لحظة ضعف تكلف الكثير

العلاقات الإنسانية - العاطفي منها بالتحديد - يجب أن تكون محكومة بأطر أخلاقية ودينية، حفاظاً على طرفيها في يوم قد يسود فيه الخلاف، وتتحول المودة والحب إلى كراهية وخصومة. ما سبق مقدمة ضرورية حين نتناول مشكلة أو بالأحرى خطأ متكرراً، هو الإفراط في الثقة وإرسال صور أو محتوى غير لائق إلى طرف آخر حتى لو كان أقرب الناس وأحبهم إلى القلب.

الحديث بمثالية في هذا الأمر ربما لا يكون واقعياً بالنظر إلى ما نطالعه من قضايا بحكم عملنا، فالفتيات خصوصاً اليافعات في سن المراهقة أو أكبر من ذلك بقليل، يقعن في هذا الخطأ. والواقعة التي رصدناها أخيراً لشابة أرسلت صوراً إلى شخص كانت ترتبط به بعلاقة عاطفية، ومع مرور الوقت تبدلت المشاعر، وفترت الأحاسيس، وقررت قطع علاقتها به، لكنه لم يتقبل ذلك بنخوة الرجال، وانتقم منها بإرسال صورها إلى أصدقائه.

الواقعة كما أشرنا ليست الأولى من نوعها، ففي قضية أخرى شعرت امرأة بفتور في علاقتها مع زوجها، واندفعت عاطفياً نحو أحد الأشخاص، وحين أدركت خطأها وقررت إصلاح حياتها الزوجية، ابتزها ذلك الشخص بصور مخلة سرقها من هاتفها، وهدد بإرسالها إلى أسرتها.

الضحية في هذه القضية لم تتمادَ في علاقتها مع المجرم، إذ لم يتجاوز الأمر مجرد نزوة، استغل خلالها ضعفها واضطرابها العاطفي، وظل يغذي فيها كراهية زوجها حتى يستأثر بها لنفسه، ومن ثم انقلب عليها حين أصرت على الابتعاد عنه ونفذ تهديده بالفعل.

لا يختلف أحدنا على أن الضحية أخطأت في هاتين القضيتين، فحرمة الحياة الخاصة خط أحمر يجب ألا يتجاوزه صاحبها أولاً حتى لا يسمح للآخرين بالاعتداء عليها، لكن من منا لا يخطئ أو تزل قدمه؟! ومن هنا كان المشرع الإماراتي حريصاً على توفير الحماية الكاملة للمجني عليهم في هذه الجرائم حتى لو أرسلت الضحية الصور طواعية بإرادتها، طالما لم تسمح للطرف الآخر بنشر هذا المحتوى أو تسريبه للآخرين.

وتنص المادة (44) من المرسوم بقانون رقم (34) في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، كل من استخدم إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية شخص، أو حرمة الحياة الخاصة من غير رضا، ويتضمن ذلك نشر أخبار أو صور فوتوغرافية أو مشاهد حتى لو كانت صحيحة بقصد الإضرار بالشخص.

وفي ظل ما توفره الدولة من مظلة تشريعية قوية لحماية ضحايا هذه الجرائم، لا يتبقى سوى التأكيد على أهمية الحذر عند تصوير أنفسنا في أوضاع قد تمثل لنا مشكلة إذا خرجت من الخاص إلى العام، ويجب ألا نحتفظ بهذا المحتوى من الأساس على هواتفنا حتى لا يقع في يد من لا يؤتمن.

محكم ومستشار قانوني

تويتر