آراء

قانون كبار السن

المحامي علي مصبح

لعلنا طالعنا أو سمعنا خبراً في إحدى الدول الخليجية عن وفاة سيدة منذ ثمانية أشهر في غرفتها من دون علم أحد، على الرغم من سكن أبنائها في البيت نفسه.

الواقعة الثانية، التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية في الدولة، اعتداء خادم على شخص كبير في السن مكلف بخدمته ورعايته.. انتهى الخبر.

«يُربى الولد منذ النشأة على احترام الكبير والعطف على الصغير، تماشياً على هذه القاعدة حتى صارت فرضاً على كل فرد من شعب الإمارات».

ويثور تساؤل: ما ذنب كبار السن في التعرض لهذه المواقف التي يندى لها الجبين؟ صحيح أن البعض لم يقصر في رعاية والديه، لكن هل راقبنا من هو مكلف بالرعاية والمتابعة عليهم بمن فيهم الخدم؟ فلو راجعنا نصوص الشريعة الإسلامية لوجدناها تحث وتلزم ببرّ الوالدين، وتوقير كبير السن، ولو راجعنا عاداتنا وتقاليدنا في دولة الإمارات فهي أول ما يوصي برعاية واحترام وتوقير كبير السن، وهذا ما تعارفت عليه قيمنا وأعرافنا حيث يربى الولد منذ النشأة على احترام الكبير والعطف على الصغير تماشياً على هذه القاعدة، حتى صارت فرضاً على كل فرد.

إن الواقعة التي تداولتها وسائل الإعلام بشأن جريمة الاعتداء على شخص مسن، مرتكبها أجنبي ليس له علاقة بعاداتنا ولا قيمنا، وفقط الأسس التي حثت عليه ديانته بأدبيات الأخلاق، على الرغم من أنه مؤتمن ومكلف برعاية وعناية هذا الشخص المسن الذي ليس له حول ولا قوة، فانتهز فرصة خلو المنزل من الأفراد وعكف على الاعتداء عليه، ليس لفعل ارتكبه المسن المسكين لكن فقط لطلبه تلبية حاجاته التي هي سبب حضوره إلى الدولة، وكانت هذه النتيجة، لولا فطنة أبناء هذا الشخص المسن في زرع كاميرا مراقبة، لن يتم اكتشاف هذه الجريمة البشعة وربما وصلت الحال إلى الأسوأ، لكن قدر الله و ما شاء فعل. أما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق في مثل هذه الواقعة فهو قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنه 1987 وتعديلاته، وتحال بتهمة الاعتداء المعاقب عليها بالحبس الذي لا تزيد مدته على سنتين وبالغرامة أو بالعقوبتين معاً، وربما يثور تساؤل هل هذه العقوبة تشفي غليل من شاهد لقطة الاعتداء، وتحديداً أهله؟

ولقد أسعدنا دور وزارة الشؤون لسن قانون يحمي كبار السن، حسبما نشر في الصحف المحلية، وأتمنى من القائمين على ذلك تشديد العقوبة على كل من تسول له نفسه للاعتداء أو الضرر بأي شخص كبير السن، خصوصاً من هو مكلف برعايته، ووضع الأسس التي توضح المسؤولية التقصيرية في حال عدم مراعاة المعني بالقانون والتقصير في حقوقه سواء ذويه أو المكلف برعايته.

فكبار السن هم من علمونا وربونا وسهروا من أجلنا، فيجب أن نرد لهم الجميل ونعطيهم أكثر مما قدموا، وتطبيقاً لحديث النبي الكريم، عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تويتر