آراء

هل تقبل تزويج ابنتك من متعافٍ؟!

سُئلت ذات مرة في برنامج تلفزيوني «إلى أي مدى يتقبل المجتمع المتعافي من تعاطي المخدّرات؟».

وكان ردي أن هناك سؤالاً أهم يجب أن يسأله كل فرد في المجتمع لنفسه «هل تقبل أن تزوّج ابنتك لمتعافٍ من المخدرات؟».

أعتقد أن كثيرين سيفكرون ملياً قبل الإجابة، وبشفافية ومن خلال خبرة طويلة في هذا المجال، أعتقد أنها ستكون الرفض!

وهنا مربط الفرس، فحين نستطيع التعامل مع المتعافي باعتباره مريضً وإنساناً يستحق فرصة ثانية، ويجب استيعابه واحتواؤه، فإننا سنصل إلى مرحلة ممتازة، وننقذ كثيراً من هؤلاء الشباب من خطر الانتكاسة والعودة إلى المخدرات بعد التعافي.

إن للأسرة دوراً بالغ الأهمية في ترسيخ هذه الثقافة، والتعامل معها بقدر كبير من المرونة والتفهم لطبيعة الإدمان، خصوصاً حين يكون المتعاطي شاباً يافعاً ليس لديه خبرة حياتية كافية، وانخرط في هذا الطريق المميت بسبب الفضول أو بإيعاز ووساوس من أصدقاء السوء!

إذ يتحتم في هذه الحالة أن تحاول الأسرة استيعابه واحتواءه وعدم تركه فريسة سهلة لأصحاب الشر، إذ إنه يلجأ إليهم فقط، إذا قوبل بالرفض والنكران من جانب أسرته والمجتمع الصغير الذي يعيش فيه.

أؤكد لكم أن كثيراً من النماذج الناجحة تعرضوا لانتكاسات مماثلة في حياتهم، لكنهم وجدوا الرعاية والاهتمام من قبل أسرهم ومحبيهم فتعافوا وأقلعوا نهائياً عن تعاطي هذه السموم، وأكملوا حياتهم بكل دأب وعزيمة وإصرار على النجاح.

يجب أن يدرك الآباء أن ردود أفعالهم في كثير من المواقف تكون سبباً رئيساً في انتكاسة أبنائهم، فبمجرد اكتشاف تعاطي الابن يتعامل معه الأب كأنه مجرم يستحق النبذ والإنكار والحرمان، وهذا خطأ أكبر بمراحل من خطأ الابن نفسه، لذا من الضروري عدم المبالغة في رد الفعل، ومنحه فرصة كاملة لتحمل مسؤولية أفعاله، ومتابعته ورعايته، حتى يتعافى كلياً ويستعيد زمام حياته.

لقد أكدت سابقاً أن مروجي المخدرات يصطادون دائماً في المياه العكرة، فيستهدفون الأسر المفككة أو يتحينون الفرصة المناسبة للإيقاع بمراهق غاضب من أهله لسبب أو لآخر فيجرونه إلى الفخ، ويجب أن نقطع عليهم هذه الفرصة باحتضان أبنائنا، والتصرف باعتدال معهم، وعدم المبالغة في ردود أفعالنا.

يجب أن تتغير ثقافة التعامل مع المتعافين من تعاطي المخدرات، خصوصاً في ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة، من خلال مراكز التأهيل والعلاج، أو بالتشريعات الحداثية التي تمنحهم فرصاً للتعافي دون مساءلتهم قانونياً، وهذا في حد ذاته يمثل رسالة قوية مفادها أن المتعاطي مريض يستحق الرعاية والاهتمام والعلاج والاحتواء، فإذا كانت الدولة تفعل ذلك بكل السبل، فمن الأولى أن تتحمل الأُسر مسؤولياتها وتدرك أهمية احتضان أبنائها.

مدير مركز حماية الدولي بشرطة دبي

تويتر