آراء

السقوط من القمة.. بعد رحلة كفاح

بدأ المتهم في قضيتنا حياته عاملاً بسيطاً في أحد المحال التجارية واجتهد حتى عرف كل أسرار المهنة، واستكمل دراسته عن بُعد، عبر الإنترنت وبدأ مشروعاً خاصاً بفتح محل تجاري ثم صار رجل أعمال ناجحاً وأنشأ سلسة من المشروعات التجارية المتعددة، ودخل في شراكة مع أحد أصدقائه وحالفهما التوفيق فتوسعا في العمل وحققا أرباحاً كبيرة.

لكن ما لبث أن دبّ الخلاف بينهما بسبب طمعه في مال تحصل عليه صاحبه من بيع أسهم في أحد المشروعات خارج نطاق الشراكة، فطالب بأن يكون له نصيب من ذلك المبلغ، ولما قوبل طلبه بالرفض عمد إلى الكيد لشريكه، فباع جزءاً من أسهمه في المحل التجاري لغريم صاحبه، وخصمه في قضية تجارية، ليدخل كشريك ثالث معهما ولم يكتفِ بذلك بل ساند وساعد الغريم في اتهام صاحبه بخيانة الأمانة والاختلاس وتبديد أموال الشراكة وتحويلها لمصلحته الشخصية.

ولما كانت التعاملات بين الطرفين تتم في كثير من الأحيان بمبدأ الثقة ودون الانتباه لضرورة توثيقها بشكل قانوني، انتدبت المحكمة خبيراً حسابياً مختصاً لبحث النزاع بين الطرفين والاطلاع على حسابات الشراكة والمستندات المتوافرة والاستماع إلى الشهود للتوصل إلى حقيقة ما تم من تعامل ومدى صحة الادعاء بوقوع تجاوز مالي وخيانة للأمانة. وخلص الخبير في تقريره إلى سلامة التصرفات التي تمت بعد أن استوثق من صرفها لمصلحة الشراكة وعدم تحويلها للمنفعة الشخصية، فقضت المحكمة بتبرئة المتهم من خيانة الأمانة واختلاس مال الشراكة وتحويله لمنفعته الشخصية.

تثير القضية موضوعاً كان عاملاً حاسماً للكثير من القضايا وهو نظام الخبرة، فمن المعلوم أن كثيراً من القضايا تحوي أموراً فنية وتفاصيل غاية في الدقة تتطلب الاستعانة بخبراء مختصين، كلٌ في مجاله، للبحث والتنقيب في أوراق القضية وما تحتويه من مستندات ومن ثم إعداد تقرير فني يعين المحكمة للوصول إلى القرار الصائب والعادل. وأعطى قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، المحكمة، الحق في ندب خبير أو أكثر من بين موظفي الدولة أو من الخبراء المقيدين في جدول الخبراء للاستنارة برأيهم في المسائل التي يستلزمها الفصل في الدعوى، وتقدر المحكمة الأتعاب التي يستحقها الخبير، والتي تعرف قانوناً بأمانة الخبرة والخصم الملزم بسدادها، وإذا ما اتفق الخصوم على اختيار خبير أو أكثر أقرت المحكمة اتفاقهم، وإن توافرت أي أسباب ترجح عدم استطاعة الخبير أداء مهمته بحياد ودون تحيز، جاز للخصوم التقدم بطلب لرد ذلك الخبير مع ايضاح الأسباب الداعمة للطلب من قبيل كونه قريباً أو صهراً أو وكيلاً لأحد الخصوم أو سبق له العمل مع أحد الخصوم أو كانت له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت بعد تعيين الخبير وبقصد ردّه عن المأمورية. أعطى القانون الحق للمحكمة في عدم التقيد بتقرير الخبير، فلها أن تتبنى كل أو بعض ما جاء في التقرير تسبيباً ونتيجة ولها أن تقضي بخلافه، ولكن إن قضت بخلافه، فعلى المحكمة أن تبين في حكمها الأسباب التي دعتها إلى عدم الأخذ بكل أو بعض ما أورده الخبير في تقريره.

محامٍ

 

تويتر