آراء

المدارس العلاجية.. حل مقترح لجنوح المراهقين

كاد الأبوان من كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية أن يفقدا الأمل في أن يرجع ابنهما «فرانك»، الذي يبلغ من العمر 15 سنة، إلى الحياة من جديد شخصاً سوياً وسعيداً، في ظل معاناته مشكلات سلوكية عدة، منها العدوانية والعنف والتدخين، إضافة إلى تدني مستواه الدراسي، ثم جنوحه إلى تعاطي المخدرات، وحبسه أشهراً، وعودته للتعاطي.

وبعد بحث مطول، وجدت والدة «فرانك» مدرسة علاجية متخصصة، هدفها الرئيس معالجة السلوك المضطرب في بيئة توفر الرعاية الصحية والخدمات الأكاديمية بجودة عالية، على أسس ومبادئ عدة، أبرزها الاحترام، التعاطف والحب، لتمكن المراهقين من العودة إلى أسرهم ومجتمعاتهم بنجاح.

تعتمد بعض الدول، مثل الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وأستراليا، والمملكة المتحدة، نماذج مختلفة من «المدارس العلاجية البديلة» لإعادة تأهيل وتمكين المراهقين، الذين يعانون مشكلات سلوكية تؤثر بشكل كبير في صحتهم وحياتهم الاجتماعية.

تم تصميم هذه المدارس وفقاً لمجموعة من العوامل، مثل الفئة العمرية، ونوع وطبيعة المشكلات السلوكية التي يعانيها الطالب، مثل الإدمان على المواد المخدرة، والميول الانتحارية، التي تستلزم نقل الطالب لفترة زمنية يتم تحديدها من قبل الفريق العلاجي إلى تلك المدارس المتخصصة، التي توفر الخدمات الأكاديمية والعلاجية والتأهيلية في آن واحد. وصُمم العديد منها بنظام المدارس الداخلية، لتوفير احتياجات الطلبة العلاجية والتأهيلية.

وبالنسبة لـ«فرانك»، وبعد تقييم حالته واحتياجاته، تم إلحاقه بمدرسة داخلية علاجية لمدة 18 شهراً، وكانت تتميز عن غيرها من المدارس بفلسفتها التي تتمحور حول توفير خدمات للمراهقين باستخدام أساليب مبتكرة، مثل الاستعانة بالخيل في التقنيات العلاجية، واستخدام تقنيات تفاعلية مع البيئة المحيطة، كالجبال والبحر، إضافة إلى وجود فريق من مختلف التخصصات العلاجية النفسية والإرشادية والأكاديمية، الذي كانت إحدى مهامه وضع خطة دعم فردية لكل حالة. وتتميز هذه المدرسة بجعل الأسرة جزءاً أساسياً من الخطة العلاجية والتأهيلية، لضمان تعافي الأبناء، والتقليل من انتكاسهم بعد انتهاء المدة العلاجية، وها هو «فرانك» إحدى قصص النجاح الواقعية، بعد انتهاء فترة علاجه، وتجاوزه لمشكلاته.

وعلى الرغم من الحاجة إلى إجراء دراسة مستفيضة للوضع الراهن في ما يخص المشكلات السلوكية للمراهقين في الدولة، ومراجعة كل الأدلة العلمية عن فعالية المدارس العلاجية، يا ترى هل ستكون هذه المدارس أحد الحلول المتاحة للمراهقين أصحاب المشكلات السلوكية في دولة الإمارات، التي لم تتمكن مؤسسات التعليم الاعتيادية من تقويمها ومعالجتها، وأثرت بشكل رئيس في هؤلاء الطلبة وقدرتهم على التعلم ومسار حياتهم بشكل عام؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فهل سنكون كأفراد ومؤسسات داعمين لهذا النموذج الجديد؟ الذي قد يكون أحد الحلول البديلة لتجنب انحراف وجنوح المراهقين، وقد يكون مع بعض الحالات الحل المبتكر لصناعة المراهق الناجح.

تويتر