إشارة مخلة.. وعقوبة رادعة!

رمى أحدهم قبلة في الهواء لنادلة في أحد المقاهي، معتقداً أنه لمجرد كونه زبوناً يستطيع أن يفعل ما يحلو له، دون أن يدرك أن الإشارة السريعة التي لم تستغرق منه سوى ثوانٍ معدودة سوف تجره إلى محاكم دبي بتهمة التحرش، حيث أدين وعوقب بغرامة 10 آلاف درهم.

يعتقد كثيرون أن التحرش يقع باللمس فقط، أو استطالة اليد، وهذا مرده غالباً إلى البيئة التي يخرج منها الشخص، فكل إناء ينضح بما فيه، لكن ما لا يدركه هؤلاء أن لهذه الجريمة أشكالاً عدة، بعضها شائع مثل النظر المتفحص بشكل مستمر وغير لائق إلى أجزاء من جسم امرأة أو حتى رجل، وتكرار ذلك بطريقة تزعج الطرف الآخر وتخدش حياءه.

وفي الواقع، هناك تصرفات يومية يمكن أن يخضع مرتكبها للمساءلة القانونية إذا قرر أحدهم اتخاذ إجراء حياله، فكثيرون يستهينون بما يتلفظون به من عبارات، سواء كانت مزحاً أو نكات يتم تداولها أحياناً في أماكن العمل، وتتضمن إيحاءات أو معاني مخلة.

ومن التصرفات الشائعة مضايقة شخص أو ملاحقته للحصول على رقم هاتفه، أو حتى الاهتمام الزائد بآخر، والتدخل في خصوصياته، أو التعليق على تصرفاته وعلاقاته بالآخرين.

ويمكن أن يندرج فيها أيضاً محاولات لفت الانتباه أو النداء بأصوات تحمل إيحاءات معينة، مثل الصفير أو الحديث بصوت منخفض هامس له مغزى معين، أو التعليق على جسم شخص أو ثيابه، أو حديثه، أو أي من الأمور المتعلقة بمظهره.

وتظل دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول تشدداً حيال هذا النوع من التصرفات من خلال تشريعات رصينة رادعة، فتنص المادة 413 من القانون رقم 31 لسنة 2021 في شأن الجرائم والعقوبات على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب جريمة التحرش الجنسي».

ويعد تحرشاً جنسياً – بحسب المادة - كل إمعانٍ في مضايقة المجني عليه بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تخدش حياءه بقصد حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا تعدد الجناة، أو حمل الجاني سلاحاً، أو إذا كان المجني عليه طفلاً لم يكمل الثامنة عشرة من عمره، أو كان الجاني من أصول المجني عليه أو من محارمه، أو من المتولين تربيته أو رعايته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان خادماً عنده أو عند من تقدم ذكرهم.

لا شك أن كثيراً من ضحايا هذه السلوكيات يفضلون عدم الإبلاغ، أو ربما لا يدركون - من الأساس - أنهم تعرضوا لفعل مجرم، لكن يجب على كل متجاوز مراجعة نفسه حتى لا يقف أمام القضاء بتهمة سوف يخجل منها طوال حياته.

محكم ومستشار قانوني

تويتر