آراء

«أنا وأنت والقانون»

«لا يعذر أحد لجهلهِ بالقانون» عبارة تتردّد دون أن ندرك معناها أو بالأحرى المقصود منها، ولعل اختياري لها في مستهل حديثي، مقصود لذاته، فهي السبب والمرتكز وراء كتابتي لهذه الكلمات ووراء الإعداد لفكرة هذا المقال، وما قد يليه بإذن الله تعالى في السياق ذاته.

القانون كالماء والهواء

بالنسبة لنا جميعاً، لا

يمكن الاستغناء عنه

ولا الجهل به أو الغلط

في فهم نصوصه.

فالقانون كالماء والهواء بالنسبة لنا جميعاً لا يمكن الاستغناء عنه ولا الجهل به أو الغلط في فهم نصوصه، ففي الأولى انهيار لضوابط وحدود المجتمع، فلا يمكن تصور مجتمع ما دون أن يكون له قواعد قانونية تحكم تصرفات أفراده، وفي الثانية إهدار لحقوق أفراد المجتمع، فمن غير المقبول أن يتذرع أحد أفراد المجتمع بأنه لا علم له بالقاعدة القانونية، والسير على نهج يخالف ذلك قد يمكن الكثيرين من داخل المجتمع من الإفلات من أحكام القانون الذي يحكمه بحجة الجهل به بما يفقده القدرة على تحقيق العدالة، وهذا ما سيؤدي إلى تجريد القانون من وظيفته الاجتماعية، وفي هذا نقيصة ترفضها الطبيعة البشرية وتأباها التشريعات القائمة.

ومن هذا المنطلق، ولكي يكون للقارئ نصيب من المعرفة القانونية وتطبيقاً للقاعدة سالفة الذكر، فإنه لا يغني الادعاء بعدم العلم بالقاعدة القانونية التي جرمت السلوك، فالعلم بالقانون وقواعده علم مفترض لا يقبل إثبات العكس، فلا يحق أن تدفع بالجهل بالقاعدة القانونية، إذ يقابل هذا الدفع قاعدة قانونية راسخة في القانون عموماً وقانون العقوبات خصوصاً، وفقاً لنص المادة 42 من هذا القانون، التي نصت على أنه «لا يعتبر الجهل بأحكام هذا القانون عذراً»، (تمييز دبي الطعن رقم 2017 /‏‏‏ 39 جزاء).

فلا يحق مثلاً أن يتذرع الشخص بجهله بأحكام قانون الجنسية والإقامة رقم 6 لسنة 1973 وتعديلاته، وأنه لن يتصل بعلمه مثلاً أن عمله لدى غير الكفيل مجرم قانوناً، وأن ذلك جهل بالقانون لا يسأل عنه، إذ إنه يفترض علم كل من يوجدون على إقليم الدولة بالقانون.

وكثيراً من الأحيان يعتقد البعض أن العمل لدى غير الكفيل أثناء السير في إجراءات تصريح العمل، وأنه طالما قدمت الطلبات والمستندات أمام الجهات المختصة، فإنه يحق للعامل أن يعمل لدى صاحب العمل في هذه الفترة البينية وهذا خطأ شائع لا يُعذر أحد بالجهل به، وبشكل عام، فإن البعض يهمل أحياناً في محاولة فهم القانون أو الدراية معتقداً أن أفكاره الخاصة وتفسيراته لبعض الأمور قد تتسق مع القانون وهذا تقصير لا يعتد به أمام القضاء، لذا تظل هناك حاجة إلى معرفة القانون من قبل جميع أفراد المجتمع.

مستشار قانوني

alhayyas@gmail.com

 

تويتر