إساءة استغلال «الضرر» في الطلاق!

الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع، لذا أولت الشرائع السماوية بشكل عام، والإسلامية على وجه الخصوص، ومن بعدها القوانين، اهتماماً بالغاً بها للمحافظة على تماسكها واستقرارها، لكن تظل المشكلة في طرفي العلاقة، خصوصاً عند رغبة أحدهما في الانفصال، فيلجأ إلى ادعاء الضرر للحصول على حكم بالتفريق، مع التمسك بحقوق ليست له!

وفي ظل أن الزوج هو الطرف الأقوى في العلاقة الزوجية، ويملك حق إنهائها بإرادته المنفردة دون الرجوع إلى الزوجة، حتى لو كانت تملك أمر نفسها بموجب عقد الزواج، إلا أن نفراً من الأزواج يحاول إثبات وقوع الضرر للتهرب من أداء حقوق الزوجة إذا طلقها بإرادته المنفردة دون جريرة ارتكبتها!

ولاشك في أن التعديلات التي تضمنها القانون الاتحادي رقم 8 لسنة 2019 في شأن الطلاق بشكل عام، وطلاق الضرر على وجه الخصوص، حدت كثيراً من محاولات التغول على حقوق الطرف الآخر!

القانون القديم رقم 28 لسنة 2005 كان يمنح الزوجة حق اللجوء إلى القضاء لطلب الطلاق، سواء أثبتت الضرر أو لا، على غرار الخلع، لكن مع اختلاف الآثار التي تترتب على كل منهما، فحصولها على الطلاق للضرر يحفظ لها حقوقاً، مثل نفقة المتعة ومؤخر الصداق وغيرهما، لكن نصت التعديلات التي وردت بالقانون رقم 8 لسنة 2019، على ضرورة إثبات الضرر لقبول الدعوى.

وبعد أكثر من عامين من تطبيق هذا القانون، يمكن أن نرصد نتائج إيجابية تصب جميعها في مصلحة الأسرة، وتمنح فرصاً إضافية لتنشئة الأبناء في بيئة صحية.

وتواكب مع هذه التشريعات مبادرات عدة، الهدف الرئيس منها، تحديد الطرف الأكثر التزاماً ورغبة في الحفاظ على تماسك الأسرة، وإغلاق الباب أمام ادعاء الضرر ورمي الطرف الآخر بالباطل، فكما يلجأ بعض الأزواج لذلك للتهرب من التزاماتهم، ترفع بعض الزوجات دعاوى طلاق الضرر لأسباب غير منطقية وتافهة!

وبحسب التعديلات، فإنه إذا استطاعت الزوجة إثبات وقوع الضرر حكم لها بالطلاق، بعد استنفاد كل محاولات الصلح بين الطرفين، وفي حالة عدم استطاعتها، واستمر الشقاق، وأصرت على الطلاق، يعين القاضي حكمان لمحاولة الإصلاح بينهما.

وفي حالة عجز الحكمين، يصدر القرار وفق معطيات معينة، فإذا كانت الإساءة من جانب الزوج، يكون القرار التفريق بطلقة بائنة دون المساس بحقوق الزوجة، وإذا كانت الإساءة من جانب الزوجة، يكون القرار التفريق نظير بدل تدفعه الزوجة للزوج، وإذا كانت الإساءة مشتركة يقع التفريق دون بدل، أو ببدل يتناسب مع حجم الإساءة، وإن جهل الحال، ولم يعرف المسيء، وأصرت الزوجة على طلب الطلاق، يقرر الحكمان التفريق دون بدل.

في نهاية الأمر، يجب أن يعي الطرفان أنها شراكة إنسانية، وأن المولى، عزّ وجلّ، شرع الطلاق بهدف فض هذه الشراكة بشكل راقٍ يحفظ كرامة الطرفين، ومصلحة الأبناء، فبالله عليكم، إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

محكم ومستشار قانوني 

تويتر