آراء

لا ضرر ولا ضرار

درجنا في هذه المساحة على عرض إحدى القضايا التى نظرتها المحاكم، وقضيتنا اليوم تتمثل بإيجاز في قيام شركتين برفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية تطلبان الحكم بثبوت ملكية الأولى لاسم وعلامة تجارية لنوع من «الشاي» موضوع الدعوى، مؤكدة تقليد المدعى عليهم للاسم والعلامة المشار إليهما، وبيع وتوزيع الصنف المقلد بطريقة غير مشروعة إضراراً بهما، وطالبتا بإلزام المدعى عليهم بالكف عن تقليد العلامة المذكورة ومزاحمتهما في استيراد وبيع وتسويق الشاي، وإعدام وإتلاف الكمية المحجوز عليها، وذلك تأسيساً على أن المدعية الثانية هي الوكيلة الحصرية للمدعية الأولى بالشركة المصنعة والموزعة لماركة الشاي موضوع الدعوى، والمالكة المسجلة للعلامة التجارية والاسم التجاري.

وبحسب القضية فإن المدعى عليهم قاموا بتقليد الشاي المذكور وأشكاله وطبعوا على غلافه اسم المصنع الأصلي، وعمدوا إلى تخزينه وعرضه للبيع وتوزيعه في السوق بقصد منافسة المدعيتين بطريقة غير مشروعة، إضراراً بسمعة وجودة الشاي.

وقضت محكمة أول درجة بثبوت ملكية المدعية الأولى للاسم والعلامة التجارية موضوع الدعوى، وثبوت تقليدها من قبل المدعى عليهما وكف منازعتهما لها سواء بالتقليد أو الترويج أو البيع أو الاستيراد أو التصدير، مع نشر الحكم في إحدى الصحف المحلية باللغتين العربية والإنجليزية على نفقتهما، لكنها رفضت طلب إتلاف البضاعة المقلدة لعدم وجود السند القانوني له، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم ونقضت محكمة التمييز الحكم جزئياً، إذ قضت بإتلاف الأغلفة المقلدة وليس المنتج نفسه على اعتبار أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد بأن ثمة مخالفة تعلقت بالشاي ذاته كمادة غذائية صالحة للاستهلاك الآدمي.

وتثير القضية عدداً من المسائل القانونية: أولاها أن تقليد العلامة التجارية يكون باصطناع علامة مطابقة أو مشابهة في مجموعها للعلامة الأصلية بدرجة يكون من شأنها تضليل جمهور المستهلكين، بسبب وقوع لبس بين العلامتين. وثانياً، وفق قواعد الأصول الفقهية في الشريعة الإسلامية فإنه لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال وفق ما نصت عليه المادة 42 من قانون المعاملات المدنية، ويجوز للقاضي تبعاً للظروف وبناء على طلب المتضرر أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار مما مؤداه أن له الحق في طلب إصلاح ما لحق به من ضرر عيناً، وذلك عن طريق إزالة المخالفة التي وقعت من مرتكب الفعل المخالف، لذا قضت المحكمة بإتلاف الأغلفة التي ثبت أنها مقلدة.

وتبقى مسألة أخيرة هي أن أوراق الدعوى متى خلت مما يفيد بأن ثمة مخالفة تعلقت بالبضاعة نفسها فلا يجوز إتلافها، إذ لم تقدم بينة تثبت أن الشاي المعبأ كمادة غذائية غير صالح للاستهلاك الآدمي، لكن لا يعني ذلك السماح بتسويقه باسم مقلد خلافاً للحقيقة وإلا كان من يقوم بذلك عرضة للملاحقة القانونية.

تويتر