة أو الطلاق، وهذا أمر شائع، حين تتغير المشاعر، ويتحول الحب إلى كراهية، والود إلى خصومة، ويسعى كل طرف إلى إلحاق الأذى بالآخر، أو حرمانه من أي عطاء قدمه له. وفي بعض القضايا، يكون الوضع مخجلاً، حين يطالب رجل زوجته التي قضى معها سنوات جميلة، بأن ترد إليه ساعة أو مجوهرات أهداها إليها، بل إن بعضهم يطالب بعطايا بسيطة مثل أرقام لوحة مركبة سجلها باسمها!! وبالنظر إلى الحالة الأولى، قضت المحكمة لمصلحة المرأة التي اتهمها المدعي بعدم الوفاء بوعدها له بالزواج، إذ لا رباط رسمياً بينهما، أو أدلة على الهدايا والمبالغ التي منحها إياها. لكن يختلف الأمر عندما يتعلق بمسائل الخطبة أو الزواج، إذ حرص المشرع الإماراتي على تفصيل هذه الأمور نظراً لشيوعها، مستنداً في جانب رئيس من ذلك على الشريعة الإسلامية التي لم تغفل هذا الجانب.

وبداية يجب أن ندرك أن العدول عن الخطبة لا يترتب عليه الالتزامات ذاتها المتعلقة بعقد الزواج، فهي بمثابة مرحلة تجريبية تتيح فرص التعرف جيداً على شريك الحياة، واتخاذ القرار المناسب سواء بالزواج أو فسخ الخطبة!

واستناداً إلى ذلك، اعتبر القانون أن الهدايا المتبادلة خلال فترة الخطبة تخضع للشرط والعرف، لكن هناك حالات بعينها تطرق إليها المشرع تفصيلياً، تتعلق بعدول أحد الطرفين عن الخطبة، وما إذا كان هناك سبب لذلك أم لا.

فإذا عدل أحد الطرفين ولم يكن هناك سبب للعدول، فلا يحق له استرداد هداياه، بينما يحق للطرف الآخر ذلك، أما إذا كان هناك سبب للعدول، فيحق لصاحب القرار استرداد هداياه.

وفي حال قرر الطرفان العدول سوياً عن الخطبة، فيحق لكل منهما استرداد هداياه.

أما الهدايا المتبادلة بين الزوجين فتعتبر من المهر، ونقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً استئنافياً بإلزام مطلقة برد هدايا بقيمة 60 ألفاً إلى مطلقها، وذكرت في حيثيات حكمها أن الهدية وما يسلم للزوجة لا يجوز ردها للزوج حتى لو كان معسراً.

بشكل عام، أرى أن الهدية تعكس قيمة صاحبها، ومن شيم الرجال الترفع عن طلبها، وهناك حالات لنساء تنازلن عن هدايا ثمينة لرغبتهن في الانفصال، وتمنينا لو لم يطالب بها الرجال، فما يبذله الرجل عن حب وإرادة حرة لا يصح المطالبة به مجدداً.

محكم ومستشار قانوني

تويتر