آراء

الخصوصية بين القانون والشعارات البرّاقة!

جدل صاخب ثار حين أعلن عن مشاركة بيانات المشتركين في تطبيق «واتس أب» مع الشركة الأم «فيس بوك»، ورفع المعترضون شعار «لا لانتهاك خصوصيتنا»، والمتاجرة ببياناتنا، ولعل الإيجابي في الأمر هو استجابة إدارة «فيس بوك» لاحتجاجات المشتركين، وتراجعها عن قرار تعليق أو حذف حسابات الرافضين لمشاركة بياناتهم، وذلك بعد أن مُنيت بخسائر عنيفة، نتيجة انسحاب الملايين من تطبيق «واتس أب» الأكثر رواجاً إلى بدائل مثل «تيليغرام» و«سيغنال».

لكن، هل نحن مقتنعون فعلاً بأن خصوصيتنا محمية حتى في حالة عدم نقلها من «واتس أب» إلى «فيس بوك»؟!

أعتقد أن الحديث عن الخصوصية في هذا السياق نوع من العبث، فكل خبراء التقنية وأمن المعلومات يُجمعون على أن مجرد اتصالنا بالإنترنت يضع تلك الخصوصية على المحك، ويجب أن تتأسس قناعاتنا بعد هذه المرحلة حتى نحدد طبيعة المعلومات أو البيانات والصور التي يمكن أن نضحي بها، وتكون عرضة للانتهاك، دون أن تمثل تهديداً لنا!

من المؤكد أنك جربت أن تتحدث مع صديق لك عن سلعة ما، مثل حذاء أو ملابس أو ساعة، فتفاجأ بإعلانات على حساباتك في شبكات التواصل عن السلع ذاتها!

وخلال إبحارنا في الإنترنت تعجبنا أشياء، ونشارك الآخرين بالأخبار والصور، ونضيف تعليقاً، وندلي برأينا حول ما يجري في العالم، وبينما نرسل مشاعرنا، نتلقى مئات الأخبار والصور والإعلانات عن سلع نريدها أو نتحدث عنها، دون أن ندرك أن ما نتلقاه من إعلانات وأخبار موجهة ــ أحياناً ــ ترد بناء على الصورة التي رسمها لنا خبراء التسويق الرقمي، فشركات التكنولوجيا تعمل وفق خوارزمية اقتصادية غير تقليدية، تنقل كل أنشطتنا على الإنترنت إلى أجهزة تحليل رقمية، تحول كل بياناتنا إلى سلع دون أن ندرك ذلك!

وبالحديث عن الخصوصية، حرص المشرّع الإماراتي على توفير الحماية اللازمة بحسب المادة (21) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم (5) لسنة 2012، التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظاماً إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق الآتية: استراق السمع، أو اعتراض أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، أو التقاط صور الغير، أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها».

لذا نظل مسؤولين عن الحفاظ على هذه الخصوصية، وإدراك أن معظم التطبيقات التي نحملها على هواتفنا، تخترق كل شيء، الكاميرا، والميكروفون، وقائمة الاتصال، وبيانات الأصدقاء، والصور، والفيديوهات، وجميعنا يوقع على اتفاقيات تسمح لهم بذلك، دون أن نفكر في قراءتها، أو ندرك أن خصوصيتنا تقتصر فقط على كل ما نحتفظ به لأنفسنا بعيداً عن هواتفنا.. الذكية!

مستشار قانوني أول

 

تويتر