آراء

محاكم.. فخ الاستدراج الإلكتروني!

قصة واحدة متكررة وأسلوب إجرامي صار مألوفاً، لكن لايزال مجدياً - بكل أسف - مع ضحايا يبدون كأنهم منفصلين عن الواقع، ووسائل الإعلام وحملات التوعية المختلفة التي تطلقها الأجهزة المعنية.

الحديث هنا عن جرائم الاستدراج الإلكتروني، خصوصاً تلك التي تستهدف الرجال، فالضحية يجوب شبكات التواصل الاجتماعي، ويقضي وقتاً طويلاً على تطبيقات التعارف، إلى أن يظن أنه وقع على صيد ثمين يتمثل في شابة حسناء، غالباً ذات ملامح أوروبية أو لاتينية، فتتجاوب معه بسرعة لا يمكن أن يتخيلها عاقل، لكنه يعتقد أنها وقعت في شباكه، إذا كان الحديث بينهما عن صداقة أو علاقة عاطفية، أو يلجأ إلى استخدام لغة المال، إذا كانت قد قدمت نفسها من البداية كمدلكة في أحد مراكز المساج.

ما يحدث لاحقاً أنها تعرض عليه الحضور إلى مقر سكنها أو عملها، فلا يتردد لحظة في القيام بذلك، وحين يصل إلى هناك يجد مفاجأة غير سارة في انتظاره تتمثل في أن محدثته امرأة أخرى مختلفة كلياً عن صاحبة الصورة الجميلة، كما يجد شركاءها الذين يعتدون عليه ويسرقونه بالإكراه، وربما يتمادون إلى تصويره وابتزازه حتى لا يلجأ إلى الشرطة.

لا شك أن ضحايا هذه الجرائم يتحملون جانباً من المسؤولية، لكنهم في النهاية يظلون ضحايا، وهكذا تتعامل معهم الأجهزة الأمنية والقضائية، لكن من الضروري أن ندرك جميعاً أن محترفي هذا الأسلوب الإجرامي يلعبون على الوتر النفسي للضحية، فتستخدم الفتاة المزيفة لغة بالغة النعومة، فتصل به إلى مرحلة الانبهار وعدم تصديق أنه سيحظى بهذه الحسناء، لذا حين تعرض عليه لقاءها لا يتردد في قبول ذلك، وهذا ما يسمى في علم النفس الجنائي بـ«المكافأة»، فيقع في الفخ وينسى كل التحذيرات التي ربما سمعها أو قرأ عنها!

من الضروري جداً عدم الخضوع لهؤلاء المجرمين حتى لو تجاوز الجرم إلى التصوير والابتزاز، وعلى الضحية اللجوء إلى الجهات المختصة التي توفر له الحماية والسرية التامة.

كما أن المشرع الإماراتي حرص على تشديد عقوبة هذه الجريمة، فبحسب نص المادة 344 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 «يعاقب بالسجن المؤقت كل من احتجز شخصاً أو حرمه من حريته بغير وجه قانوني بأي وسيلة سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا ارتُكب الفعل بطريق الحيلة أو صحبه استعمال القسوة أو التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو أعمال تعذيب بدنية أو نفسية أو إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو من شخص يحمل سلاحاً، أو إذا زادت مدة الخطف أو الحبس أو الحرمان من الحرية على شهر، أو إذا كان المجني عليه أنثى أو حدثاً أو كان الغرض من الفعل الكسب أو الانتقام أو الاعتداء على العرض».

• لا شك أن ضحايا هذه الجرائم يتحملون جانباً من المسؤولية، لكنهم في النهاية يظلون ضحايا.

مستشار قانوني أول

تويتر