سعادة زائفة

يتأثر كثير من الأزواج، خصوصاً الشباب، بنماذج تتصدر منصات الاجتماعي، باعتبارها الأكثر نجاحاً في العلاقة الزوجية، ولا يمكن تخيل غير ذلك بالتأكيد، لأنهم لا يعرضون لمتابعيهم سوى مشاهد البهجة والسعادة والرفاهية، سواء أثناء التنزه سوياً أو السفر!

وخلقت السوشيال ميديا حالة من الغيرة المقيتة التي تنسف أصل العلاقة الزوجية القويمة المبنية على العطاء والصبر والاحتواء، وكم من خلافات مرت علينا، وتحولت إلى قضايا ونزاعات أسرية في المحاكم بسبب غيرة زوجة من عدم رومانسية زوجها، أو تدليله إياها مثل يوتيوبر شهيرة، أو مؤثرة على «إنستغرام» أو «سناب شات»! أو بسبب شعور الرجل بأن زوجته لا تهتم به قدر اهتمامها بعملها وحساباتها على تلك المنصات، وكلمة من هنا، رداً على كلمة من هناك، تهتز أركان المنزل وتتحول الحياة بينهما إلى جحيم لا يطاق!

وبكل أمانة، يقف المرء عاجزاً في بعض الأحيان عن إقناع الزوجين، بأن النموذج الذي يتأثران به مزيف، ولو فتشا وراء هؤلاء المشاهير سيكتشفان أنهم يخفون أكثر مما يكشفون.

ونظراً لأهمية الرباط الأسري، أولاه المشرع الإماراتي عناية خاصة، من خلال قانون الأحوال الشخصية الذي يخضع لتعديلات جوهرية من وقت لآخر، حتى يتماشى مع المتغيرات التي تطرأ على المجتمع، ويحفظ تماسك الأسرة ويحقق مصلحة أطرافها خصوصاً الأطفال.

ومن أبرز التعديلات التي تعكس حكمة كبيرة، المادة 72 بقانون رقم 5 لسنة 2020 التي وردت تحت عنوان حالات غير محسوبة إخلالاً بالالتزامات الزوجية، ونصت على أنه لا يعتبر خروج الزوجين من البيت أو للعمل وفق الشرع والقانون أو العرف أو مقتضى الضرورة إخلالاً بالالتزامات الزوجية» وهذا يقطع الطريق بلا شك أمام تعنت أي من الطرفين مع الآخر، وتواكب حاضراً تتساوى فيه المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات. كما تناولت التعديلات مسائل أخرى متعلقة بأمور مصيرية مثل الطلاق، وحالات وقوعه، بما يرسخ العدالة، ويمنح فرصاً عدة أمام الزوجين للصلح ورأب الصدع بينهما، أو الانفصال إذا استحالت العشرة.

بشكل عام تبذل الدولة أقصى ما بوسعها من جميع النواحي، لتعزيز الاستقرار الأسري، لكن يتحمل الآباء مسؤولية كبيرة في تنشئة الأبناء على الفطرة السليمة والوازع الديني والقيم التي تؤهلهم لبناء أسرة صالحة تكون أساساً لمجتمع راق ومستقبل مزدهر.

محكم ومستشار قانوني

تويتر