آراء

وقف تنفيذ العقوبة

المحامي علي مصبح

لعل قانون العقوبات الاتحادي قد أبرز جميع العقوبات بحسب الجرائم المنصوص عليها، ومن ذلك نص المادة (83 إلى 86) بشأن وقف تنفيذ العقوبة، ولا شك في أن نظام وقف تنفيذ العقوبة يعد من الأنظمة الحديثة التي أخذت بها معظم التشريعات، بحيث يهدف إلى منع المحكوم عليه من عقوبة سالبة للحرية، إذ يعلق تنفيذ العقوبة فور صدور الحكم بها على شرط واقف خلال فترة اختيار يحددها القانون، فإذا انقضت هذه المدة ولم يتم إلغاء إيقاف تنفيذ العقوبة سقط الحكم واعتبر كأنه لم يكن.

فإذا ارتكب المحكوم عليه ذات الجريمة خلال فترة الوقف المحكوم بها، يلغى هذا الإيقاف وتنفذ العقوبة المشمولة بالوقف مع العقوبة الجديدة المقضي بها، ما يشير إلى أن المشرع قصد من هذه النصوص اعتبارات خاصة بالمحكوم عليه، كأن يكون المحكوم عليه ليس لديه أي ميول إجرامية، وليس من أصحاب السوابق، كما يساعد المحكوم عليه في عدم الاندماج مع المحكوم عليهم من أصحاب السوابق، وحتى لا يتولد لديه السلوك الإجرامي في حال تم تنفيذ عقوبة الحبس عليه.

ويهدف وقف تنفيذ العقوبة إلى معاملة كل مجرم حسب الوضع الذي يقدره قاضي الموضوع، وبما يتلاءم مع شخصية المجرم وظروفه، وقد حدد نص المادة (83) من قانون العقوبات الاتحادي شروطاً عدة لوقف تنفيذ العقوبة، إذ تنص على أن «للمحكمة عند الحكم في جريمة بالغرامة غير النسبية أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في الحكم بوقف تنفيذ العقوبة، إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى ارتكاب جريمة جديدة».

وعلى ذلك يتطلب القانون لوقف تنفيذ العقوبة شرطين، الأول متعلق بالمحكوم عليه، وهي من المسائل التقديرية للقاضي، حيث ترى المحكمة من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على بالاعتقاد أنه لن يعود إلى الجريمة مرة أخرى، حيث تبحث المحكمة الباعث والظروف التي أدت إلى ارتكاب الجريمة، ومع ذلك الصحيفة الجنائية للمحكوم عليه، وأنه ليس من أصحاب السوابق.

أما الشرط الثاني فهو متعلق بالعقوبة، حيث حدد المشرع نطاق تطبيق العقوبة، وهي الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة، وعقوبة الغرامة غير النسبية، كما شمل العقوبات الفرعية عدا المصادرة، وينطبق إيقاف التنفيذ على كل الجرائم، سواء كانت جنايات أو جنحة أو مخالفة، لاسيما أن نص المادة لم تحدد نطاق التطبيق، بل جاء النص بصيغة العموم.

أما إذا كانت العقوبة مشتملة على الحبس والتدبير كالإبعاد، فيكون الحكم مشمولاً على وقف تنفيذ الحبس، عدا عقوبة الإبعاد، وذلك تطبيقاً لنص المادة (131) من قانون العقوبات على أنه: «لا يجوز الأمر بوقف تنفيذ التدابير»، والمقصود بها تدبير الإبعاد عن الدولة.

وينهي وقف تنفيذ العقوبة في حالتين، أولهما ارتكاب المحكوم عليه ما يبرر إلغاء وقف التنفيذ خلال مدة الوقف، أما الثانية فإذا ظهر خلال فترة وقف التنفيذ (ثلاث سنوات) أن المحكوم عليه قد صدر ضده حكم قبل الأمر بوقف تنفيذ العقوبة ولم تكن المحكمة قد علمت به.

تويتر