آراء

تعديل قانوني مهم للتصوير في الأماكن العامة

كان الحديث عن قانونية التصوير في الأماكن العامة مثار جدل قانوني لفترة طويلة، بسبب ما يشكله من حرج أو انتهاك لخصوصية أشخاص قادهم الحظ إلى الظهور بالمصادفة في صورة التقطها أحدهم في مكان عام، أو تم اختلاس صور لهم دون علم من قبل متطفلين فضوليين، لا يراعون حرمة أو خصوصية غيرهم!

وكم من دعاوى أقيمت بسبب التضرر من هذا السلوك، إذ رأى أصحابها أنه لا يحق لأحد، كائناً من كان، تصويرهم دون إرادتهم، وكان مآل هذه الدعاوى دائماً إلى براءة ملتقط الصورة، عملاً بنص المادة 378 من قانون العقوبات، والمادة 21 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012، اللتين لا تجرّمان التصوير في الأماكن العامة، تأسيساً على أن الصورة تأخذ حكم الإنسان نفسه من حيث المساس بحياته الخاصة، كونها امتداداً له، وتشير إلى شخصيته.

وأن الحماية التي أضفاها القانون، وفقاً لنص المادتين المشار إليهما، تحصر حماية خصوصية الشخص من التصوير إذا كان في مكان خاص، لكن إذا انتفت هذه الصفة، والتقطت الصورة في مكان عام، فلا تمتد إليها الحماية القانونية، ولا توجد جريمة.

لكن اختلف الوضع كلياً الآن، وأنهى المشرع الإماراتي الجدل المتعلق بهذا الشأن في القانون الجديد لجرائم تقنية المعلومات، إذ تنص المادة (44) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على معاقبة كل من التقط صور الغير في أي مكان عام أو خاص بقصد الاعتداء على خصوصية شخص، أو حرمة الحياة الخاصة، أو العائلية للأفراد من غير رضا، بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تزيد عن 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وبناءً على ذلك، يمكن القول إنه بموجب هذا النص، واعتباراً من تاريخ العمل به في الثاني من يناير 2022، صار التصوير في الأماكن العامة انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة المصونة بموجب الدستور والقانون، إذا كان غرضه تتبع الشخص أو تصويره خلسة، مهما كانت دوافع ملتقط الصورة.

كما يجب أن نفهم من النص البديع للقانون الجديد أن التصوير في الأماكن العامة ليس محظوراً على إطلاقه، إذ يمكن لأي منا أن يصور نفسه، ويوثق اللحظات السعيدة التي يقضيها مع أسرته أو أصدقائه في الأماكن العامة الرائعة التي تنعم بها الدولة، لكن بشرط ألا تتجاوز الصور الإطار الذي يجب أن تظل فيه، فهناك آخرون يريدون الاستمتاع بالأماكن ذاتها في هدوء وطمأنينة، دون تطفل أو انتهاك لخصوصيتهم.

• التصوير في الأماكن العامة ليس محظوراً على إطلاقه.

مستشار قانوني أول

تويتر