آراء

حق الدفاع الشرعي..

مصطلح يتردد على مسامعنا كثيراً، ويثار دائماً جدل بشأنه بين غير المختصين، لذا نلقي في هذه الزاوية الضوء على شروط تحققه، وأثره القانوني.

الدفاع الشرعي، هو حق الإنسان في الدفاع عن نفسه وماله من أي اعتداء واقع عليه فعلياً، ويعد من أقدم المفاهيم القانونية المعمول بها في غالبية دول العالم، باعتباره حقاً طبيعياً وغريزياً للإنسان، ويعد سبباً من أسباب الإباحة، أي تجريد الفعل غير المشروع من صفته الإجرامية، وإعادته إلى نطاق المشروعية، ومن ثم لا يترتب عليه قانوناً أي مسؤولية جنائية أو مدنية.

ولكيلا يساء استخدام هذا الحق، قيده المشرع بشروط عدة، نصت عليها المادة (58) من المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 2021، بشأن قانون الجرائم والعقوبات التي تنص على أنه لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق الدفاع الشرعي، إذا واجه المدافع خطراً حالاً من جريمة على نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله، أو اعتقد قيام هذا الخطر، وكان اعتقاده مبنياً على أسباب معقولة، وأن يتعذر عليه الالتجاء إلى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب، وألا يكون أمامه وسيلة أخرى لدفع هذا الخطر، وأن يكون الدفاع لازماً لدفع الاعتداء ومتناسباً معه.

كما نصت المادة (59) من القانون ذاته على أن حق الدفاع الشرعي لا يبيح القتل عمداً إلا إذا كان الفعل يتخوف منه أن ينتج عن الموت أو جراح بالغة، شريطة أن تكون لهذا الخوف أسباب معقولة، أو مواقعة أنثى كرهاً أو هتك عرض شخص بالقوة أو اختطاف إنسان.

ولا يلزم القانون أن يكون الفعل إيجابياً فقط، ولكن أيضاً يتحقق حق الدفاع الشرعي بالفعل السلبي كالترك أو الامتناع، فمثلاً إذا هاجم شخص آخر، فهاجمه كلب المعتدى عليه، فتركه حتى أصاب المعتدي بجروح، فإن هذا يعد نوعاً من حق الدفاع الشرعي.

كما يجوز أن يكون حق الدفاع الشرعي منطوياً على فعل، كمن يتعرض للحبس أو يقيد دون وجه حق، أو يختطف، فيكون له حق تحطيم الأبواب أو إتلاف المكان لكي يستطيع النجاة بنفسه والخروج منه.

كما أوجب القانون أن يكون الفعل موجهاً لمصدر الاعتداء نفسه، فلا يجوز لمن يعتدي عليه شخص أن يوجه دفاعه إلى غيره، أو من يهاجمه حيوان أن يوجه فعل الدفاع إلى صاحبه.

ولاشك في أن تجاوز حق الدفاع الشرعي تترتب عليه مسؤولية قانونية في حدود المتجاوز فيه، فإذا كان هناك اختلاف أو عدم تناسب بين الفعل وردة الفعل، كأن يعتدي شخص على آخر بعصاه، فيطلق عليه الأخير الرصاص، فإنه بذلك يعد متجاوزاً قانوناً، ويحاسب لعدم التناسب بين الفعلين.

خلاصة القول حق الإنسان في الدفاع عن نفسه وماله هو حق تقره العدالة، وترسخه مبادئ القانون، وكل الشرائع، طالما كان دفاعه متناسباً مع الفعل في الحدود التي رسمها القانون.

مستشار قانوني أول

 

تويتر