مكافأة مخجلة!

يعيش كابوساً حقيقياً، يشعر بأن الأرض تدور من حوله، يبكي وحيداً في الظلام، لا يتخيل أنه سقط في هذا الفخ، تدور في رأسه أفكار ظلامية، كيف ستصبح صورته أمام أبنائه إذا شاهدوه بهذه الصورة وهو الخمسيني الوقور، يتردد كثيراً، هل يبلغ الشرطة أم يخضع؟

القصة بدأت حين تلقى «طلب صداقة» على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي من شابة ذات مظهر جذاب، وافق على الطلب بعدما لاحظ أن بينهما ثلاثة أو أربعة أصدقاء مشتركين.

سجلت علامات الإعجاب على عدد من صوره التي تدل على وضعه المادي الجيد، ثم راسلته على الخاص، معبرة عن اهتمامها به.

لم يرد عليها في البداية، لكنها أرسلت إليه رسالة أخرى في وقت متأخر من الليل، فأثارت فضوله هذه المرة، ودفعته لتصفح حسابها، ليكتشف مزيداً من الصور المثيرة، وهنا زلت قدماه، ورد على رسائلها.

تبادلا الدردشة، وتعمق الحديث، وامتد لأيام حتى زاد هوسه بها، مندفعاً بوهم زرعته في رأسه بأنها تفضل كبار السن، حتى حدث ما لا يحمد عقباه وصورته في أوضاع مخلة، ثم كشفت عن وجهها القبيح وصوّرته، وأدرك أخيراً أنه وقع ضحية عملية ابتزاز ممنهجة.

الواقعة السابقة متكررة حرفياً في كثير من البلدان، ورغم التوعية المستمرة من قبل الجهات المعنية إلا أن البعض لايزال يقع في الفخ، سواء من الرجال أو النساء. وبحسب الدراسات العالمية، فإن غالبية ضحايا هذا النوع من الابتزاز الإلكتروني من المراهقين الذين ليسوا على دراية كبيرة بمخاطر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. ووصل الأمر في بعض الحالات التي تابعناها جميعاً إلى انتحار الضحايا، بسبب عدم تلقيهم الدعم الكافي من أسرهم!

وأود التركيز على جزئية صغيرة لكنها بالغة الأهمية، تتعلق بالسبب الذي قد يدفع شخصاً إلى التخلي عن أبسط قواعد الحذر، وإرسال صور أو مقاطع مخلة، والظهور بشكل غير لائق أمام شخص لم يلتق به من قبل!

والإجابة ببساطة، يعرفها علماء علم النفس الجنائي والاجتماعي بـ«المكافأة»، إذ لا يتخيل الضحية أن الطرف الآخر الذي يتمتع بالجاذبية أو الجمال معجب به، فيقرر مكافأته بهذه الطريقة المخجلة، ويقع في الفخ!

تعد دول الإمارات من أفضل الدول في التعاطي مع هذه الجريمة، إذ توفر الأجهزة الشرطية كل الدعم للضحية، وتشجعه على الإبلاغ دون لومه أو تحميله أي مسؤولية، إذ يكفيه شعوره الداخلي بالندم، وتحرص على إزالة المحتوى المخل من شبكة الإنترنت، وتتعقب الجناة في أي مكان!

كما أن القانون الجديد رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية تناول في مادته رقم 42 عقوبة هذه الجريمة التي تصل إلى السجن سنتين والغرامة 500 ألف درهم، ومن ثم لا يتبقى أمامنا سوى الحذر والتصرف بمسؤولية تجاه أنفسنا، فالوقاية خير من العلاج.

محكم ومستشار قانوني

تويتر