آراء

المتنمر.. ومصيره!

إنسان تكمن في نفسه غرائز شريرة تلبي احتياجاته، فهو يبحث عن إشباعها وتحقيقها، وهذا شعور خفي يظهر عندما تتوافر أمامه فريسة سهلة تناسب غرائزه باختلاف أنواعها، نتحدث هنا عن شخصية المتنمّر.

التنمّر سلوك غير سوي يخالف القواعد والأصول والأعراف الثقافية والاجتماعية والأخلاقية، وهناك أسباب عدة تجعل الإنسان متنمراً، لكننا لن نحلل أو نتعقب كل هذه الأسباب، ونركز هنا على البيئة التي تفرز ذاك الشخص، لتحديد ما إذا كانت الحاجة أم التربية أم تغيير الظروف والأحوال، أم الطبيعة المجبول عليها هي العوامل الرئيسة التي تقف وراء تكوينه.

المتنمّر يسعى دائماً لتحقيق ذاته على حساب الآخرين، ولا يكل أو يمل للوصول إلى فريسته بشتى الطرق، خصوصاً غير المشروعة، حتى لا يحول بينها وبينه حائل، ولإدراكه أن ما يقدم عليه غير مشروع في الأساس لا يهدأ له بال ويظل مضطرباً برغبته المتنمرة، بصرف النظر عن طبيعتها أو نوع الضحية التي يستهدفها.

والمتنمّر يتخذ عادة أساليب عدة لتحقيق رغبته، دون أن يدرك أن هناك من يراقبه ويلاحظ تصرفاته، نظراً لانشغاله فقط بفريسته الذي يتنمّر بها.

وبشكل تدريجي يدرك المحيطون به طبيعته المنفرة، فيحتاطون منه ويأخذون حذرهم، وبالتالي يفقد أصحابه واحداً بعد الآخر في طريق حصوله على فريسته، وحتى بعد الوصول إليها يواصل خسارة المحيطين به بغضاً فيه وكراهية في تصرفاته، لكنه يواصل عناده، ويتملكه الغرور، وازدراء الجميع، وتتضاعف نظرة الاستعلاء لديه، فيتقمص دور الزعيم المستخف بالآخرين.

وفي المرحلة التالية، تصبح سلوكيات المتنمّر أكثر خطورة وعنفاً، لأنه يريد أن يبرهن للآخرين بقدرته على القيام بأعمال يعجزون عنها، ولا يقدرون عليها، حتى تحدث الطامة الكبرى، ويتجه إلى تعاطي المخدرات، من باب أنه مختلف، وشجاع وأكثر قدرة على تجربة ما يخافه غيره، فضلاً عن رغبته في الهروب من نظرات المجتمع الذي وضعه تحت مجهر التمرد.

وسرعان ما يتحوّل هذا المتنمر إلى مدمن أو زعيم عصابة أو تاجر سموم، محققاً بذلك رغبته في التنمر حيال الذين رفضوه ونبذوه خارج مجتمعهم.

ولأن غايته إخضاع وتدمير من هم دونه، في إطار نظرته الاستعلائية للآخرين، ولإثبات أنه أقوى من الذين لم يقدروا مواهبه وأفكاره وطموحاته الشاذة، يتمادى يوماً بعد يوم إلى أن يصل إلى درجة العداوة مع أفراد مجتمعه، فيبحث عن كيفية تدميرهم، بإيقاع أكبر عدد منهم تحت سيطرته بشتى السبل، ومنها المخدرات، فيحاول جرهم إلى التعاطي لضمان استمرار نفوذه عليهم لأطول فترة ممكنة، متشبعاً بالكراهية والحقد والغضب والشعور بأنه أفضل من الجميع.

ويواصل المتنمّر هذا النمط المتكرر من السلوكيات الكريهة، إلى أن يجني على نفسه ويكتب نهايته بيديه فيسقط في الهاوية.

نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي

تويتر