عواقب إساءة وسائل التواصل الاجتماعي

منذ قرن أو يزيد وحين توصل العلم إلى تقنية البرق أو الهاتف، اعتقدت الدول والشعوب أن هذا هو ذروة الإبداع في مجال الاتصالات التي تساعد الأشخاص على التخاطب من مسافات تقدر بآلاف الأميال، ولم يكن بمقدورهم تصور أن سبل ووسائل الاتصالات الحديثة قادمة على نحو جعل الكرة الأرضية بقاراتها وبلدانها المتعددة عبارة عن قرية كونية صغيرة.

لتقنيات الاتصالات الحديثة دورها الإيجابي في حياة الشعوب، لكن لها دور سلبي كذلك، وهو أثر مترتب على إساءة استخدامها، خصوصاً في انتهاك الحياة الخاصة وغيره من مئات الجرائم التي تتطور باستمرار.

الحقيقة أن صور إساءة استعمال تقنيات الاتصال الحديثة زادت بشكل ملحوظ، ما دفع المشرع في معظم البلدان الأوروبية والعربية إلى إصدار قوانين جديدة تجرم هذه الأفعال، وتعد الإمارات من أولى الدول التي أصدرت قوانين مكتملة في هذا الشأن. والحماية الجنائية لتقنيات الاتصالات الحديثة يجب أن تتناول حماية الأشخاص من صور إساءة استعمال هذه التقنيات، فضلاً عن حماية وسائل التكنولوجيا الحديثة للاتصالات حتى تؤدي خدماتها للمجتمع، بالإضافة إلى حماية النصوص والمكالمات المتداولة عبر هذه الوسائط، وثمة آثار قانونية مترتبة على إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نصت المادة 21 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات الإماراتي على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مائة وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بواحدة من هذه الطرق: استراق السمع أو اعتراض أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية أو التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، وتشمل كذلك نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة أو حقيقية. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد بقصد التشهير أو الاساءة إلى شخص آخر أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها». واستناداً إلى ذلك يردع القانون كل من يسيء للآخرين عن طريق وسائل الاتصالات ويقوم بإزعاجهم ومضايقتهم من خلال المكالمات الهاتفية أو إرسال الصور أو النصوص التي تؤذي مشاعرهم عبر تقنيات الاتصالات الحديثة، ويعرض نفسه للمساءلة، ومما لا شك فيه أن هذه التصرفات تنطوي على إخلال واضح بالأغراض النبيلة التي يجب استعمال تقنيات الاتصال الحديثة فيها.

 

تويتر