آراء

مواكبة القوانين للتطور التكنولوجي

لا شك أن الطفرة الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات أدت إلى تغييرات جوهرية في مختلف أنماط الحياة، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات، وأنتجت نوعاً جديداً من الاقتصاد يعرف بالاقتصاد الرقمي، الذي ألغى كل الحدود والحواجز أمام تدفق المعلومات والسلع والخدمات وحركة رؤوس الأموال من وإلى أي نقطة في العالم، وتعد الإمارات من نماذج الدول التي قطعت شوطاً جيداً في هذا الاتجاه.

وبالنظر إليها كنموذج، يتبين مدى نضج الحكومة الرقمية التي تمتلك كياناً تشريعياً راسخاً، ونظاماً قضائياً يتمتع بقدر كبير من المرونة التي تتيح مواكبة تطور المجتمعات وتغير أولوياتها، ويمثل نموذجاً يحتذى من قبل دول المنطقة، فقد تغلبت على تحديات كبيرة، حتى تمكنت من تطوير الجهاز القضائي وقطاع الخدمات في المحاكم والنيابات، وتطوير التشريعات والخدمات القانونية بما يواكب أفضل الممارسات العالمية، وتعزيز الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الدولة في المجالات القانونية والقضائية بتقديم خدمات وفق أعلى معايير الجودة والكفاءة والشفافية، إلى جانب حماية المعلومات السرية للمستخدمين، وعدم التغول عليها من قبل الشركات، وإجبار شركات التكنولوجيا الكبرى على تعديل اتفاقيات الخصوصية والبيانات بشكل واضح لتصبح متوافقة مع القانون، منعاً لاستخدام البيانات لتحقيق مصالح الشركات دون علم أو إذن أو موافقة العملاء المستخدمين، وهو ما يشير إلى قوة القانون، وقدرته على ردع الشركات في عدم استغلال البيانات والمعلومات السرية.

وشهدت القوانين الإماراتية نقلة نوعية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وطبقت أنظمة حديثة في محاكم الدولة، واعتمدت أفضل التقنيات في جانب إعلان التقاضي، ما أسهم في تقليص أمد التقاضي لمعدلات عالمية.

كما تم النص على مجلس الوزراء كمصدر لسن القوانين، وكان الهدف من ذلك إيجاد المرونة الكافية، ومواكبة سرعة التطور الذي يشهده العالم في جميع المجالات، وذلك بدلاً من اللجوء إلى تعديل القانون من خلال «مشروع قانون جديد»، كما أعطى القانون لمجلس الوزراء الآلية اللازمة للتدخل بإصدار اللوائح التنظيمية التي يمكن إلغاؤها أو تعديلها بصفة مستمرة، مع المحافظة على استقرار القوانين.

تجدر الإشارة هنا إلى أن محاكم دبي كانت قد أطلقت أول تطبيق ذكي من نوعه على مستوى المحاكم في العالم، واستطاعت تحويل خدماتها بنسبة 100% إلى خدمات ذكية، من خلال خدمات متنوعة للأفراد بضغطة زر، وهو ما أهلها للفوز بالمرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل 10 محاكم على مستوى العالم. ففازت بجائزة «TOP 10 COURTS» في مجال تطبيق الحلول التقنية في العمل القضائي، ويعد التحول الذكي من أهم الأسباب التي أدت إلى وصولها إلى هذه المرتبة الرفيعة.

ختاماً نقول، إن القوانين تضبط علاقات المجتمع ببعضه بعضاً، وتحافظ على حقوق كل فئة من فئاته، لذا فإن تسهيل الحصول على الخدمات التي تقدمها المحاكم التي تطبق هذه القوانين يسهم في توفير البيئة المثلى للقضاء لينجز عمله ويفصل في القضايا بفاعلية وسرعة وتطور وعدالة، الأمر الذي يسهم بلا شك في رفع مستوى ثقة الأفراد بالنظام القضائي.

تويتر