آراء

احذر قبل «الشهادة»

قال المولى عز وجل في محكم التنزيل «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه»

وفي العرف القانوني «الشهود عيون المحكمة وآذانها» للتدليل على أهمية الشهادة، خصوصاً في الإثبات أو النفي الجنائي، إذ أنها تشكل في كثير من الدعاوى حجر الزاوية وتكون سبباً لإدانة أو تبرئة متهم، لذا حرصت معظم التشريعات على صياغة نصوص قانونية تكفل حماية الشهود، من جهة وتضمن نزاهتهم من جهة مقابلة.

وتتمثل الحماية في عدم جواز إكراه الشاهد على الإدلاء بشهادته فاشترط القانون أن تكون صادرة عن إرادة حرة دون خوف أو ترهيب.

كما امتدت الحماية إلى عدم جواز مساءلة الشاهد عن إفادته، إذ أن من الوارد عند الإدلاء بالشهادة صدور أقوال تحط من قدر أو اعتبار المتهم، وتشكل في ظروف أخرى جريمة قذف، وقد وفر المشرع له الحماية لتوافر سبب من أسباب الإباحة، إذ لا يتصور أن يساءل جنائياً أو مدنياً لأنه امتثل لأوامر القانون.

لكن لكي يتمتع بهذه الحماية القانونية، يجب أن تتعلق شهادته بنطاق الدعوى الجزائية، فلا يتجاوز إطار الحق الممنوح له، فعلى سبيل المثال لا يحظى شاهد على جريمة تزوير بالحماية إذا نال من المتهم بأوصاف لا علاقة لها بالواقعة كأنه يصفه بالحرامي أو النصاب، وما إلى ذلك من عبارات تشكل جريمة سب أو قذف فهنا تسقط عنه الحماية القانونية ويخضع للمساءلة.

ويشترط في الشاهد أن تتوافر لديه حسن النية أي يلتزم بالغاية التي من أجلها جاء ليشهد وهي مساعدة العدالة في كشف الحقيقة أما إذا كان الغرض عكس ذلك اعتبر سيئ النية، ونظراً لخطورة الشهادة أوقع المشرع الإماراتي عقوبات رادعة بحق شاهد الزور.

ونصت المادة (302) من المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات «بمعاقبة كل من شهد زوراً أمام سلطة قضائية أو هيئة لها صلاحية سماع الشهود بعد حلف اليمين، أو أنكر الحقيقة، أو كتم بعض أو كل ما يعرفه بالحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاثة أشهر».

وإذا وقع هذا الفعل أثناء تحقيق جناية أو المحاكمة عنها تكون العقوبة السجن المؤقت وإذا نجم عن الشهادة الكاذبة حكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد عوقب شاهد الزور بالعقوبة ذاتها.

وعملاً بموجبات نص المادة (303) من القانون ذاته يعفى الشاهد من العقوبات السابقة إذا رجع عن شهادته الكاذبة قبل انتهاء التحقيقات، وقبل أن يبلغ عنه أو إذا رجع عن شهادة الكاذبة أمام المحكمة قبل الحكم في أساس الدعوى ولو بحكم غير نهائي.

وتعكس هاتين المادتين حكمة المشرع وإدراكه لخطورة هذا الأمر، فجعل جزاء شهادة الزور من جنس العمل، وفي المقابل منح صاحبها فرصة الرجوع عن أقواله الكاذبة دون مساءلة طالما لم تتسبب في إدانة بريء أو تبرئة مدان.

مستشار قانوني أول

تويتر