آراء

القناع الكاذب!

للعقود أهمية بالغة فهي أساس العلاقات التجارية والمعيشية كذلك للأفراد والشركات، وينصرف البعض إلى تحرير عقود صورية لا تعبر بأي حال من الأحوال عن الالتزامات الحقيقية بينهم لسبب أو لآخر، ما يثير تساؤلات كثيرة حول الحقوق المترتبة على تلك العقود التي تشبه «القناع الكاذب»، خصوصاً حين يقع خلاف ويتطور إلى نزاع قضائي.

من هنا يجب العلم أن الأصل في العقد أن يكون حقيقياً وليس صورياً بحسب المادة 395 من قانون المعاملات المدنية، إذ تنص على أنه «إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر، فالعقد النافذ في ما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي»، إذ إن العقد (الصوري) الظاهر ليس له أثر، على اعتبار أن نية المتعاقدين تنصرف عادة إلى إنكاره والتقيد في ما بينهما بالعقد المستتر، لذا يكون الاعتبار فقط للعقد الحقيقي.

وربما لا تخفي العقود الصورية في بعض الأحيان ممارسات أو بنود غير مشروعة أو مستترة لأغراض ملتوية، فأحياناً تكون النوايا إيجابية مثل رغبة البعض في منح هبة دون إظهارها.

وهناك أكثر من شكل للعقود الصورية، منها «الصورية المطلقة» وهي العقود التي تهدف إلى إخفاء حقيقة ما عن الغير، و«صورية نسبية» وهي العقود التي تخفي وراءها عقوداً حقيقية مستترة.

وبغض النظر عن النية فإن العقود الصورية ذات أثر خطير، لأن القصد عادة من ورائها الإضرار بالآخرين، أو التحايل على القانون، كالتستر التجاري الذي يمكن البعض من ممارسة نشاط خاص غير مسموح به لظروف أو اشتراطات تتعلق بوظيفته أو لكونه من غير مواطني الدولة، قبل التعديل القانوني الأخير الذي ألغى شرط مساهمة المواطنين في رأسمال الشركات التجارية المؤسسة في الدولة بنسبة 51% والذي أسهم في تقليل العقود الصورية التي كان يستخدمها بعض المستثمرين للالتفاف على القانون، كما عزز تطوير بيئة الأعمال وقدرات الدولة على جذب رؤوس الأموال والمستثمرين.

والسؤال الأهم في هذه المسألة القانونية، ماذا لو تمسك أحد الأطراف بالعقد الحقيقي المستتر أو أراد نفي ما ورد في العقد الصوري؟

والإجابة هي أنه يتحتم عليه إثبات وجود العقد المستتر، أو إثبات عدم صحة ما ورد في العقد الظاهر، باستخدام القواعد القانونية العامة في الإثبات بالكتابة، بمعنى أن يكون بحوزته عقد حقيقي مكتوب في مواجهة العقد الصوري المكتوب.

أما إذا كان العقد الصوري يخفي نوعاً من التحايل على القانون فيجوز إثباته بأي طريقة متاحة، مثل أن يكون الطرف المستتر في التعاقد غير مسموح له بمزاولة هذا النشاط. أو كان هناك تلاعب في تواريخ العقود على سبيل التلاعب، ويحق للأطراف المتضررين من العقد الظاهر إثبات صوريته بأي طريقة ممكنة.

وبشكل عام فإن انتباه المشرع الإماراتي إلى هذه المسائل كفيل بسد أي ثغرات، وتحصين العقود وبيئة الأعمال.

محكم ومستشار قانوني

تويتر