آراء

مركز الإمارات للتحكيم البحري

القاضي الدكتور جمال السميطي

أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي «مركز الإمارات للتحكيم البحري»، وهذا المركز سيُعنى بتطوير وتنظيم تنافسية الإمارة وتعزيزها كمركز بحري عالمي.

يتم اللجوء إلى التحكيم في العقود البحرية إما عن طريق اتفاق مسبق في بند من بنود العقود، أو أن يكون الاتفاق على التحكيم بعد حدوث النزاع، وهو ما يسمى بمشارطة التحكيم.

عُرف التحكيم البحري بكونه نظاماً قانونياً لحل المنازعات البحرية منذ القدم، إذ يرجع إلى عصور روما القديمة في القرن السابع قبل الميلاد، وتبوأ مكانته في العصور الوسطى لازدهار التجارة البحرية بين الشعوب ونشوء موانئ مهمة على بحر الشمال وبحر البلطيق.

كان التحكيم في المنازعات البحرية التي تنشأ حين تنفيذ هذه العقود بكل أنواعها هو الوسيلة التي ارتضاها المجتمع الدولي والعاملون في هذا المجال لتسوية تلك المنازعات بعيداً عن سلطة المحاكم، فالتحكيم يساعد المتعاملين في هذا الحقل على الحفاظ على عنصر السرية في معاملاتهم خشية المنافسة أو تأثير الغير من المتعاملين معهم أو الموانئ أو الوكالات البحرية، إذا ما تم الإعلان عن هذه المنازعات على الملأ في حال اللجوء للقضاء العادي، هذا فضلاً عما يتميز به التحكيم في العقود البحرية من خصوصية فنية وتقنيّة تتعلق بطبيعة المسائل والموضوعات التي يثار فيها النزاع في العلاقات البحرية التي تبنى أساساً على الأعراف البحرية المستقرة، سواء في مجال النقل البحري والشحن والتخزين والتفريغ، أو في مجال التأمين البحري وبناء السفن وإصلاحها وحجز السفن، وكل ذلك يتطلب محكّمين ومحامين تتوافر فيهم الخبرة الفنّية والإلمام التام بالمسائل البحرية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالعقود البحرية.

ويتم اللجوء إلى التحكيم في العقود البحرية، إما عن طريق اتفاق مسبق في بند من بنود العقود، أو أن يكون الاتفاق على التحكيم بعد حدوث النزاع وهو ما يسمى بمشارطة التحكيم. وعادة ما يكون التحكيم في منازعات العقود البحرية تحكيماً مؤسسياً، كجمعية المحكّمين البحريين بنيويورك أو جمعية المحكّمين البحريين في لندن أو غرفة التحكيم البحري في باريس أو المنظمة الدولية للتحكيم البحري. وقد أقرّت محاكم الدولة في العديد من أحكامها جواز الاتفاق على التحكيم في العقود البحرية اعترافاً منها بأن هذا الطريق الاستثنائي لا ينتقص من سيادة الدولة.

إن مركز الإمارات للتحكيم البحري ما هو إلا مبادرة لتحقيق العدالة في المجتمع، فضلاً عن تحقيق أحد الأهداف الاستراتيجية للدولة، خصوصاً في ما يتعلق بالهدف الاستراتيجي المتمثل في إيجاد وسائل بديلة لحل المنازعات بعيداً عن القضاء وتخفيفاً عن الأخير.

مدير عام معهد دبي القضائي

تويتر