آراء

نحو أسر مستقرة..

نادى الكثير من الدول في الآونة الأخيرة بأهمية القيم الأخلاقية في صقل شخصية الفرد، وتمكينه من التطور الصحي، ليتمكن ــ ذكراً كان أم أنثى ــ من إكمال مسيرة التنمية، والحفاظ على أمن وثقافة المجتمعات السائدة في بناء الأسر المستقرة. وأبدت الصين أخيراً تحفظها على متغيرات رصدت على الصفات والخصائص الذكورية بين الطلبة، ما استدعى إطلاقها مخططاً لتنمية الرجولة عبر سلسلة متكاملة من المبادرات، منها «مادة الرجولة»، التي ستكون جزءاً من المناهج التدريسية.

فهل بالفعل هناك حاجة تستدعي تطوير «خطط لتنمية الرجولة»؟ وماذا عن النصف الآخر (الأنوثة)؟ وأين الأسرة ودورها الأساسي والمحوري في الوقاية والتعامل مع التحديات الاجتماعية والأمنية المختلفة؟

تختلف الثقافات والعادات بين شعوب العالم، ولكن يتفق الجميع على أن الأسرة تلعب الدور المحوري في تشكيل وصقل شخصية الطفل منذ مراحل الطفولة المبكرة إلى سن البلوغ، وتشير الأبحاث إلى أن ممارسات الوالدين اليومية لها دور مهم في تعزيز إحساس الطفل بجنسه، وشعوره بالثقة بالنفس وبقيمة ذاته، ما ينعكس بشكل كبير على سلوكياته ومعتقداته، حتى إلى ما بعد مرحلة المراهقة، ووصولاً إلى مرحلة الزواج.

وكما هو متعارف عليه، فإن التنشئة الاجتماعية تبدأ منذ لحظة ولادتنا، انطلاقاً من السؤال الشائع الذي يطرحه المقربون: ولد ولا بنت؟

وتبدأ هنا الدروس الحياتية من أهم المعلمين، ألا وهما الأم والأب، اللذان يعملان على تعزيز إدراك الطفل لهويته الجنسية. وأثبت الباحثون في هذا المجال أن الصور النمطية عن الجنسين تترسخ عند الطفل، وتصبح هذه المعتقدات جزءاً من ذاته، من خلال المواقف والعادات التي يتعلمها من البيئة المحيطة به، التي تتمثل بالأسرة والأهل، ثم المدرسة والمجتمع.

ومن هذا المنطلق، يجب أن يحرص الآباء على استخدام أساليب التواصل والتفاعل الصحية مع أبنائهم الذكور والإناث، بدءاً من مراحل مبكرة، حتى ينعكس ذلك في رسم الصورة الذهنية المستقبلية والصحية للأسرة المستقرة. ولترسيخ مفهوم الاختلاف والتوقعات تجاه الجنسين، يتوجب على الوالدين لعب أدوارهم بطريقة تكاملية، توضح أهمية وخصوصية دور الأم والأب في إدارة العلاقة الأسرية، وكل ما يترتب عليها من مسؤوليات وواجبات.

وتأكيداً على أهمية دور الوالدين في التنشئة الاجتماعية، أفادت أبحاث العلم الحديث للجينات، بأن ضعف التربية الوالدية، خصوصاً عاطفياً، يعد أحد أهم العوامل التي تغير التركيبة الكيميائية للجينات عند الأبناء، والتي قد يمتد تأثيرها إلى 100 سنة، أي لخمسة أجيال مقبلة.

ومن هذا المنبر، نؤكد على أهمية تمكين الآباء وتثقيفهم حول أساليب التربية الوالدية الصحية، وأهمية تعزيز الهوية الجنسية عند الأبناء منذ مراحل مبكرة. ولنعمل معاً على تعزيز دور الأسرة في البناء، والاستثمار في جيل المستقبل.

- يتفق الجميع على أن الأسرة تلعب الدور المحوري في تشكيل وصقل شخصية الطفل.

مدير إدارة الأسرة والمجتمع

 

تويتر